مقالات وآراء

لماذا غضب الله على الأتراك والسوريين ؟ كبيرهم وصغيرهم ؟!!!!

على العبيد

في البداية أعتذر عن طول المقال وأحذر من كان وقته ضيقاً ، أو (من هو قلق مثلي) ألا يورط نفسه في قراءته ، لأني أخشى إن بدأه ألا يستطيع التوقف حتى يكمله ، لأن الموضوع قد يحمل بعض الأفكار المستفزة والمثيرة للجدل ، سلباً أو إيجاباً ، إتفاقاً أو إختلافاً.

والأمر ، كما يشي العنوان يتعلق بما حدث في تركيا وسوريا من زلازل خلال الشهر المنصرم ، وما ترتب على ذلك من أسئلة لبيان السبب : هل هو قدر الله؟ هل هو قضاؤه؟ هل هو إتحاد القضاء والقدر؟ أم هل هو غضب من الله (على عمايل الناس) ، كما يقول البعض دون مراعاة لمشاعر أولئك البؤساء؟ الذين وجدوا أنفسهم مصنفين كمجرمين يستحقون غضب الله وعقابه ، فوق ما هم فيه من مآسي؟
وهنا نسأل الذين يتبنون السبب الأخير : لماذا يغضب الله على طفل عمره شهران أو سنتان أو عشر ، وهو غير مكلف شرعياً وصحيفته بيضاء؟ ما هي جريمته؟ ولماذا هلك في ذلك الحادث الصالحون والطالحون دون تمييز؟
ونسأل أيضاً : لماذا خلق الله تعالى هذا الطفل أساساً لو كان يريد معاقبته بقتله مبكراً ، وبهذه الصورة البشعة وهو الرحمن الرحيم؟ بل لماذا يُقتل من هو في رحم أمه ولم يكمل الله خلقه بعد؟
ثم نسأل : إن كان الله يعاقب عندما يغضب بالزلازل والبراكين والكوارث الأخرى ، فلماذا نرى القتلة والمجرمين وبائعات الهوى وتجار المخدرات والحكام الذي ولغوا في دماء شعوبهم يعيشون مرفهين ومنعمين وآمنين في قصورهم؟ والفقراء في شمال سوريا يخوضون في الوحل والطين ، وتتساقط عليهم الثلوج والبراميل المتفجرة وهم في خيام مهترئة ، يصعب عليهم النوم جراء لسعات البرد وقرصات الجوع ووخزات الألم وفوق ذلك تميد الأرض من تحتهم فتبتلعهم أحياء؟ وهؤلاء المترفون الماجنون القاتلون يقهقهون ويضحكون ….. يمزقون الليل في الحانات في دنيا البطون ، كما يقول الشاعر وهم آمنون؟؟؟
إن الله يقول في كتابه الكريم :(ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على عليها من دابة ، ولكن يؤخرهم الى أجل مسمي) ……… ذلك الأجل المسمى هو يوم القيامة.
هذا يوضح بجلاء أن الموضوع ليس عقاباً من الله ، وإنما هو (قدره) ، و(قضاء) الإنسان ، وقدر الله ليس قضاؤه ، فرق كبير بين القضاء والقدر ، القدر كله من الله ، هو الناموس العام للكون (السيستم) ، هو (تقدير طبيعة الأشياء) : كون أن الأرض تتزلزل ، والبراكين تثور والسيول تجرف ، والماء يغرق والنار تحرق ، والرصاص يقتل ، ذلك هو القدر ، والقضاء من الإنسان (في هذه الأحوال) : أن (يقضي) ويبني بيته في حزام الزلازل ، أو في مجاري السيول أو منطقة البراكين أو لا يفعل ذلك ، فينهد بناؤه في القضاء الأول ، ولا يحدث إن تعَقّل واتخذ القضاء الثاني وامتنع عن البناء في المكان الخطر ، يمكننا أن نقول أن القضاء هو القرار…
وعليه فالموضوع ليس مجرد قدر ، قدر الله هو  كما قلنا هو (الناموس العام للكون) ، وقضاء الإنسان هو (فعله) ، هو قراره ، بخطئه وصوابه . كون أن النار تحرق هذا قدر الله ، هذه طبيعة النار ولكن إشعال الحرايق قد يكون قضاء الإنسان ، الرصاصة في الرأس تقتل ، هذا قدر الله ولكن بإمكان الإنسان أن يقضي (يقوم) بإطلاق تلك الرصاصة فيقتل ، أو لا يطلقها فلا يسبب الموت ، إذا جرح أنسان ونزف كل دمه فسيموت حتماً ، هذا قدر الله : لا حياة بدون دم في الجسم، و لكن إن حدث ذلك القدر و تدخل الإنسان بقضائه فأوفف النزيف فلن يموت الجريح.
