مقالات وآراء
شبكة للضمان الاجتماعي أم الإفقار؟

خارج السياق
مديحه عبدالله
تستغل السلطة الانقلابية وسائل الإعلام للترويج لأوهام خاصة لما يطلق عليه مشاريع الضمان الاجتماعي، وتكثر التصريحات والوعود، في محاولة لتوظيف ما تم الشروع فيه إبَّان فترة الحكومة الانتقالية، أي مشروع شبكة الأمان الاجتماعي بإشراف مفوضية الأمان الاجتماعي في العام 2020، وبدعم من مؤسسات دولية.. قطع الانقلاب سير العمل في الخطة الموضوعة لها، وأخذ قادة الانقلاب يحاولون القيام بأعمال (خيرية) تُنسب لهم، ليجنوا ثناء ودعاء من يحصلون على (الهبات) بقصد تأسيس قاعدة قبول شعبية لهم باستغلال الأموال العامة خدمة لأجندتهم الذاتية.
إضافة إلى محاولة طمس التوجهات الحقيقية لقادة الانقلاب، فهم في الواقع العملي يعمقون الفقر، والتمييز الاجتماعي، والأمر لا يحتاج لاجتهاد لإثبات ذلك، فإزالة الأكشاك ومواقع الأعمال التجارية الصغيرة على سبيل المثال تحرم الفقراء من حق العمل وتكبدهم خسائر مالية يدفعون تبعاتها قهر اقتصادي ونفسي عميق المدى، كما أن المماطلة في الاستجابة لمطالب المعلمين والمعلمات في تحسين الأجور وبيئة العمل والانفاق على التعليم يكشف توجهات الانقلاب حيال الحق في التعليم والحقوق الاقتصادية للمعلمين، والفوضى في أسعار الدواء والغذاء والخدمات الأساسية يدفع تكلفتها من هم أصلًا يعانون الاستبعاد الاجتماعي خاصة الأطفال وكبار السن والمرضى، هؤلاء غير مرئيين في كاميرا قادة الانقلاب. ولولا شبكة الضمان الاجتماعية الأهلية لتفاقم الأمر أكثر.
والأشد سوءًا هو تزايد أعداد السودانيين الذين يواجهون سوء التغذية، ويعتمدون على المؤسسات الدولية للحصول على حاجة مقننة من الغذاء، بينما هم في الأصل منتجين؛ مزارعين ورعاة وأصحاب أعمال اضطرتهم النزاعات اللعينة لترك أراضيهم والنزوح لمناطق أخرى طلبًا للأمان.. شبكات الضمان الاجتماعي لا يمكن أن تخضع لرغبات وقرارات من هم في السلطة فقط والمجتمع السودان صاحب خبرة تليدة في مجال التكافل والتضامن الاجتماعي.
حان الوقت لتتوفر إرادة مجتمعية لبناء مؤسسات ضمان اجتماعي على أساس حقوقي وإنساني، وليس فقط على التعاطف الفردي، أولًا بالضغط على السلطة حتى لو كانت مدنية من أجل إعادة النظر في كل المؤسسات الاجتماعية العاملة في مجال الدعم الاجتماعي من حيث الميزانية وطرق الانفاق والمستحقين لتحريرها من مفهوم المن والمحاباة وعدم الشفافية، ووضع ضوابط قانونية تمنع الاعتداء على ممتلكات المواطنين وتدمير مواقع وأدوات العمل والتعويض لكل من يتضرر من القرارات التعسفية الظالمة.. قاوموا..
الميدان