الثورة المهدورة والزعامة الغائبة.. نقتدى بالإمام الصادق أم نبعث فينا قائداً ملهماً

د. خالد عثمان حواية الله
يبدو أن ثورة ديسمبر على عظمتها و رغم فداحة التضحيات التى قدمت مهرا لها ،لم تبلغ اهدافها بل يمكن القول انها أضحت ثورة مهدورة على مستوى تحقيق الغابات التى عبرت عنها الشعارات التى التف حولها الشعب السودانى بكافة قطاعاته.
السؤال ما الاسباب؟ والإجابة قطعا لا تحتمل الاستسهال بل الدراسة المتعمقة والعصف الذهني.
لم يتم التطرق للأسباب التى أدت إلى هدر ثورتنا بشكل كافي ودقيق لان قوالب دراسات علم النفس- سياسي و النظريات المستوردة مصصمة للانسان الغربي الصناعي و هو وليد نقلة حضارية استمرت ثلاث قرون، والمؤطر مؤسسيا والقائم علي الكفاءة والتعاقد والأجر والاعداد المهني لطاقاته الحية كما هو الحال في النمور الآسيوية الجدد. وأن كان تخلفنا عن ثورتنا درس في الادبيات من منظور اقتصادي- سياسي بمعزل عن النفس -اجتماعي (الذهنيه المتخلفه و نمط الحياة المتخلف والعلاقات الانسانيه المتخلفه).
هل حالة اهتراء النظام السياسي الآن مرده الي غياب القادة التاريخيين الذين أنجبتهم الديمقراطية، أولئك القادرون علي نقل البلاد من الانقسام إلى الوحدة و من الجوع والحاجة إلى حالة الرفاة، دون أجندات قوى خارجية ونمط تفكير أجيال المجتمع المدني الكسولة التي تتشكل الآن.
هل هو غياب قادة بهكذا صفات والذى يعد المرحوم الامام الصادق المهدى اخرهم؟
هل نحن بحاجة إلى الاقتداء بامثال الامام عليه الرحمة أم إلى اعادة صياغة احزابنا على نمط يتسق والعقل الجمعى المتناغم المنسجم والمحتكم إلى مرجعيات وضوابط؟ وهل تحتمل طبيعة مجتمعنا هذا؟
منذ أن تأسست معظم الكيانات السياسية الحديثة حاولت غالبية النُّخب السياسية ومفكريها وواجهاتها من القوى والجمعيات والاحزاب على نقل التجربة الديمقراطية الغربية إلى تلك الكيانات دونما دراسة التراكم القيمي والديني والاجتماعي المتوارث في تركيباته، ورغم الكم الهائل من الخسائر الفادحة التي مُنيت بها تلك القوى، إلا أنها لم تحقق الحد الأدنى لطموحاتها ، وما انتجته لم يتعدى ديمقراطية هجينة لا ترتكز على اية قاعدة ولم تتجاوز صناديق الاقتراع الخالية تماما من الرابط الأساسي والمرتكز الأهم الا وهو المواطنة التي تُشكل النسيج المحبوك لمكونات المجتمع، وقد فشلت تماما في ترسيخ تلك الفكرة التي يتمتع فيها الإنسان بحريته الكاملة في التعبير عن الرأي وتقرير المصير و الانتماء.
