مقالات سياسية

التسوية مع الانقلاب

د. ستنا بشير

▪️الذين يقتلون الثوار لديهم كارت بلانش بالقتل.
▪️إذا لم يستطع الاطاريون إجبار الانقلابيين على وقف العنف فكيف سجبرونهم على تسليم السلطة للمدنيين؟
قد يضطر جهاز الشرطة، تحت ضغط الغضب الشعبي العارم، وفضائحية الجريمة، وعدم توفر أي فرصة لإنكارها، أو التملص منها بأي حجة، كطرف ثالث أو تصرف فردي، أو ما شابه من الحجج المعهودة، بالإضافة إلى الاستنكار الواسع الذي عبرت عنه جهات متعددة، محلية ودولية، قد تضطر إلى تسليم القاتل، الذي أعدم الشهيد إبراهيم مجذوب،  برصاصة حية، من مسافة قريبة، أطلقها بدم بارد وببجاحة منقطعة النظير،وفي وضح النهار، وسط مجموعة كبيرة من الشهود تجاه صدره الذي يحمل آماله وأحلامه بوطن حر، وغد مشرق، ، ما يشي بأن القاتل لديه (كارت بلانش) بالقتل!
 وحتى إذا قدموه للمحاكمة، فلن يأتيه الإعدام من بين يديه ولا من خلفه، حتى لا يتوانى زملائه في الدفاع عن السلطة، بكل الوسائل، حتى لو كان القتل أحدها.. فسلطة الانقلاب تعتمد بشكل أساسي على استعمال العنف والقتل لحماية نفسها.  فالعديد من قتلة شهداء ثورة ديسمبر 2018م، محكوم عليهم بالإعدام، وما زالوا أحياء يرزقون، بل ويتعرض ذوي الشهداء لضغوط، تحت مسميات مختلفة، بهدف العفو عن القتلة!
كان على قوى الحرية والتغيير ان لا تقبل بالدخول في العملية السياسية، وتوقيع الاتفاق الإطاري، قبل التزام الانقلابيين بالحق في التظاهر، وعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين، وإطلاق سراح المعتقلين، وغيره من شروط عديدة لازمة لتهيئة المناخ قبل أي حوار. وظل بعض الإطاريون، يطالبون بهذه الحقوق، من قبل الاتفاق، وبعده، وإلى يومنا هذا، ورغم انها لم تجد أذنا صاغية من الانقلابيين؛ لم يثنهم ذلك عن مواصلة المضي في طريق المصالحة! ولم نشهد أي موقف جاد وحاسم، لإرغام الانقلابيين على احترام وتلبية هذه المطالب حتى اليوم!
فإذا لم يستطع الإطاريون إجبار الانقلابيين على وقف العنف الآن، فكيف