يتكامل القدر (طبيعة الأشياء) مع القضاء (الفعل البشري) فيحدث الأمر ، موتاً أو حياة بناءاً على ذلك التكامل.
القدر كله بيد الله ولكن القضاء قد يكون بيد الإنسان ، إن لم يكن كله فمعظمه ، الإنسان يقضي كما قال سحرة فرعون له عندما آمنوا بإله موسى وهددهم بالقتل والصلب :(فاقض ما أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا) ، الإنسان قادر على القضاء ولذلك نسمي من يفصل في أمور الناس (القاضي)..
والله تعالى يقضي : (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) ، ورغم ذلك يقضى الإنسان أن يعبد الله أو غير الله ،  (وهديناه النجدين) قدر الله ، هنالك طريقان بأمر الله ، (إما شاكراً وإما كفورا) قضاء الإنسان ، فعله ، إختياره أن يكون شاكراً أو أن يكون كفورا.
عندما يتوافق القضاء والقدر يقع الحدث ، القدر وحده لا يصنع الحدث ولا القضاء وحده يصنع الحدث في حالة الكارثة التركية السورية كان القدر أن هنالك منطقة زلزال وكان القضاء أن بنى الانسان منازله في تلك المنطقة ، ولو لم يفعل ووقع الزلزال فما كانت ستحدث المأساة لعدم وجود مساكن وبشر في مكان الزلزال، في فيضانات السودان كان القدر أن يحدث السيل وكان القضاء أن الناس قد بنوا منازلهم في مجاري السيول فحدثت الكارثة بقدر الله بعد أن تكامل مع قضائهم ، لو منعت الدولة الناس من البناء قي تلك الأمكنة ، لو كان (قضاؤها) قد حدث بمنعهم لما كانت هنالك كارثة.
وقد يكون قضاء الإنسان صواباً ولا يبني منزله في مجرى السيول فيسلم ، حتى ولو حدث قدر الله وحدث السيل ، أو أن يكون خطأً فيبني في تلك المنطقة فينهار منزله.
في اليابان تحدث الزلازل بكثرة ، لأن قدر الله أن تكون المنطقة منطقة زلازل ، وكانت تحدث في الماضي الكثير من الكوارث ، ولكن اليابانيون إخترعوا المباني التي تقاوم الزلازل ، كان ذلك (قضاؤهم) ، فقلّت الكوارث رغم أن الزلازل لم تتوقف.
في تركيا وسوريا ، كانت هنالك مساكن صمدت وقاومت الزلزال لأن (قضاء الإنسان) كان حكيماً وبنى تلك المنازل بأسلوب يقاوم الزلازل ، وتم إنقاذ الكثيرين لأن هنالك (قضاء/ فعل بشري) ساهم في إنقاذهم ، ولو لم يحدث ذلك لتضاعفت أعداد الموتى.
والله تعالى أيضاً يقضي : (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) ، ورغم ذلك يقضى الإنسان (يختار ويقرر) أن يعبد الله أو أن يعبد غيره ، (وهديناه النجدين) قدر الله ، هنالك طريقان بأمر الله ، (إما شاكراً وإما كفورا) قضاء الإنسان ، فعله أن يكون شاكراً أو أن يكون كفورا ، ولذلك يحاسب الله الناس لأنهم (يقضون) بأن يسيروا شرقاً أو غرباً في أحد النجدين.
وعليه فليس من الحكمة _ إن لم نقل من الغباء _ أن نقول أن زلزال تركيا وسوريا غضب من الله على أهل تلك البلاد ليسوا مجرمين ، وإن كانوا كذلك ، فليس هذا وقته ، هو قدرٌ من الله ، وقضاءٌ من الإنسان.. تكامل القضاء (الفعل البشري) مع القدر (طبيعة الأشياء) فحدث ما حدث.
خروج :

(وما رميت إذ رميت ، ولكن الله رمى) … نعم لا جدال في ذلك ، الله تعالى هنا (رمى) بأن جعل السهم قاتلاً ، ذلك هو (القدر) ، وأنت أخذت السهم ورميته وذلك (القضاء) ، بفعلك ذاك إنطلق السهم فأصاب وقتل ولا تضارب مع ما ذكرنا أعلاه
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.