بعد حقبة دكتاتورية نظام الانقاذ التي اسقطتها او ساعدت على اسقاطها قوى خارجية استطاعت اختراق جدرانها الداخلية مستغلةً فشل مشروعها علي المستويين القيمي و البرامجي و العداء الجماهيري لنظامها حيث تدخلت بشكل مباشر في التاسيس لهياكل أنظمة الانتقال و تدجين بنية قوي الدولة علي كافة مستوياتها ؛السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الاعلامية و الثقافية وحتي الأمنية ومن ثم الانتقال إلى استنساخ تجاربها الديمقراطية في بنيتنا المجتمعية التي ما تزال تعاني من إشكاليات بنيوية وتربوية واجتماعية ناهيك عن الصراعات القبلية ، وما يحدث اليوم من فوضى وفساد ناتج أساسي من فرض نظام سياسي على مجتمع يتشتت فيها الولاء والانتماء بين الطائفة والمنطقة على حساب الوطن الجامع والمواطنة الرابطة، هذه المجتمع الذي تعتمد في أسس بنيته التربوية والاجتماعية على الرمز الفردي وحكمه، ابتداءً من الأب ومروراً برجالات الادارة الاهلية وإمام الجامع و رجالات الطرق الصوفية والزعيم الأوحد المتجلي في رمز الأمة والمأخوذ من موروث مئات السنين بشخص الامام المهدي – وان كان تدرج الي رمزية شهيدنا القرشي أبان ثورة اكتوبر- أو الزعيم الأوحد أو القائد الضرورة ، حيث أدمن نظامنا السياسي وأحزابه التاريخية العظيمة على مجالس ملحقة بالقائد الذي لا يناقش. وان كان فقدنا للامام الصادق المهدي و الفراغ الذي تركه في نظامنا السياسي مؤثرا الي حد التخبط السياسي و اضمحلال الفكرة الوطنية، فلابد من بروز عقلاء نافذون تتفهم قوانا الحية وأن تكون قادرة علي انتاج هذا الخطاب السياسي والثقافي الذي يعبر عن جيل التغيير الثوري . وقادرة علي اطلاق طاقاته واعطاءه كرامته ويصبح انتماءه للوطن وليس للعصبية في كيان وطني جامع يحوي الجميع لقيادة مشاريع انتاجية كبري يقوم بها الكل لمصلحة الكل خلاف العصبية التي تعتبر نفسها هي الكيان خلاف الكيان الوطني . وأن يكون الاطار الحاكم لها بالضرورة ليس هوالاستبداد السياسي ولغة التخوين علي كل مستوياته ، رغم اننا لا زلنا نصارع هذه الحالة العدمية وهي التي لا تزال تعمل.
لا يمكن الخروج من دائرة العنف وإلغاء الاخر المختلف وبناء سودان جديد، ما لم يتم إيقاف دائرة الانتقام. ولكن هل يوجد عقلاء نافذون قادرون على ذلك؟لا اظن لان اغلب هؤلاء ولكى يصعدوا لابد من اسقاط الاخر.
اذاً لا يصلح فرض مجموعة من الصيغ والتجارب الغربية في بناء نظام سياسي واجتماعي بعيد كل البعد عن طبيعة مجتمعنا ووضعه الحالي وخاصةً ما يتعلق بالنظام السياسي والتربوي والقيمي ومنظومة العادات والتقاليد التي تتقاطع في مفاصل كثيرة مع الصيغ الأوروبية لتطبيقات الديمقراطية. المجال السياسي ما بعد ثورة ديسمبر لم يحدث نقلة نوعية كما انتجه الغرب فما حدث فقط مجرد تركيب نوع حداثي علي بني اجتماعية بعضها تسير بشكل خفي من خلال العصبيات والفكر الاصولي والقبلي وتتشكل من مختلف الوان الاستبداد في ترسيخ لاطار حاكم لذهنيته، فذهنية انساننا خاضعة للاستبداد السياسي و للعصبيات التي يهمها الولاء وليس الاداء مقابل الحماية والغنيمة. لذا ظل انساننا والي وقت طويل يوصف بأنه قطيعي تبعي، يظهر هذا في الانتخابات التي هي نوع من المبايعة للزعيم السياسي او القبلي والذي يمثل الشباب المهمش قواه الضاربة والذي هو وقود العنف ولا زلنا نصارع هذه الامور التي تتحكم في البني الاجتماعية والسياسية وخذ قضية شرق السودان كمثال. ففي البداوة نجد أن نوع العصبية يستند علي نسق من التعاضد والتازر القائم علي رابطة الدم وتترسخ العصبية من اجل الحماية والحصول علي مصادر الحياة.
