مقالات وآراء

ظُلم الطُغاة (١)

دُنْيا دَبنْقا
د. نور الدين بريمة

من مواليد حي الوادي شرق في العام ١٩٦١م ، أعرق وأقدم الأحياء التي تتوسط مدينة نيالا البحير (غربي الجبيل) ، أو كما يحلو لأهل نيالا وصفها وتدليلها بذلك ، والحي يحازي وادي (برلي) شمالا ، أي الوادي الذي يقسّم المدينة إلى نصفين شمالًا وجنوبًا.

نشأ بطل قصتنا بين جمال : رمالها ، مائها ، خضرتها ووجهها الحسن ، وترعرع مُترفًا ومُولعًا بحب الرياضة ، سيما كرة القدم والسلة واليد ، وغيرها من فنون المُستديرة ، ولمّا إستوي عوده في الرياضة ، خصه الله بحراسة ثغور فِرق كرة القدم الرياضية السودانية ، فتنقل بين نجيلها وميادينها وسوحها.

جاءت بدايته ليجد مقعدًا في حراسة مرمى فريق مريخ نيالا الرياضي ، خلال الأعوام ١٩٧٧م – ١٩٨١م ، ثم إنتقل بعدها إلى حراسة مرمى الأهلي نيالا ، إنتهاءًا بحراسته لمرمى هلال الأبيض ، من ١٩٨١م إلى ١٩٨٣م ، وعندما أجاد ضيفنا حراسة المرمى ، فقد تم منحه جائزة أحسن حارس مرمى في العام ١٩٨١م ، بود مدني الشيخ السني ، إحدى المدن التاريخية ، ذات العبق الخاص ، في الجزيرة الخضراء.

وكعهد الشباب في ذلك الزمن الجميل ، ولج بطل قصتنا مجال الخدمة المدنيّة ، ليعمل في عدد من المدن السودانية ، سيما ولايات دارفور الكبرى ، في زمن كان فيه ظرفاء ووجهاء المدينة ومتّخذي قرارها ، يزيدون في إهتمامهم بالأجيال الناشئة والمهتمة بالرياضة.

فيبحثون لهذه الناشئة عن مصادر عيش كريم ، تقيها شرور الدنيا وتدفعها نحو الإهتمام بالرياضة ، حتى تتفرغ لها ، وتثقل أبدانها بفنونها ، دون الإنشغال بمصاعب الحياة ومشاغلها.

لذلك تم تعيينه موظفًا في هيئة مياه دارفور ، في العام ١٩٧٩م ، عندما كانت دارفور في أوج عظمتها تشكّل إقليمًا واحدًا ولُحمة متصلة ببعضها بعضًا ، قبل تقسيمها إلى (أيْدي) سبأ أي قبائل و(خُشُوم) بيوت.

تم تعيينه ضابطًا إقليميًا في ريفي برام (الكلكة) الكبرى التي كانت تضم عشرة محلية ، فقام بإنشاء إدارة مياه المدن في الضعين ، ١٩٩٧م – ١٩٩٩م ، كما صالت وجالت خبراته ساحات العديد من المنظمات الوطنية والأجنبية ، التي عمل فيها إستشاريًا في شؤون المياه.

إنتقل كذلك فريد عصره ، إلى عدد من المواقع الوظيفية ، حيث شغل ما بين عامي ٢٠١٢م – ٢٠١٣م مديرًا عامًا لوزارة الشباب والرياضة ، في ولاية شرق دارفور ، عندما كان واليها د. عبد الحميد موسى كاشا ، كما تقلد عدة مناصب أبرزها : كبير مهندسي مشروع المياه وإصحاح البيئة.

عاد ضيفنا مرة أخرى ليتم تعيينه ، مديرًا عامًا لوزارة الشباب والرياضة في ولاية جنوب دارفور ، وبالرغم من نفيه لشائعة عدم علمه بالتعيين ، إلا أن بعض رواة مدينتنا البحير ، زعموا أن التعيين تم دون علمه ، يعني أنه سمع إسمه في الاذاعة (زيُّو وزيْ أي زُول).

مثلما أفاد الرواة أيضًا أنه إستمر في الموقع لدورتين متتاليتين ، عندما كان (الدكتاتور) آدم الفكي ، واليًا على الولاية ، كما نفى الرواة بشدة في ذات الوقت ، صلة ضيفنا بنظام (المشير البشير)، وأكدوا أنه كان عصيًا عليهم ورافضًا لتوجّهاتهم…!!!.

وزعمت ذات المصادر أن تعيين بطل قصتنا ، جاء بناءًا على أن شقيقه (إخوانيًا إسلاميًا) من الطراز الأول -أي أنه- سيد العظم المكسو (باللحم الشاحم) حيث كان مديرًا لجهاز الأمن الإقتصادي في السودان، وهي ما أفزعت والي (الغفلة) ، أي والي الأمر الواقع الذي ظل (أسدًا) على رعيته .. و(نعامة) عند أولياء نعمته.

ممّا جعلته ضاربًا خُمسه بسُدسه ليتقرّب بهذا التعيين إلى سيّده في جهاز التمكين السلطوي، خوفًا وفزعًا من لوازم : القتل ، القمع ، السطو ، فقدان الموقع ، وكل صنوف الإنتهاك الإنسانيّ.

لأن الجهاز وبعضمة لسانه ، إعترف في كثير من المواضع ، بأنه صاحب اليد الطُولى في إزهاق الأرواح وإهدار الموارد ، دون مراعاة للقيم المجتمعية.

وأذكر أنني عندما كنت معتقلا في الميدانية جوار المنطقة الصناعية نيالا ، في العام ٢٠١٠م ، هدّدني أحد ضباط الجهاز بالقول : (إنت ما سمعت إننا أمبارح قتلنا زول)، وهذه قصة أخرى سنفرد لها كتابًا آخر ، ولكن لا يساورني شك أن الجهاز هو صاحب النفوذ في الإضرار بالبلاد والعباد.

عفوًا ، وعودًا إلى سيرة بطل قصتنا ، فقد تم تعيينه مديرًا عامًا لهيئة مياه الولاية ، والذي ظل فيه إلى تاريخ إقالته ، بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بحكومة البشير ، وجاءت بموسى مهدي إسحاق ، واليًا على جنوب دارفور ، فتم إستبداله وتعيين شخص آخر ، لتبدأ فصول الصراع بين بطليْها في هيئة مياه الولاية : المدير السابق ، بشير مختار أحمد ، والمدير الحالي ، محمد المصطفى فضل.
نواصل….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..