
بينما تجري الاستعدادات لعقد مؤتمر العدالة، والعدالة الانتقالية من ناحية، ومؤتمر الاصلاح الهيكلي للقوات النظامية بدمج قوى الدعم السريع وحركات الكفاح المسلح وذلك استكمالاً لمؤتمرات التمهيد للاتفاق السياسي النهائي، فيما يؤكد ذلك على الخطوة التالية بتكوين حكومة تنقل البلاد إلى واقع ديمقراطي، قابل للاستقرار والاستمرار عبر انتخابات حرة ونزيهة. بينما تجري تلك الاستعدادات تجاوز المشهد السياسي العسكري أيضاً تفاصيل مزاعم أختلاف بدت مثيرة للقلق بين القيادات في الدعم السريع والقوات المسلحة، فيما أنتهت مزاعم تلك الاختلافات إلى تأكيد ما ورد في نصوص الاتفاق الاطاري، بأن المستقبل لا يحتمل غير حقيقة أن القوات المسلحة بإرثها التاريخي تستطيع أستيعاب قدرات الدعم السريع وضم امكانيات حركات الكفاح المسلح، إلى جيش وطني واحد، ذي عقيدة قتالية واحدة، وبمعايير دولية معمول بها في غير السودان من الدول، مما يفسح للقوات النظامية أن تقوم في احترافية بواجبها في حماية الحدود، عدا أعباء وطنية أخرى قد تستحق العون العاجل مثل الكوارث، فيما يكتمل بناء الوطن المدني الديمقراطي الفيدرالي البرلماني بكل مكونات الشعب السوداني السياسية، الحزبية والمدنية والأهلية.
في مثل زمن الانتقال النوعي الذي تعيشه بلادنا، تتداعى أحداث التاريخ لنأخذ منها العبر والتجارب، ضماناً لمستقبل مشترك، وقابل للأستمرارية. من ذلك، يدرك جيلنا من دارسي التاريخ ومتابعيه أن مؤتمر (يالطا) في البحر الأبيض المتوسط، الذي عقده زعماء الحلفاء بمن في ذلك رئيسا الولايات المتحدة الامريكية، والاتحاد السوفيتي، زعيمي العالم مابعد الحرب، وهما من مثّلا أيضاً رمزية ابتدار الحرب الباردة التي كانت على نحو كبير حروب بالوكالة في العالم الثالث خاصة أفريقيا وآسيا. لقد كان العسكريون في دول العالم الثالث هم القادة والسادة خاصة من خلال الانقلابات العسكرية، بحكم أن تدريبهم العسكري والمعنوي إنما أتت بقدرات الدول المنتصرة في الحرب، ولم يكن أمامهم غير نماذج القوة التي لم تعتمد التنمية أو السياسة الناضجة، ومع عدم استطاعتهم استغلال الموارد من أجل المواطن، كانت الشركات والشراكات الأجنبية هي من تستفيد من موارد بلادهم، وهكذا تحولت أفريقيا خاصة لحروب طويلة بأسلحة غربية لبقاء استعمارات اقتصادية، لم يكتمل التحرر منها حتى اليوم.
كان المدخل في مؤتمر يالطا، هو خطاب تقرير المصير للشعوب التي شاركت مع الحلفاء في الانتصار على دول المحور (المانيا، أيطاليا، اليابان .. الخ) في الحرب العالمية الثانية، وكان الشعب السوداني ممن شارك في تلك الحرب بأورط عسكرية من قوة دفاع السودان، في كل من الجبهة الشرقية على الحدود السودانية الأريترية الأثيوبية، وفي الجبهة الغربية في ليبيا خاصة طبرق. لقد صحب إنتصار الحلفاء، شعور قومي سوداني تنامى بالغناء الوطني، والاتصالات، والرياضة، والتنوير السياسي الثقافي، والذي بلغ مداه بتكوين الجمعيات الأدبية والأحزاب السياسية، ودأب الحركة الشعبية في قطاعات متنوعة في كل أنحاء السودان، والتي عرفت في المجمل بالحركة الوطنية السودانية.