الثورات ليست فعل أسطوري، فالثورة الحقة هي مجموعة ثورات متداخلة ومترابطة ومتناسقة(ثورة سياسيه و صناعية وثورة تعليميه وثوره ثقافية وثورة فكرية). هي طبقات من البني الفوقيه تفاعل بنضج وروية تسند البني التحتية الاقتصادية والاجتماعية للثورة وتكرس لها عمليا، أدناها علي مستوي الخطاب السياسي والثقافي.
يظل السؤال قائما كيف لنا ان ننجز ثورة بحجم هذة التضحيات العظيمة وبعزائم هذا الجيل الجبار و الكتلة الحرجة توصف بأنهم المتخلفون المقهورن (هم المعرضون لفقدان سيطرتهم علي مصيرهم و المعرضون لفقدان كرامتهم الانسانية و المعرضون للتهميش وتجاهل تنمية طاقاتهم الحية المنتجة و المعرضون لمختلف انواع الفكر الاصولي والاستبداد السياسي والعصبية القبلية).
لان مشاريع التنمية السياسية اسقطت فوقياً علي مجتمعاتنا وكذلك الانظمة السياسية ركبت فوقياً ولم تكن نابعة من القواعد والقوي المجتمعية المنتجة التي تنتخب ممثلين سياسين أو مجتمعين بالتفويض.ولأن النادي السياسي لازال عندنا متخلف عن ادوات الفعل السياسي التي تخاطب جيل التغيير ولاينتبه الي ان تغييرات سياسية كثيرة حدثت علي مستوي البيئة السياسية المحلية والعالمية. ولأن ما تبدي من تمظهرات ما بعد ثورة ديسمبر وتمدد الشعبوية في مساحات الفكر السياسي الجاد والسياسيون المحترفون والتى نتجت من عمليات (كلفتة) في استيراد للحداثه في مختلف مظاهرها و تركيب نوع من الحداثه فوق بني نفسية واجتماعية هشة.
هل هذا النموزج الذي وصلنا الية بعد ثلاثة سنوات وما وجدنا أمامنا اليوم من ثورة مهدورة و زعامة غائبة وديمقراطية هجينة مساقين اليها سوقا. يدفعنا للبحث عن زعيم قائد ملهم يمتلك سرِّ النجاح وشفرة صيغها في إدارة الدولة التي تواكب منظومة مجتمعاتنا القيمية والاجتماعية والتربوية بما يعزز مبدأ العدالة والقيم الخلاقة والحداثة التي تُكرس المعرفة والتطور العلمي والثقافي والسياسي والاقتصادي في نظام يعتمد العدالة والمساواة والمواطنة بما يحترم خصوصياتنا.
هل نحن نحن أرضا خصبة لا تنتج إلا دكتاتوريين ، و خيبة مزمنة يعانيها شعبنا الذي يجعل الأشجار والإزهار تنمو وتورق حتى في غير أوانها ثم تذبل سريعا ، وكذلك يفعل شعبنا مع القادة الذين أنتجتهم ثورة ديسمبر المجيدة !. حتي البعض يشتط بأن يمني النفس بان يولد من بيننا نميري آخر بثوب ديمقراطي ! وبالنظر الي تجربة حمدوك، بعضهم يبحث عن بديل ثوري وقيادة جماعية فيها رأس لكنه ليس تاريخياً ولا ملهماً ولا تنظم فيه الأشعار وتغنى بحضرته أو بحبه الأغاني ، لا يكون عنيدا ولا فرديا ولا تتوفر فيه مواصفات خارقه لا تتوفر في غيره كي يستغلها ويستبد.
ما نرنو اليه فريق عمل له برنامج وطني يعالج العلل المزمنة التي يعانيها شعبنا. بالخصوص العلل التي قفزت إلى الواجهة بعد سقوط نظام الانقاذ ، قيادة تعتمد على الكفاءات والخبرات ولا تستثني أحدا من السودانيين الأكفاء.
