مقالات سياسية
السودان وصراع الموارد

صدام البدوي
السودان أصبح داخل صندوق مُظلم ، وكل مقومات الدولة منعدمة ، الأمن ، والغذاء ، العدالة والبنية المؤسساتية..؟؟ لاشيء ُيوحي بمظهر الدولة الحقيقية، الفوضي التي يشهدهــا السودان تبرهن النهايات المجهولة ، وما صراع بين قوة الأنقلابيين والثوار إلاّ بؤرة توضح مفاصل الحق من الباطل ، الإنقلاب لم يآتي بجديد ٍ ؛ بل زاد الوضع ظُلمة ً وارجع البلاد الي مصير بوصلته ِ السلاح والجهل …
لم ينجح الأنقلابيين في بناء دولة حقيقية _ رغم كل الجهود التي تسبقهــا القوة والوحشية والسادية تجآه من يطالب بحقوقه وطنه وكل ما يحلم به الأنسان الحُر ، كان تقديم الموت هو اسهل ما يمكن تقديمه لكل من يشهر صوته ُ تجآه الظلم المتناسل ، استمرار القمع والقتل والتصفية الجسدية والأعتقالات السياسية ، كل هذه الأرصدة لم تخرج سوي دولة مشوّهة ، وما ظهور حالات السيولة الأمنية والنهب المسلح ، والانهيار الاقتصادي المستمر ، وعودة السياسية الأستعمارية من فرض الجبيات ورفع الدعم الكلي عن الضروريات الحياة، …. كل هذا يجعلنا نتساءل _ من يحكم هذا الوطن بتلك السياسيات الأنتقامية …؟ لماذا ماتت السيادة الوطنية …؟ وكيف تلاشت ادوار القوات النظامية المنوط بها … وحدوث الفراغ السيولة الأمنية في ظل تعدد الجريمة وزيادة معادلاتهــا …؟ هل اقتربت النهاية في ظل انعدام وجود دولة ذات مؤسسات عادلة وبرامج تنموية ومعالجات لكل التشوهات السابقة …؟ لا توجد دولة والواقع يثبت لنا … ان كان الشعب يدفع للدولة فما قيمة اللص الذي يسرق بدل ان يحمي … وهكذا الوضع الآن _ السودان داخل «صندوق مُظلم» ….
تدفق السلاح في المناطق الساخنة ، انهيار الوضع الأمني داخل العاصمة ، التدهور الأقتصادي المريع ، العزلة الدولية ، نهب الموارد ، جفاف المواد الاسياسية، الكساد الاقتصادي ، كل المؤشرات تؤول الي نهاية الدوال التي رسمتهــا المنظومة الأمنية للسيطرة علي وطن اصبح جثة هامدة ، وحتي ثدي المواطن الذي يرضع تلك المنطومة طيلة ثلاثين عاماً قد لا يفيد روح السلطة التي تآتي بنظرية الأستعمار الداخلي وفرض الواقع علي الشعب ليدفع ثمن الأخطاء كلها ، ومتتالية هذه السياسة التي تستخدمهـــا منظومة الأنقلاب علي الشعب لن تنجيهم كثيراً ، لا توجد ارضية صالحة مهما كانت القوة التي تحاول فض الطريق امام حياة جديدة للإنقلاب ، واذا نظرنا الي تعدد القوات التي تحمل السلاح وخفايا الصراع حول السلطة هو الخطر الذي يكتب نهاية الدولة السودانية في سيناريوهات مماثلة لدول وقعت ضحية اعمال مخابراتية ومخططات قذرة تعيد تغييرات المعادلات الأقليمية في الشرق الاوسط..
صراع الموارد في السودان هو صراع مخابراتي تقع فيه القوات التي تحمل السلاح ضحية _ وتدخل المخابرات في الصراع الداخلي هو ترويض لتمزيق السودان كما حصل في سوريا وليبيا واليمن والعراق ممارسة القمع والقتل تجآه الشعب هو تغيير طبيعة الصراع وتأزيم الاوضاع داخلياً حتي تتدخل الدول الغربية بحجج باطلة ويدفع القادة ثمن الخيانة لشعوبهم …
واصبحت القوة الانقلابية هي تحجب المخططات عن الشعب علاقة السلطة الفاسدة مع دوائر المخابرات الخارجية هي سياسية ليست حديثة في افريقيا ، دائماً امراء الحروب الداخلية وقادة الجيوش يخضعون لأبتزاز سياسي للقوة الامبريالية التي تسعي الي استنزاف الموارد بصورة غير مباشرة مثل : السلاح مقابل الذهب … ولا يوجد انقلاب في افريقيا يتم دون علقية مخابراتية تسوقه نحو اهدافه الخاصة وتحقيق اهداف المخابرات من وجه ٍ آخر … ويبقي التساؤل ماذا تبقي لهذا الأنقلاب من اسلحة لثبيت نفسه عنوةً ….؟ هل يبقي سيناريو الحرب هو البوابة الاخيرة للمخابرات الاجنبية….؟
كل شي متوقع لانه ببساطة حجم الاختلاف كبير في كيفية توزيع الثروة والسلطة بين المدنيين للأسف(هم يستحوا من ذكر الثروة والسلطة ويحصروا اختلافاتهم في الديموقراطية والعدالة والعلمانية والإسلامية وغيرها من مشابك الغسيل) وكل مجموعة منهم تمنى نفسها بالانتصار على الآخر بدعم العسكر وهي لا تدري بأنها تساهم في تدحرج البلاد نحو الحرب.