ظُلم الطُغاة (٣)

دُنْيا دَبنْقا
د. نور الدين بريمة
ليس دفاعًا عن زيد أو عبيد ، ولكن مهمتنا نشر وإظهار ما نعتقد أنها الحقيقة ، ومن حق غيرنا الإعتقاد بغير ما نرى ، فقط حجتنا معهم (قل هاتوا برهانكم إن كنتم عالمين) ، ومن خلال ما تحصلنا عليه من مستندات ، أكدت زعمنا فيما ذهبنا إليه بوجود ظلم وقع على ضيفنا فابتدرنا مقالاتنا لإحقاق الحق وتعزيز العدالة بين الورى.
مما ينبغي لنا المواصلة فيها ونشرها وتعزيزها بين العالمين، ولا يساورنا في ذلك أدنى شك، أن الإنصاف والعدل للمظلومين قيمة إنسانية تداوي جراحهم، وتسهم في إعادة الحقوق ولو بعد حين ، سيما ونحن ندرك أن كلمة الحق في وجه سلطان جائر ، هي في حد ذاتها العتبة الأولى لتحقيق العدالة ، وليت قومي يعلمون!!!.
سيّما وأنتم العارفون بأن قيم العدالة لا تتجزأ ، فالمدير السابق لهيئة مياه ولاية جنوب دارفور ، بشير مختار أحمد ، ومن خلال المستندات نعتقد أنه مظلوم ، من ذوي قرباه ، الذين قدّم لهم ما قدّم ، ومنحهم عصارة جهده وعمره ، لكنه لم يجد منهم إلا شرًّا مستطيرًا ، وطعنًا خلف أستار النفوذ ، وحرمانًا من حقه الإنساني في المرتب والوظيفة.
أمّا المدير الحالي ، محمد المصطفى، فأخذته العِزّة بالإثم ومارس على مديره السابق إبتزازًا وظلمًا بائنًا ، لمجرّد أنه كان من مسؤوليته الإدارية التحقيق معه ، والكشف عمّا هو مخبأ في صدره موضوع الإتهام بمياه الريف ، والتي لا ينبغي لها ألا تدار بطريقة تصفية الحسابات بين الخصوم وسوء إستخدام السلطة ، التي لن تدوم طويلًا ، مهما طال الزمان أو قصر ، فإنك تاركها طائعًا مختارًا كنت أم مكرها.
ومضى بشير في سرد قصته قائلًا : تقدمت بطلبي للعودة إلى نيالا طوعًا بموافقة المدير العام ، وبعد أربعة شهور حصلت على الموافقة ، لتقوم أمانة حكومة جنوب دارفور بعد ذلك ، بتحويل خطابي إلى هيئة المياه ،
لكني فوجئت حقيقة بعدم وجود وظيفة في الدرجة الثانية، مما جعل مجلس الوزراء أن يستصدر قرارًا بإستيعابي في الدرجة الثالثة.
ولكنّي إقترحت عليهم إستيعابي فيه، إلى حين إيجاد الدرجة الثانية أو الوظيفة المطلوبة، وظللت على هذا الحال سبعة شهور لم أصرف مرتبي، قابلت حينها نائب الرئيس، وطالبني بالإستمرار في وزارة الشباب والرياضة تحت دعاوي أن الدورة المدرسية على الأبواب، إلى حين إيجاد المعالجة، ولكن بعد دمج الوزارات تقدمت بإستقالتي، بسبب إهمال وزارة الشباب والرياضة.
إستمريت في محاولات المطالبة، في عهد الوالي آدم الفكي، بيد أنه قال لي: إنت مدير عام، وبعد عشرة أيام من ذلك تم تعييني مديرًا عامًا لهيئة مياه الولاية، بتاريخ ٥/٢٠١٩ إلى ١٥/٧/٢٠٢١، تاريخ إعفائي، لكني إستلمت خطاب الإعفاء يوم ٢٦/٧/٢٠٢١، وبعد يوم سلّمت الإدارة عبر مذكرة تسليم أعددتها لذلك.
ثم قمت مرة أخرى بمطالبة أمانة الحكومة، التي أوصت بإنشاء وظيفة، بإعتباري متضرر في الترقي حسب وصفهم لي، ولكن لم يتم إستيعابي، ولم أصرف مرتبي، كما أن مدير مياه الولاية الحالي إتهمني بشراء طلمبات غير مطابقة للمواصفات، وتم التحقيق في الأمر بالتفصيل من جهات محايدة.
وتأكد لها أنه بلاغ كيدي، بيد أن الوالي المكلف (هنون) بدأ في تغيير نظرته تجاهي، ولكن مستشاره للخدمة المدنية، آدم عبد الكريم، كتب له مذكرة أشار فيها إلى أنه إعفائي (بشير) من الخدمة، يعتبر خطئًا قانونيًا يصعب تداركه، لكنهم كالعادة تجاهلوا الإستشارة ولم يعملوا بما تم نصحهم به.
عذرًا عزيزاتي أعزائي، خانتني ذاكرتي، ونسيت أن أذكركم أن الطُغاة المُتاسلِمين قد (عوَجُوا) دروب الحياة السودانية كلها، وما الخدمة المدنية والعسكريّة، الا حجرًا في بركة ساكنة من الإعوجاج، حيث جعلوها خاوية على عروشها بلا طعم ولا رائحة، وصارت مرفئًا دافئًا وأرضًا خصبة لادارة الأزمات وتصفية الحسابات و(اللف والدوران)، وهذا ما يدفعنا للقول: إنه لابد من بتر هذه القيم الصدئة من المؤسسات، حتى لا تفسد الأفكار التي ما زالت حُبلى بإحترام التلاقح والأفكار.
لأنها بالطبع- أي إحترام- الأفكار والتنوع، يمكن أن تدفع مجتمعاتنا إلى نزع فتيل الإنقسام والعيش في سلام وإستقرار، وإحقاق الحقوق بينها، بيد أنها فإن لم تحسن تعاملها مع بعضها، فذلك سيدفعها إلى المزيد من الإنشقاق والبغضاء والتباغض، وسينفرط عقدها المتهالك أصلًا بسبب ظلم الطغاة وجبروتهم.
نواصل…