تجفيف القنوات الرئيسة لمشروع الجزيرة والمناقل من الماء ، لمصلحة من؟

م. عبدالله محمد أحمد
قامت ادارة وزارة الري في عامي 2021م و 2022م بالتجفيف الكامل للترعتين الرئيستين الخارجتين من خزان سنار لري مشروعي الجزيرة والمناقل. كي اكون واضحا ، كان تجفيفا تاما بحيث انه يمكنك عبور القناة الرئيسة لمشروع الجزيرة مشيا على الاقدام دون ان تبتل قدماك بالماء. وللعلم منذ انشاء مشروع الجزيرة والمناقل ، عادة لا تجفف الترعة الرئيسة ولا القنوات الكبرى والصغرى من الماء الا في هذين العامين 2021م و 2022م . ذكر لي البعض ان الهدف من ذلك هو صيانة القنوات والميجورات الرئيسة. ولكننا نعلم ان المؤسسة الفرعية للحفريات بوزارة الري ، وهي مؤسسة انشئت لصيانة قنوات الري في المشاريع الزراعية القائمة في الجزيرة والمناقل وحلفا والسوكي فقد كانت تقوم بازالة الطمي المتراكم على قنوات الري وهي ممتلئة بالماء. تجفيف القناة الرئيسة للمشروع يعني تجفيف كل الميجورات والترع ودبل (Double) ابوعشرينات من المياه في كافة مشروعي الجزيرة والمناقل . بالطبع لوزارة الري مبرر لهذا الاجراء ، ولكن السؤال هل تم تقييم هذا الاجراء بالخسائر والنتائج السالبة على اهل الجزيرة والمناقل؟ ولكي لا يتكرر تجفيف قنوات الري بمشروع الجزيرة في ابريل القادم من هذا العام (2023م)، هنا دعوني ارصد بعض من الخسائر التي حاقت بمواطني الجزيرة والمناقل بسبب تجفيف قنوات الري.
1. المتضرر الاول الرعاة واصحاب تربية المواشي من الابقار والاغنام والضان والابل وكذلك الدواب من خيول وحمير وطيور وغيرها . كانت القنوات الصغيرة داخل المشروع من ترع ومصارف هي مصدر السقيا الاساسية لهذه الانعام ، فالان انعدمت هذه الخدمة. هذا الوضع اجبر الكثيرين من اصحاب الابقار والاغنام على التخلص من قطعانهم ببيعها . للعلم ، بالجزيرة والمناقل اكثر من عشرين مليون من الابقار والاغنام والضان والابل والخيول والحمير هذا غير الكلاب والطيور ومن غير ما يأتي للجزيرة من انعام من ارض البطانة بعد انتهاء الحصاد.
2. عدم الشراب الكافي للانعام انعكس بصورة واضحة على كمية الالبان المنتجة داخل المشروع ، فقد لاحظت اكثر من مرة عودة الاطفال باواني فارغة من اصحاب بيع اللبن ، مما قاد لاثار سالبة على صحة الاطفال والذي يعتبر الحليب شيئا اساسيا في غذائهم.
3. زاد العبء والتكلفة على بيارات القرى من استهلاك زائد للكهرباء والوقود وعمر المحركات في البيارات او زيادة فاتورة وقود الديزل والذي اصبح اصلا مكلف وصعب الحصول عليه ، اذ ان ما تستهلكه الحيوانات من الماء اكثر مما يستهلكه البشر.
4. نفوق الاف الاطنان من الاسماك التي تعيش في هذه القنوات مما حرم الكثيرين من غذاء سهل وميسر وبلا تكاليف وكذلك تضرر الصيادون الذين يعيشون على مهنة صيد السمك بالذات في القنوات الرئيسة والميجورات.
5. اعادة تعبئة قنوات الري بالماء على مستوى مشروع الجزيرة تأخذ وقتا طويلا ، فقنوات المشروع يبلغ اجمالي طولها احدى عشر الف (11،000) كيلو متر تقريبا. ففي العام الماضي لم تصل المياه الى وسط الجزيرة الا في منتصف شهر يوليو مما أدى لتأخير الزراعة عن موعدها . بعض المزارعين فقدوا بذورهم التي نثروها في الارض الجافة في انتظار الماء والبعض فقد محصوله اذ جف وهو غير كامل النضج والنموء والبعض قد قلت انتاجيتهم بشكل ملحوظ بسبب تأخير الزراعة.
6. غياب المسطحات المائية داخل الجزيرة يقود الى ارتفاع درجة حرارة الجو وخاصة في شهر مايو.
7. بالجزيرة والمناقل حوالي الفين واربعمأئة (2400) كمبو، تعتمد في شرابها وشرب انعامها اعتمادا ناما على مياه الترع بالمشروع ، الان هذه الكنابي ستفقد الماء من ابريل حتى مطلع يوليو.
8. بعض ما تبقى من القناطر المأهولة تعتمد على شرايها من من المياه المنقاة من الترع.
9. لا اعتقد انه تمت دراسة لتقدير حجم الخسارة المادية لاهل الجزيرة الناتجة من هذا القرار.
قصدت من هذا الموضوع امرين.
الاول هو دراسة الاثار الاقتصادية على ساكني مروع الجزيرة ومقارنتها بالفائدة الناتجة من تجفيف قنوات المشروع.
والثاني هو اشراك المزارعين بالمشروع عند اتخاذ قرارات خطيرة كهذه وهي قرارات مرتبطة ارتباطا مباشرا بحياة ومصلحة المزارعين والساكنين في المشروع.