‫5 تعليقات

    1. لا اهلاك القرى ياتي بظلم والاطفال ربنا هو الخلقهم وهو لطيف بهم ……. مبدئيا ربنا بينجي من يشاء .. وحتى الموجودين انت ما بتعرف الاتعذب منو والكان عليه سلام منو لكن هنا بنظن الظن الحسن بالله انه ما حا يعاقب الاطفال بجرايم اهل سوريا اولياء بشار الاسد ….. ولا بجرايم اهل تركيا الموالين لمن يهدم الدين … وكون انك تجيب مثال لليابان انها ما بتهلك بالزلازل دا بيثبت وجهة النظر ….. يعني كان جليت من اي شي وعملت الف حساب ما بتجري من قدر ربنا … لانه اهلكت قبل كدا بقنبله من صنع الانسان ذات نفسه … واذا قريت تاريخ اليابان حا تعرف انهم بيستاهلوا(بعيدا عن الاطفال والصالحين) .. انا صاح ما بقدر اقتل زول لكن ربنا ذكر خبر عن اصحاب الاخدود دي ما شماته لكن المفروض الناس تتعظ …… في ايات كتيره عن اهلاك القرى -وكم اهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم الا قليلا وكنا نحن الورثين :. وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في امها رسولا يتلوا عليهم ايتنا وما كنا مهلكي القرى الا واهلها ظلمون- -وتلك القرى اهلكنهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا- – وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وانشانا بعدها قوما اخرين :. فلما احسوا باسنا اذا هم منها يركضون :. لا تركضوا وارجعوا الى ما اترفتم فيه ومسكنكم لعلكم تسلون – -واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرنها تدميرا-

  1. لا
    اهلاك القرى ياتي بظلم
    والاطفال ربنا هو الخلقهم وهو لطيف بهم ……. مبدئيا ربنا بينجي من يشاء .. وحتى الموجودين انت ما بتعرف الاتعذب منو والكان عليه سلام منو لكن هنا بنظن الظن الحسن بالله انه ما حا يعاقب الاطفال بجرايم اهل سوريا اولياء بشار الاسد ….. ولا بجرايم اهل تركيا الموالين لمن يهدم الدين … وكون انك تجيب مثال لليابان انها ما بتهلك بالزلازل دا بيثبت وجهة النظر ….. يعني كان جليت من اي شي وعملت الف حساب ما بتجري من قدر ربنا … لانه اهلكت قبل كدا بقنبله من صنع الانسان ذات نفسه … واذا قريت تاريخ اليابان حا تعرف انهم بيستاهلوا(بعيدا عن الاطفال والصالحين) .. انا صاح ما بقدر اقتل زول لكن ربنا ذكر خبر عن اصحاب الاخدود
    دي ما شماته لكن المفروض الناس تتعظ …… في ايات كتيره عن اهلاك القرى
    -وكم اهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم الا قليلا وكنا نحن الورثين :. وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في امها رسولا يتلوا عليهم ايتنا وما كنا مهلكي القرى الا واهلها ظلمون-
    -وتلك القرى اهلكنهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا-
    – وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وانشانا بعدها قوما اخرين :. فلما احسوا باسنا اذا هم منها يركضون :. لا تركضوا وارجعوا الى ما اترفتم فيه ومسكنكم لعلكم تسلون –
    -واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرنها تدميرا-

  2. و الله يا استاذ الموضوع عميق عايز الواحد يقراه مرتين تلاتة و بعدين يوافق او يعترض…
    اسلوب الطرح سلس و متماسك و يبدو انك بذلت فيه مجهود كبير…
    لك اجر الاجتهاد على الاقل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..