لم تملك اليابان وألمانيا وكوريا وسنغافورة وتايوان وماليزيا والبرازيل النفط وليس فيها أحزابا تدعي الحداثة و احزابا طائفية و مجموعات مسلحة وادارات أهلية ولم يدعي احد من ساسة هذه الدول انه يمثل الثورة ولم يتهافت سياسيو هذه الدول ويجتمعوا ليقروا انصبتهم و امتيازاتهم . بينما سياسيينا لا زالوا يتغيبوا فرادا وجماعات عن إقرار سياسات الحكم و برامج عمل حكومة الفترة الانتقالية التي تهم السودانيين . ولم يسافر قادة وساسة تلك الدول لأخذ التعليمات من دول الجوار . لهذا قفزت هذه الدول اقتصاديا ونمت فكريا وبقينا متأخرين عن الركب. و الحديث عن مواصفات رئيس وزراء ما بعد الاتفاق النهائي يدفع الي التساؤل هل لا زلنا بحاجة إلى زعامة تاريخية ملهمة ؟ كلا ، لان هذه الزعامة ستتحول إلى دكتاتورية وان هي أبت ذلك فنحن من سيصنعها. نحن بحاجة إلى قائد مولود من رحم الثورة ياسس لثقافة إذا قال الثوار أنجز قائدهم ما يريدون وردد ما يقولون يأخذ بيد المجتمع صوب العمل والإنتاج والتنمية وان غاب هذا القائد أو انتهى دوره من يأتي بعده يكمل المسيرة.
السودانيون يريدون ريئس وزراء قادر علي بناء فريق عمل يحمي شعبنا ويمتن أواصر وحدتنا الوطنية ويرتقي بمدارسنا وجامعتنا ومستشفياتنا وصناعتنا وزراعتنا.
اعرف أن اتجاه الأشرعة وليس اتجاه العواصف هو الذي يحدد وجهة سيرنا . و إن أضمن طريقة لإظهار قوة شخصية الأخرين هي منحهم القوة وليس وضعهم في الشدائد . و إن القيادة هي القدرة على تحويل الرؤية الى واقع.
أكاديمي و باحث
الصادق المهدي الواحد ده ؟ ياخي الصادق المهدي كان ابو الفشل ذاته. و ستة عقود و الصادق المهدي لم يطلع قوز أخضر.
بعدين ديمقراطية و حداثة بخصوصية مجتمعنا دي كيف؟ علمانية محابية للاديان زي تبع محمد ابراهيم نقد؟
غايته عندكم قدرة على التلفيق و التوفيق الكاذب لا يقدر عليها أحد. المهم انت ليس الجيل الذي سينعم بالتحول الديمقراطية لأنه زي مشي اتباع و تيههم في الصحراء و لم يدخلوا ارض الميعاد بل وصلها احفادهم و انتم كذلك مع التحول الديمقراطي.
تقصد أمام على شاكلة الصادق واقوالة التى تستهدى بها الثورة ( دى بوخة مرقة ساااااى) ام ( ارجعوا ايها الثوار ماتبارونى انا ماشى بيت عزاء ) او على شاكلة ( البشير جلدنا ومابنجر فيهو الشوك ) ! معقول جاى تدلنا على قائد للثورة على شاكلة امامك الصادق المهدى ! رحم الله نميرى الذى اطلق عليه ( الكاذب الضليل )
دا كلام كبار الطافش ما بيقدر يفهمه… كان الصادق رمزا للديمقراطيه و امامته ( كسبيه)
(وإن القيادة هي القدرة على تحويل الرؤية الى واقع) شتان مابين هذا القول والواقع السياسي الحالي.
الصادق المهدي ليست اديه رؤية وقد تجلي ذلك في اهانته للثورة وهي علي اعتاب النصر و وصفها بمرقة البوخة…
هل هو غياب قادة بهكذا صفات والذى يعد المرحوم الامام الصادق المهدى اخرهم؟
يا زول أنت بكامل وعيك؟!!!!!
لقد أسموهو ابو كلام و بوخة المرقة ووووو
عليه الرحمة
شوف ليك زعيم غير
هل هو غياب قادة بهكذا صفات والذى يعد المرحوم الامام الصادق المهدى اخرهم؟ ههههههههه الصادق المهدي لم يحفظ عهد او وعد وكاذب ومريض نفسي بدرجة زعيم و لو كان مواطن في دولة اروبية لقضى جل حياته في متستشفى المجانيين