مقالات سياسية

ديموس السوداني !!

علي بلدو

الديمقراطية في جميع
مراحل تطور التاريخ الإنساني مثلت اما تطلعا نحو مجتمع مثالي يتحمل فيه الرجال والنساء والجميع مسؤولية مصيرهم الخاص’ واما هي تحيل نحو تجارب تاريخية يتميز بها الغرب بدءا من اليونان القديمة والمدن الحرة خلال القرون الوسطى’ وصولا الى الثورة الامريكية 1776م والثورة الفرنسية 1789م.، بشعاراتها المعروفة من اخاء وحرية ومساواة.
ربما لم يحظ مطلقا مصطلح سياسي بهذا القدر من النجاح عبر الحضارات والاجيال المختلفة والمتنوعة بتنوع الامزجة السياسية والبيئة والتاريخ والجغرافيا ’ ونجد معظم الامم تنسب نفسها للتاريخ الديمقراطي وتلك التي لا تفعل وربما شعورا بالخجل ’ تبرر ذلك بالطابع الاستثنائي للمرحلة والظروف المحيطة والحصار الذي يضربه الاعداء الحقيقيون والمتوهمون ويبررون ذلك بشتى الاسباب وتنشط الالة الاعلامية الرسمية في تشنيف الاذان بهكذا قول حتى يصبح في حكم الثابت والمتيقن ’ وللطرافة فان اول من يصدق ذلك هم اولوا الامر انفسهم.
ويحاول الجميع الوعد بان يتحول للديمقراطية قريبا ومتى ما سمحت الظروف والامثلة كثيرة جدا في العالم لحكام قضوا عقودا عددا على امل التحول والتغيير والذي طال وسيطول انتظاره كثيرا وربما الي يوم يبعثون.
الديموقراطية اي سلطة ديموس(الشعب) هي مفهوم معقد لا يندرج في التقليد الفلسفي كنظام بين الانظمة الاخرى ويعتبر البعض ان الديمقراطية هي خليط للدساتير وبها طابع الشك والريبة كما قال بذلك افلاطون ودفع بعد ذلك الثمن غاليا ، كما سيدفع الثمن بعده كل من ينادي بها ولم يتعلم من دروس الماضي والتاريخ ، قبل ان نعلم انه مات غريقا في السراب ، او جراء اصطدام بالضباب ، او ربما من مضاغفات حب الشباب!! .
وكما يمكن النظر لها ، اي الديمقراطيةكانها عبارة عن سوق و بازار للحكم ، يشتري منه الناس ما يريدون ويكونوا في البعض من الزاهدين.
ونحن نحتاج ان نفصل كثيرا ما بين العمل الخاص والعام والاسرة والوطن والعشيرة والمجتمع لان نكون مواطنين صالحين . ونحتاج ان نتشارك ’ لا ان نهب ونعطي ونطلب ونتقاسم’ ان نعمل معا , لا ان نجلس للتعويضات والمحاصصة والمكابسة في المناصب واعلاء الجهوية والقبلية والعصبية الحالكة في ليلنا البهيم هذا , من اجل التقدم للامام’ سواء كان من يقودنا زعيما ام رفيقا ام رئيسا ام اماما ’ طالما جاء به صندوق الانتخاب وارادة الشعب ومشئية القواعد.
على ان الغريب ان كثيرا ممن ينادون بهذا في بلادنا هذه , هم انفسهم غير ديمقراطيين , فمنهم من لم يعقد مؤتمرا لحزبه منذ خمسين عاما’ ومنهم من اختزل الحزب في هاتفه وحقيبته’ كما قال لويس (انا الدولة) ومنهم من جعل القيادة خالصة له منذ عقود ومن بعده للوريث من البنات والبنين واصبح الامر عائليا لا يهم الشعب في كثير او قليل’ ولسان حاله يقول :

قال مولانا بعد ان لف العمامه ايها الناس سلاما وسلاما
ان قول الحق حلال لكنه عندي حراما
وقد جئتكم اليوم شيخا واميرا وزعيما واماما ووليت عليكم انا وابنائي وبناتي من الان والي يوم القيامه
وكما انتا لا نمارس الديمقراطية في منازلنا وشوارعنا ، ونحاول في احايين كثيرة فرض ما نراه بالتهديد والوعيد والصراخ والويل والثبور وعظائم الامور!! .
وبعد فيبدو ان ما نحلم به سيتحقق غالبا في ذلك اليوم’الاخير ، عندما تشرق الارض نورا بعد ظلامها ، وعدلا بعد جورها وظلمها ، هذا ان كنا محظوظين كمان.، ولم يلحق بنا تجار السلطة ومن بتخذون الشعارات مطية لمصالحهم الذاتية وسلما من رقاب المسحوقين لنيل اوطارهم ، فتبا لهم اينما يأفكون.

تعليق واحد

  1. بالمناسبة السودان لم يخبر الديمقراطية جوهراً بل خبرها شكلاً ومظهراً في ثلاث تجارب فاشلة مما يمكن أن نسميها بالديمقراطية [الطائفية] التي يحشد لها سواد الناس غير الواعين ديمقراطياً لاستخدامهم في الانتخابات الصورية الخالية تماماً من البرامج الوطنية وهم في ذلك أشبه بالسلم الذي يصعد به ثم يقذف على الأرض.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..