سجبرونهم على تسليم السلطة للمدنيين؟
أو على تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، أو تحقيق العدالة، أو غيره من أهداف الثورة؟
إن موقف قوى الحرية والتغيير من اغتيال الشهيد إبراهيم مجذوب، وعدم إدانتهم للانقلابيين، يفضح عدم قدرتهم على تنفيذ مطالب الثورة. ويفضح كذلك ان موقف الانقلابيين، وأعوانهم، في هذه التسوية، أقوى من موقف القوى السياسية التي وقعت معهم، والتي ذهبت منفردة وبمعزل عن قوى الثورة الأخرى، مما كشف ظهرها وقلم أظافرها، وجعلها بلا حول ولا قوة، معتمدة على ما يمكن أن يقدمه الانقلابيون. وهو ما حذر منه الكثيرون، بأن قوة موقفك داخل أي اتفاق هي التي تحدد كيفية تنفيذه.
يتشدق الانقلابيون بأنهم حماة الثورة، وأنهم سيسلمون السلطة للمدنيين، عبر العملية السياسية، لكنهم أثبتوا، مرارا وتكرارا، عبر مواقفهم، انهم مجرد امتداد لنظام الثلاثين من يونيو 1989، الذي انتهج العنف والقتل لحماية سلطته، وتطور في وسائله وأساليبه، ورصد له ميزانيات ضخمة، وأنشأ له مؤسسات، ودرب له كوادر! وما يدعيه الانقلاييون هو مجرد تبني لشعارات الثورة لإفراغها من مضامينها لاحقاً. فهم لن يفرطوا في هذا الإرث المعطون بالدماء، بل ظلوا يحاربون من أجل حمايته، بكل الوسائل خلال الفترة الانتقالية، وعرقلوا تنفيذ أهداف الثورة، وعلى رأسها تفكيك التمكين، حتى انقلبوا عليها في 25 أكتوبر. ولن يتوانوا عن اللجوء للعنف والقتل لضمان وجودهم على رأس السلطة، ولحماية مصالحهم ومصالح حلفائهم.
طالبت أم الشهيد إبراهيم، في حديثها الذي يقطع الأكباد، لإحدى القنوات، بالقصاص الفوري من قاتل ابنها، وبنفس الرصاصة التي مزقت صدره، ورغم انه لن يشفي حرقة قلبها، لكنه قد يردع بقية القتلة الذين يختبئون خلف الزي الرسمي لأجهزة الدولة الأمنية المختلفة، ويملأون الشوارع، يتصيدون الثوار، ولن يتوقفوا عن ملاحقتهم، فهو صراع وجود بالنسبة لهم.
لا يكمن الحل في تسليم  قاتل واحد، مع ضرورة تحقيق ذلك بأسرع ما يمكن، وإنما في إزالة كل الأسباب التي تؤدي إلى انحراف مؤسسات الدولة عن واجبها المهني، ومن

ضمنها جهاز الشرطة، الذي يجب أن يتم إعادة تاهيله وفق قاعدة ان الشرطة في خدمة الشعب، وليس السلطة. وهو ما يجب ان يطال كل أجهزة الدولة الأخرى، المدنية والعسكرية. وإنجاز ذلك يتطلب إسقاط الانقلاب الدموي الذي تستمد منه هذه الأجهزة شرعية القتل، وليس التصالح أو الاتفاق معه تحت أي عناوين،
وتأسيس سلطة مدنية كاملة تعبر عن الثورة.

علينا تحويل هذا الغضب والحزن إلى طاقة عمل توحد صفوفنا، وتدعم جهود إسقاط الانقلاب من خلال جبهة شعبية واسعة، هذا أو تتجدد الأحزان دون جدوى.

‫3 تعليقات

  1. لايوجد ثوار مؤايدين للاتفاق الاطاري جل من يؤايد التسوية و اكثر من 95% منهم لم يشارك في يوم من الايام في ثورة ربما شارك في مظاهرة مظاهرتين او هتف في الجامعة ولكنه لم يشارك في صناعة ثورة من بدايتها لنهايتها هؤلاء من يسمون انفسهم بالمستقلين جماهير كل الحكومات حزب الكنبة حزب باركوها وهم اكبر بلوة على السودان وشعبه وشبابه من الكيزان انفسهم

  2. برافو عليك سلمت يداك قحت اللعينة إنكشفت أمام الشعب والثوار وأسر الشهداء فقط ترغب في مصالحها وتمنح صك العفو مجاني عن المجرمين بدون أي تفويض من أسر الشهداء والثوار الحقيقيين في الشارع الذين يتعرضون للقتل في أي مظاهرة سلمية يجب إلغاء هذا الإتفاق المعيب المذل وكمان يجب ان يلغى فوراً بحاجة إسمها إتفاقية جوبا التي منحت مليشيات تشاد ما لايستحقون.

  3. بألامس شاهدنا مريم الصادق تتحدث فى قناة الجزيرة لم تذكر شيئ قط عن الشهداء و الاستمرار فى قتل الشباب الممنهج, كل اهتمامها كان منصب على الوصول الى تفاهمات مع العسكر الانقلابيين و أربابهم من معتصمى الموز, وهذا دليل على اتساع الهوة بين من يدعون تمثيل الثورة و الدفاع عن اهدافها و بين صناع الثورة من شباب لا يزال يناضل و يضحى بألارواح لكى لا تهزم ثورته و تطلعاته.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..