أحَسبَ رموز النظام البائد وفلوله أن يتركوا سُدَّى؟

إبراهيم سليمان
من عجائب المشهد السياسي السوداني ، إن يتجرأ القتلة واللصوص ، وسارقي أموال الشعب على التهديد بالوعيد ، لمن يعتزمون ملاحقتهم ، للقصاص منهم ، وتجريدهم من الثروات والممتلكات التي نهبوها خلال الثلاثين عاماً. وما كانوا بقادرين على إخراج رؤوسهم من الأجحار ، لو لا الغطاء القضائي والأمني الذي وفّرته لهم السلطات الانقلابية ، الحاكمة الآن بأوامرهم ، والتي تسابق الزمن ، وتستميت لإعادة تمكين رموزهم.
تابع الشعب السوداني مؤخرا مخاطبة عنترية عبر تسجيل فيديو لعنصر لجهاز الأمن السابق أنس عمر ، يزبد ويرغي محذراً القوى السياسية أمام المحكمة الصورية والعبثية لمدبري انقلاب الـ 30 من يونيو 89 يردد فيها عبارة “أحسن ليكم تختونا ، دربنا فِكو” ضاغطا على كل حرفٍ من حروفها ، معرفا أنفسهم بالتيار الإسلامي.
وجدوا أنفسهم في زاوية دفاع ضيفة للغاية ، وأنّ فسحة الاتفاق الإطاري أضيق عليهم من ضيق “ود اللحد” لتارك الصلاة ، ولم يتبقَ لهم سوى استعراض العنتريات الجوفاء ، والتي ما قتلت ذبابة ، ولن تخيف نعامة ربداء ، لذا طفق عنصر جهاز المخابرات أنس عمر يمّني نفسه ، ويبّشر زمرته من يتامى النظام البائد ، بأن موعد خروج قياداتهم الفاسدة، وشيوخ الضلال الرازحين في سجن كوبر قد أقترب ، وذلك عشم إبليس في دخول الجنة.
ارتكبت القوات الأمنية ، ومليشيات الحركة الإسلامية ، أبشع مجزرة في تاريخ السودان ، وفضوا اعتصام القيادة العامة ، ظناً منهم ، إن ذلك كافيا لإرعاب قلوب الثوار، وردع الإرادة الشعبية التي انعتقت وتفّجرت كالبراكين ، لإنهاء حكم الإسلامين تجار الدين وقد كان ، ذبحوا الثوار المعتصمين بالقيادة العامة ، ذبح النعاج ، وفضوا الاعتصام، ولم تنفضّ الإرادة الشعبية من الرغبة في الخلاص من القتلة والسفاحين ، والذي تحقق في فجر 11 ابريل 2019م.
نفذت اللجنة الأمنية للنظام البائد، انقلاب الـ 25 من أكتوبر 2021م ، واستأنفت سحل شباب المقاومة وتقتيلهم ، ظناً منها أنها بمقدورها أن تفلح في قمع الثورة ، ولكن هيهات ، ورغم عشرات الشهداء منذ انقلابهم المشؤوم ، آخرهم الشهيد إبراهيم مجذوب ، ولا تزال مليونيات المقاومة مستمرة ، ولم تفتر لها همة. فشل الانقلابيين في فرض
أمر واقع ، ووجدوا أنفسهم مجبرين لا أبطال التوقيع على الاتفاق الاطاري في ديسمبر الماضي مع القوى المدنية ، وكلّما اقترب موعد ترجمة هذا الاتفاق إلى واقع ، يلزم العسكر بالعودة للثكنات ، وتولي المدنيين السلطة وإبطال قرارات اللجنة الأمنية الاعتباطية ، واستئناف أنشطة لجنة تفكيك التمكين ومحاربة الفساد ، كما اقترب موعد هذا المنعطف المفصلي ، يزداد رموز الحركة الإسلامية ، تشنجا وصراخا ، ليصدح قائلهم الأصولي أنس عمر “أحسن ليكم تختونا ، دربنا فِكو”! .
كآخر محاولة يائسة لقطع طريق التحوّل الإطاري ، عقد مؤخرا ، رهط من رموز الحركة الإسلامية بقاعة الصداقة بالخرطوم ، حشدا محدودا للمغامرين منهم ، حضره بعض من رموز حلفائهم السابقين ، معلنين إطلاق اسم “حركة المستقبل للإصلاح والتنمية”، كواجهة جديدة لحزب المؤتمر الوطني المحظور ، ظانين بكل سذاجة سياسية ، أنهم بمثل هذه المسرحية المضحكة ، باستطاعتهم التحايل على النص القانوني الذي يحظر نشاط حزبهم المحلول؟
أُسندت الأمانة العامة لهذه الواجهة الإسلامية “الممكيجة” إلى أحد العناصر الأمينة (عبدالواحد يوسف) ، زميل
زميل الأصولي أنس عمر ، مما يؤكد أنّ الحركة الإسلامية كفكرة قد هزمت وتقهقرت ، وإلاّ كلف مؤتمر قاعة الصداقة أحد الرموز الفكرية للحركة ، لتولي هذه المهمة في الرمق الأخير من محاولات إعادة الأمجاد السلطوية الغاشمة باسم الدين ، والدين منهم بُراء.
هل حقاً يطمح هؤلاء الإسلامين ، أن يتركوا سُدَّى على جرائمهم المهولة ، وألاّ يحاسبوا على تجاوزاتهم الفظيعة ، لتضيع الأرواح البريئة التي أزهقت على أيديهم “سمبلا”؟ وأن يفسح لهم طريق العودة للحكم سداح مداح ، ليستأنفوا الفساد والإفساد في الأرض؟
الدرب الذي يسلكه التيار الإسلامي ، أياً كانت وِجهته ، لهو دربٌ وعر ، محفوف بالمخاطر ، فإن كانوا مقبلين على السلطة ، فأنّ الذين ظلوا يسومنهم سوء العذاب لثلاثة عقود، يقّتلون أبنائهم ، يستبيحون أموالهم ، ويبيعون ويشترون في مقدرات بلادهم لهم بالمرصاد ، وإنّ عودتهم للسلطة لن تتم إلاّ على جثة آخر ثائر في شوارع المدن السودانية ، وإن كانوا مدبرين بالمسروقات ، “فالمطرودة ، لا محالة ملحوقة”.
شكراً استاذ ابراهيم كلام موزون رائع… لا يتقدم السودان قيد أنملة وهؤلاء الفسقة تجار الدين يمرحون ويعربدون دون ملاحقة تعيد للشعب حقوقه وكرامته