مقالات سياسية

إسْتِتْباعيّة العلاقة السُّودانيّة المِصريّة !!! (١ – ٢)

دنيا دبنقا

نور الدين بريمة 

 

جاء إهتمامي بالعلاقات السّودانيّة المصريّة ، منذ العام ٢٠١٢م ، وذلك في إطار العمليّة البحثيّة العلميّة لهذه العلاقات ، بعد إنضمامي إلى مجموعة من الباحثين والمهتمّين بالقرن الأفريقي ، بدؤوا إهتمامهم بهذا الأمر منذ الستينيات ، أبرزهم (بيتر وود) ، الذين كتبوا عن : (العرب والقرن الأفريقي : جدليّة الجوار والإنتماء) .. هكذا إبتدر د.النور حمد ، الباحث والمفكر والأكاديمي السوداني ، حديثه عن تلك العلاقات ، ومضى قائلًا : إنني عبّرت عنها من قبل عن طريق تقديم ورقة بحثيّة ، تحت عنوان : (من الإستتباع إلى الشراكة : العلاقة السّودانيّة المصريّة).
وخلال سرده لماضي العلاقات السودانيّة المصريّة ، ومآلات مستقبلها، عبْر منصة- سلا نيوز الإعلاميّة- بتاريخ (٦/٣/٢٠٢٣)، أشار حمد إلى أن الغرض من هكذا حديث ، هو ضرورة إصلاح هذه العلاقات ، وإعادتها إلى مسارها الطبيعي ، وقد سخر في من يديرونها ، بقوله : إنهم وضعوا العلاقة في بيت (جَالُوصْ) ، علمًا بأنه بيت مصنوع من الطين الأخضر ، ومعروش بالمواد المحلية ، ممّا يعني أنه بيت ضعيف لا يقوى ولا يتحمّل الظروف الطبيعيّة ، ويُحْتمل إنهياره في أي وقت ، وهو ما دفع حمد إلى التحذير من مغبّة التوتّر التي صاحبت هذه العلاقات ، وبلغت ذروتها حدّ الإلتهاب الشعْبوي.

ووصف عملية سرقة ونهب الموارد السّودانيّة ، بأنها تعتبر تدميرًا مُمنهجًا ، بسبب الثراء الشخصي ، والإعتماد على الأمن في تثبيت أركان الحاكم ممّا يتطلب نقاشًا موضوعيًا وعقلانيًا ، للخروج من هذا النفق المظلم ، وجزم حمد أن شكوى السودانيين من سوء العلاقات بين البلدين ، ليست مجرّد إتّهامات ، بل هي جاءت بناءًا على البحوث العلميّة.

واسترسل قائلا : إن النظرة الخديويّة تجاه السودان ، لم تتغير بل ما زالت سائدة ، لدكتاتوريّة نظامها القائم على تغييب الشعب المصري ، تجاه الإستتباع السوداني ، وتعمّدها في إحتلال العقليّة السّودانيّة ، بإعتبارها أفضل الأنواع الإستعمارية ، وتعزيزًا لذلك يتابع حمد : جاءت الخديويّة : بريّها المصري ، بعثاتها (رفاعة رافع الطهطاوي) ، مدارسها في (مدني وعطبرة) مثالا وجاءت أيضًا بذراعها الدّينيّ من فقهاء عثمانيّين، قاموا بقلب التصوّف السّوداني إلى فقه سني ، يرتكز على المذاهب الثلاث (المالكيّة، الشافعيّة والحنفيّة) ، بينما لم تستصحب معها المذهب الحنبلي ، بسبب الحرب الدائرة حينها بين الخديويّة والوهابيّة.
وأبان حمد : من هنا ظهرت ثقافة إستخدام الدّين وزجه في مدح وتثبيت أركان الحاكم وتجريم ومعاقبة الخارجين عليه ، ممّا يبرهن حقيقة الوجود الخديوي الإستعماري، وقيامه بإطلاق يد باشواته ، الذين ما زالوا يحتلون السودان هدفوا تاريخيًا إلى جلب ماله ، ورقيقه ، والمؤسف أن التجربة الخديويّة ما زالت مستمرة في نهب وسرقة الموارد السّودانيّة.

وتنظر مصر إلى السّودان منذ غابر الزمان بإعتباره مورد إقتصادي فقط ، وبالطبع ما زال هذا النهج سائرًا ، لأن الذهنيّة المصريّة تشكّلت من النخب الأكاديميّة والفكريّة ، وظلت راسخة لدى الأجهزة القائمة على التخطيط الإستتباعي ، التي ساهمت فيه الجغرافية ، وجعلت مصر أن تعتمد على الموارد السودانيّة ، خاصة والكثير من المؤرخين والكتاب المصريين ، يرون ضرورة وحتميّة إحتلال السّودان وإستتباعه لمصر.

وهذا ما نقرؤه ، من خلال كتاباتهم، مثل : (عمر طوسون ، عبد الرحمن الرافعي ، رأفت غنيوي ، محمد مورو ، عبدالحليم قنديل ، محمد حسنين هيكل ، شكري وغيرهم) ، ظلوا يعزّزون من ثقافة الذهنيّة الإحتلاليّة الإسْتِتْباعيّة ، بيْد أن الإنفجار- على حد رأي حمد- قادم.. قادم .. لا محالة ، عازيًا إيّاه إلى وضوح عناصره ، ومعرفة الشعب السّوداني للخطط المصريّة في الإستفراد بالسّودان ، وضمّه إليها من الخرطوم إلى حلفا.
….

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..