لقد مضى نمو الوعي القومي السوداني في محورين: مدني وعسكري وكلاهما كان مدركاً لدوره في الاستقلال وضرورة المشاركة في قيادة الدولة، على أن التيار المدني هو من ظل يدفع بالتيارات العسكرية إلى استلام السلطة بالعنف لصالح حزب أو جماعة، ثم تتبلور قيادة من داخل الانقلاب لازالة تأثير المدنيين، وتبقى هي على سدة الحكم حتى يحين اكتمال دورة الإحتجاج المدني عليها، فتمضي إلى قائمة الأنظمة السابقة وبدعم من عناصر عسكرية أيضاً، على أنه جدير بالذكر أنه لم يتم في أي حالة من الحالات، أن قضى عسكريون على مدنيين على خلفية نزاع سياسي، إنما الذي كان يحدث ودائماً أن ثمة نزاعات مدنية تستدعي أن تكون القوات المسلحة طرفاً منحازاً، وفي ذلك يشمل الضحايا مدنيين وعسكريين، كما حدث في انقلاب 1971، أو 1975، وتلك دلالة بارزة ومؤكدة أن من ضمن تقاليد القوات المسلحة السودانية الولاء للمحرك المدني للحكم، سواء أكانت جماعة أو حزب، أو جهة، أو قبيلة أو تيار وطني عريض يؤكد على مبادئ وطنية دستورية مشتركة.
لقد ظلت المداخل والدواعي للإنقلابات العسكرية في السودان، كما تظهر في بياناتها الأولى، أما للحفاظ على سلامة حدود البلاد، أو تأكيد الأمن لمواطنيها ، أو تهيئة الأجواء لظروف إقتصادية منتجة، أو الحفاظ على تراث الأمة .. الخ، بما توحي بها المجموعات المدنية التي تقف وراء الانقلاب تشجيعاً وتمويلاً وربما تقدم تعهدات أيضاً بالحماية والرعاية المستقبلية، وكل ذلك إنما يتم في ظروف أنعدام واقع دستوري مستقر، قد تجعل الحكومات الشرعية أقل قدرة على العطاء المبرأ للذمة السياسية أمام مواطنيها.
بتلك الخلفية أيضاً ظلت الإنقلابات حالة أستثنائية وإن وجدت تأييداً في البداية بسبب الغضب على ممارسة الساسة في الواقع السياسي الدستوري المضطرب، إلا أن الشعب يثور مجدداً وإن طال الزمن، ليضع النظم الشمولية الديكتاتورية التي وصلت سدة الحكم بانقلاب عسكري أيّاً كان، في قائمة النظم الفاشلة تاريخياً، وليس أدل على ذلك، من انقلاب 30 يونيو 89 والذي وقف خلفه وامامه ومن بين جنبيه، ماعرف بالجبهة الاسلامية القومية ضمن الأحزاب حديثة التكوين بعد إنتفاضة ابريل 1985.
إن النضال الطويل للشعب السوداني في تنوعه المتميز، أنتصر في خاتمة المطاف بنجاح ثورة ديسمبر المجيدة المتقدة والمستمرة إلى المستقبل، وهي ثورة أكدت حقائق أساسية: أن الانقلابات مهما توسعت حولها الحيل، فإنها لن تنجح، وذلك ما تأكد في 25 أكتوبر 2021، مما جعل المروجين له يطلقون عليه (إجراءات تصحيحية)، وأيضاً أن الشعب في تنوعه وبحريته في سلام سيختار قادته من المدنيين بمن في ذلك العسكريين الذين خرجوا إلى فضاء النشاط المدني، كما تأكد وبقوة أن القوات المسلحة ولاؤها للشعب السوداني ويمكنها العمل تحت إدارة حكوماته الانتقالية والمنتخبة وهي في ذات الوقت مدركة لواجباتها المهنية، وفوق هذا وذاك تأكد في الضمير اليقظ للسودانيين أن الديمقراطية خيار ومبدأ دستوري ضمن مبادئ أخرى لا تقل شأناً مثل الفيدرالية، سيادة حكم القانون، والمواطنة أساس الحقوق والواجبات وغيرها من المبادئ الدستورية، هي ما تجعل السودان درة أفريقية وشراكة دولية ، ومحل التراضي بين مواطنيه.
على المكون العسكري ان يبدي حسن النيه للشعب السوداني انه موافق وساعي للعمليه السياسيه الجاريه وانه صادقا في التغيير للنظام المدني وهي باصدار بيان بتفكيك مليشيات الفلول من امن شعبي ودفاع شعبي وكتائب ظل داخل وخارج القوات النظاميه وجمع اسلحتهم ومصادرة مواقعهم ومكاتبهم واعتقالهم ان كانوا خارج المنظومه العسكريه واقالتهم ورفدهم ان كانوا داخلها؛ اعلان الحركه الاسلاميه تنظيم ارهابي يعمل ضد العقيده والوطن وكان يقوم بتدمير السودان من خلال عمالته لدول لاتريد تقدم وتطور السودان حتي الان ويقومون بهذا الدور من خلال الدوله العميقه الموزايه،كذلك حل وتفكيك خلايا هذه المليشيات من قوات درع الشمال ودرع البطانه التي كونت قريبا؛ بعدها تبدا في اعلان بيان اخر في دمج قوات الكفاح المسلح.