مقالات وآراء
لإعادة جسور الحميمية التي هدها الزمن

كلام الناس
نورالدين مدني
* طلبتْ مني عبر (الإيميل) أن أكتب لها رقم هاتفي لأنها تريد أن تتكلم معي مباشرة عن “مشكلتها” مع زوجها التي قالت : إنها احتملت الحياة معه أكثر من ثلاثين عاماً ، لم أتردد في كتابة رقم هاتفي وسرعان ما اتصلت بي في نفس اليوم.
*عرفتني بنفسها ، وقالت : إنها الآن تعيش مع أسرتها في إحدى الدول الأوروبية ذكرتها لي ، وأضافت قائلة : إن حق المرأة في هذه البلاد محفوظ ومحمي بالقانون لكنها لا تريد أن تشكوه بل هي حريصة على “سترة الحال”.
* قالت : إن زوجها طبيب معروف ولديها منه بنتان وولد، كلهم- الحمد لله- شبّوا عن الطوق ، الكبرى تزوجت وتعيش مع أسرتها الصغيرة معهم هناك ، والثانية تخرجت في كلية الهندسة والآن هي موجودة معهم ، أما أحمد آخر العنقود فما زال يدرس في الجامعة في الخرطوم.
* تواصل صاحبتنا التي لم أسألها عن اسمها سرد حكايتها قائلة : إنها لاحظت تطورات غريبة في سلوك زوجها ، وأن الذي أقلقها أكثر انشغاله طوال فترة وجوده في البيت بالـ “آي باد” وإدمانه “الواتساب” بصفة خاصة ، الأمر الذي أدخل الشك في سلوكه هذا.
* أقسمت لي بأنها ليست من النساء اللاتي يتجسسن على موبايلات أزواجهن ، لكنها ذات مرة وجدت صورة لامرأة معروفة متزوجة ولديها أولاد ، ومضت صاحبتنا قائلة : لم أستغرب الأمر في البداية لكنني لمحت بعض عبارات الغزل المكتوبة مع الصورة ، عندها واجهته وطلبت منه أن “يعقل” ويقطع علاقته بهذه المرأة لكنه رفض كلامي.
* ذات مرة احتدّ النقاش بيننا حول مسلكه هذا ، وقال لي بالحرف الواحد : إذا أنت دايرة الطلاق .. بطلقك؟!!، واسترسلت قائلة: أنا من الذين يتابعون “كلام الناس” خاصة يوم السبت لذلك لجأت لاستشارتك لتدلني ماذا أفعل؟.
* شكرتها وقلت لها : أنصحك بالصبر على زوجك فهو ليس وحده من يعاني من حركات المراهقة المتأخرة ، التي يحب فيها كبار السن أن يعاملوا كالأطفال الصغار الذين يحتاجون إلى الحنان والكلمة السمحة و”الهدهدة”.
* أوضحت لها أن كلامه عن الطلاق كان في صيغة سؤال ولم يرم عليها الطلاق ، وقلت لها : من حقك بل من واجبك الدفاع عن أسرتك والمحافظة عليها ، وهذا يتطلب منك تهيئة المناخ الأسري الصحي المعافى من المنغصات.
* طلبت منها عدم إثارة هذا الكلام لا معه ولا مع غيره ، خاصة أنهم في الغربة أحوج لتنقية الأجواء الأسرية وإعادة أجواء المحبة القادرة على إسدال ستائر النسيان على حركات المراهقة المتأخرة، وحسن استغلالها في إعادة بناء جسور الحميمية التي هدها الزمن.