تساؤلات مشروعة عن تخبطات الإنقلابيون وقفزاتهم العشوائية
منير التريكي
طائرة قائد الإنقلاب هل أخذت إذن للهبوط في مطار مروي ؟ لم لم يسلك طريق شريان الشمال الذي أضرت به شاحنات السيسي حليفه في الوقت الحالي ؟ مطار مروي هو المطار الأقرب للخرطوم . وهو بذلك الخيار الأفضل في حال تعذر هبوط أي طائرة في مطار الخرطوم لأي سبب. الأخبار الواردة تقول بأن مطار مروي الآن في قبضة المصريين للمراقبة الجوية. الظن الأغلب تحسباً لهجوم إثيوبي على السد العالي في حال ضربت مصر سد النهضة في إثيوبيا. السودان هو المستفيد الأول من قيام سد النهضة. بإنتظام إنسياب ماء نهر النيل تطرح الضفاف جروفاً طويلة وعريضة وخصبة في حوالي مئتين كيلومتر في شمال السودان . هذه بآثارها أغرقتها مصر في بحيرة النوبة عند قيام السد العالي . مصر لم تضئ من كهرباء السد (لمبة) واحدة في السودان .هنالك فوائد أخرى اظهرتها الدراسات يمكن الرجوع إليها. في حال إنهيار سد النهضة – لا سمح الله- تغرق مدننا على ضفاف النيل نتيجة للاندفاع الكلي المفاجئ للمياه.
إختيار نتنياهو مقابلة قائد الإنقلاب في أوغندا كان له دلالة مهمة. أوغندا هي التي إختارها الفلسطينيون الفدائيون في السبعينات عندما اختطفوا طائرة العال الإسرائيلية وهبطوا بالرهائن الإسرائيليين في مطار عنتبي. المقابلة تعتبر نجاح إسرائيلي ضد المقاطعة وتذكير بمجد عسكري خلدته إسرائيل في فلم سينمائي .
في ظل التعريف الحضارة السودانية الضاربة في القدم وعملية التصحيح للتزوير المقصود لتاريخ السودان القديم. هل وجود المصريين في مطار مروي هو أمر عابر ؟ أم له دلالة ما ؟
مروي رمز للحضارة السودانية العريقة. حضارة كوشية منذ مملكة تاسيتي أرض الأقواس رماة الحدق وكرمة ونبتة وصولا الي أصل الحضارة الإنسانية.
كما تاجروا لثلاثين سنة بالدين هاهم فلول النظام البائد يتاجرون بقضايا السودان لكسب الوقت والإفلات من المحاسبة. تتم المتاجرة بقضايا أهل شمال السودان لتحقيق مكاسب للإنقلابيين الملاحقين قضائياً. لا يرفض السودانيون مشاركة الجيش في السلطة. لكنهم يرفضون اعادة تجربة حكم الإخوان سيئة الذكر . ظلم وقمع وعنف وظلم وفساد وسرقات مقننة وحماية للمفسدين ومطاردة الشرفاء ومعاداة المجتمع الدولي وحصار وعقوبات اقتصادية. إذن من غير المستغرب أن يستغل السماسرة الدوليون والإنتهازيون في الداخل والخارج الوضع ويثرون من افتعال الأزمات . قائد الإنقلاب لا يحقق أي تقدم لنفسه ولا لغيره. الذي يقفز في كل الإتجاهات يظل في مكانه بينما الوقت لا يتوقف. هو مع النظام السابق ثم يعتقل رئيسه بعد نجاح الثورة. هو مع الثورة ثم يغدر بشركائه في السلطة ويعتقل رئيس الوزراء. يتجاهل سرقة موارد أهل السودان عبر شريان الشمال ويعمل لشق صفوف شباب الترس الذي أوقف شاحنات النهب . ثم يذهب الي مروي ليحتفل بتزويج ستمائه من الشباب. بينما الشرطة تحت إمرته تقتل وتصيب وتعتقل وتعذّب وتشرّد شباب الثورة في الخرطوم وغيرها . الدلالة هنا واضحة . ترس الشمال وشباب الثورة. ومطار مروي.
متي يدرك العسكر المغامرون أنهم يضرون أنفسهم وأهلهم ضرراً بليغاً بطموحاتهم غير المشروعة؟ متى يدركون أن استيلاءهم على السلطة بغير حق يضيع على السودان الكثير جداً من الوقت والفوائد؟
عندما أغرق المصريون حلفا وما جاورها لمسافة مائتين كيلو متر كان العسكريون الإنقلابيون(عبود وجنرالاته نوفمبر1958م) يحكمون وبالطبع لم يدركوا حينها حجم الأضرار الضخمة لقيام السد . طبعا كلها أضرار وقعت علي السودان. لكن الجانب المصري كان يدرك تماماً مايفعله . هل يدرك العسكريون الإنقلابيون (25 أكتوبر 2021م) م ما يحدث الآن ؟ .