مقالات وآراء

زُولَكْ دَا شُوفُو حَارْ !!! (١ – ٢)

دُنْيَا دَبَنْقَا
د. نور الدين بريمة

 

في خِضمّ أجواء مدينة نيالا المُحتشدة بالوساطات والتزكيات في العام ٢٠١٠م ، قام أحد وجهائها وظرفائها بزيارة وزارة الحكم المحلي ، كان الوجيه وقتها عُضوًا في مجلس الولاية التشريعي.

ظننت أن زيارته جاءت بغرض المتابعة لقضايا من ظنّوا أنه يمثلهم ويعبّر عن همومهم وقضاياهم ، بيد أن ظنّي وظنّهم كان عاثرًا بل عابطًا ، إستبنته عندما علمت أنه جاء لمنفعته الشخصية.

وجد الوجيه السيد الوزير د. عبد الرحمن الزين النور ، معه رهط من القوم ، تبدو على مظاهرهم علامات الزعامة والنفوذ ، ينتمون إلى جوقة وسماسرة السياسة وترزيتها ، الذين راجت بهم سوق السمسرة ، تشاطرهم فيها الإدارة الأهلية المسيّسة.

جاؤوا ليتقاسموا غنائمهم بينهم ، تأكيدًا على تقصيرهم للظل الإداري ، والقيام بتوزيع الوظائف لمن وعدوهم ، فصيد الضباط الإداريين والمراجعين الداخليين ، قطعًا ثمينٌ يسيل له لعاب الذين قد عملوا للدنيا.

وكل واحد منهم طبعًا عايز يكبّر كومه ، وأي زول داير (يلهط) ليه أكبر عدد من الوظائف ، لأنه بيمثل قبيلة كبيرة حسب زعمه.

يعني لازم كل واحد يطلع بكوتة مقدرة من الوظائف ، يقسمها بين أبنائه وأهله وبني جلدته ، وبالفعل قاموا بتوزيعها ونال كل واحد حسب قدره ومقداره العظيم.

ولمّا فرغوا من أمرهم وهمّوا بالخروج ، أرادوا ختم إجتماعهم بآيات من الذكر الحكيم ، تعزز الدين وتحق : الحق ، العدل ، المساواة ، كعادة المتزلّفين بالنفاق.

ولم يألوا هؤلاء جهدًا في أمرهم ، طالما كروشهم منتفخة وجيوبهم ممتلئة ، فلم يعيروا إهتمامًا للوجيه الظريف ، الذي تغيّرت أسارير وجهه ، وظنّ أن القوم ربما يحنّوا عليه ويعطوه شيئًا من صيدهم ولو أرنبًا.

إلا أنهم أي الجوغة ما كانوا يرغبون فيه ، ولذلك لم يفعلوا شيئًا، فبُهت الذي ظنّ أنه من آل البيت ، فلامهم وصبّ جمّ غضبه مُباغتًا إيّاهم :

(كيف أنا حاضر معاكم ما بتدّونا حاجة؟، مُشْ بيقولوا من حضر القسمة فاليقسم ، آها قسمتي وينها؟!!).

ضحكوا جميعًا حتى بانت فواطرهم- ما شاء الله عليهم- منتفخة ومتخمة من (اللبع واللقف) ، فردّ كبيرهم بصوت جهور.. آها عايز يدّوك شنو؟.

وعلى طريقة (الكضاب وصلو الباب) ، أجابه الوجيه بسرعة قائلًا : عندي ود أخوي.. خلّوني أشاوره وأرجع ليكم ، وبالفعل خرج الوجيه لإجراء مكالمة مع إبن أخيه لمعرفة ما يريد.

أفضت مكالمتهما إلى طلب الوظيفة المالية ، (مراجع داخلي) فعاد بعدها الوجيه الظريف مبتسمًا يستبشر طلبه على عجل ودون قيد أو شرط.

قال الظريف .. حسب مجالس المدينة : إن القوم تنفّسوا الصعداء ، لأنهم يحبّون الحكم ، ولا شأن لهم بالمال ، حيث قالها هكذا (العرب بحبّوا الحُكم ، ونحن بنحبّ المال).

عشان كدا جات معانا ومعاهم في جرح ، المهم بعد ذلك منحوه وظيفة مراجع داخلي ، وقاموا بتوظيف إبن أخيه فيها.

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..