ليس الجيش وحده .. لكنها المؤسسات الموروثة عن المستعمر كذلك !

م. التجاني محمد صالح
إن الجيش بهيكليته وتكوينه وتراتبيته و بسياسته التعليمية لمنسوبية الموروثة – بغض النظر عمن يكون القائد ساعتها – هو إمتداد وناتج طبيعي عن خطة عمل القائد الأول كتشنر بوصفه المنفذ للسياسة الإستعمارية للسيطرة على إنسان ومقدرات السودان. جاءت الحاجة منذ ذلك التاريخ لصناعة وريث محلي يخفف من أعباء إدارة البلاد ماليا وبشريا. من هنا جاءت خطة تكوين ما يسمى بقوة دفاع السودان التي هي في الأصل قوة دفاع عن مصالح بريطانيا العظمى وما اسم السودان إلا تمويه وتدليس لما يراد في الحقيقة. من تلك الرؤية جاءت صناعة الجيش وقادته تحت الوصاية والرعاية الكاملة للمستعمر. من هناك جاءت القيادة التي ورثت فيما بعد مقادير الحكم في البلاد ولا تزال. كتشنر ومن بعده ونجت وغيرهما من القادة الإنجليز صنعوا مؤسسة ستكون هي القيادة “الوطنية” لسودان المستقبل. فلنتامل كثيرا في كيف تم صناعة تلك القيادات “التاريخية” وخطورة ما قاموا به لاحقا حينما تسلموا قيادة البلاد بالوكالة عن الإنجليز بعد أن أثبتوا ولاءهم التام بإنخراطهم تحت سلك الجندية الإستعمارية بالقتال تحت رايتها ذودا عن العلم البريطاني. عبد الله خليل كصنيعة تم إعدادها بلؤم شديد وعبود ناتج عن تلك العملية أيضا وعلى هذا المنوال وفي تسلسل عجيب جاء جميع القادة الذين ورثوا فيما بعد السودان وأهله. إن إنشاء تلك القيادات وذلك الجيش بتدريبه ذاك كمؤسسة تم خلقها وفق رؤية ونظام المستعمر لم يكن الغرض منه إلا استمرار الوجود الأجنبي عبر قيادة المؤسسة بعد أن تشبعت بمواد ودروس الهيمنة والسيطرة على الشعب. الجيش الذي سيطر به الإنجليز وقبلهم الأتراك على الشعب السوداني لا يزال إمتداده قائما يؤدي ذات الدور تحت الواجهة الوطنية.
من الأخطاء الكبرى أن نعتقد أن الجيش هو حامي الوطن. الشعب هو الذي يحمي الوطن و ما الجيش إلا فصيل متقدم متفرغ يوكل إليه مهمة المحافظة على سلاح الشعب جاهزا للإستخدام حين يدعو الداعي وفي ذات الوقت يعمل على تطويره وأنظمته ومراقبة ما يحدث على الحدود بالإبقاء على جاهزية المرافق الأخري لتستقبل عند الضرورة أبناء الشعب للتدريب والإعداد وفق ما يقتضيه الحال.
لقد خلق الإنجليز وقبلهم الأتراك الكثير من المؤسسات التي عمقت عبر مفهوم الإنضباط – المفترى عليه – في أذهان العامة والنشأ كالمؤسسة التعليمية مثلا التي رفدت بدورها مؤسسة الخدمة المدنية بعناصر تم التحكم فيها قبلا في مراحل التعليم المختلفة وصياغتها بعناية لتستجيب لمتطلبات المؤسسة العسكرية وتنفذها بدون إعتراض أو مساءلة في أغلب الأحيان.
تماما كما المزارع وكما الصانع وكما المعلم وكما التاجر فإن الجيش هو فصيل متخصص من مكونات الدولة الحديثة وليس من مهامه حكم البلاد. ولكن بتطاول المدة منذ الأتراك وحكم الإنجليز المباشر وغير المباشر منذ العام 1956م وحتى الآن ترسخ في عقل المواطن الرعب الشديد من “الكاكي” حتى ليكاد يستسلم تماما لهذا الواقع الذي أصبح وكأنه قدر مقدور وجبلة طبيعية. يجب أن يتغير هذا الواقع كمفهوم أولا في أذهان المواطنين الذين يقفون ووجوههم إلى “الحيط” من جراء هنضبة “الكاكي” وإذلاله المستمر لأبناء الشعب.
حرية سلام وعدالة لا تصبح واقعا إلا في ظل تغيير جذري للمفاهيم والنظم والوسائل التي سادت على مدى تجاوز القرنين من الزمان.
6 أبريل يحبنا ونحبه .
و من اسوء اشكال التزوير و التغبيش وخلط المفاهيم التغول علي مفهوم الثورة … عبود الثورة المباركة ، ثورة مايو الظافرة ، وثورة الانقاذ !!