الوَالِغُونَ فِي السُقُوطْ !!! (٢-٢)

دُنْيَا دَبَنْقَا
د. نور الدين بريمة
وعودًا إلى حكايتنا بين المرفعين والثعلب ، أجاب الثاني الأول ساخرًا : إنت الورْطة شُفتها وين يا المرفعين أخوي؟! ، بس خلّي الطّين دَا ينشف ، وناس التّيسْ (يجُوك) يأتوا إليك .. (شايْلينْ) شاهرين عكاكيزهم وسواطيرهم ، ولمّا (يلْقُو) يجدوا (كُرْعِينَكْ) غاطسة وإنت ما قادر تطلّعها من الطّين ، حينها حتعرف الورْطة الحقيقيّة- ولا شُنو يا مرْفَعِينُو!!!.
يعتقد المهتمّون والمُتابعون لخلافات التجمّع الإتّحادي ، أن بداية الورطة ظهرت بمقاطعة العديد من فرعيّات التجمع بالداخل والخارج للورشة التنظيميّة ، التي أقامتها اللجنة العليا للمؤتمر العام ، نذكر منها مثالًا لا للحصر : الدويم ، بحري السعوديّة ، الإمارات ، ناهيك عن تلك التي إعتذرت عن المشاركة وغيرها التي عبّرت عن رأيها من داخل الورشة.
حيث نعت المُقاطعون للورشة ، المكتب التنفيذي بالمركزيّة والقلّة المُتسلّطة ، وأنّها أحاديّة في إتّخاذها للقرارات ، وأن ما تقوم به من ممارسات لا تتفق مطلقًا مع الدّيمقراطيّة والمؤسّسيّة ، التي نادت به- القلّة ذاتها- في بيانها، والذي أشارت فيه إلى أن الورشة التي تم عقدها ، قدّمت مقترحًا بتكوين مكتب سياسي بالتعيين من الهياكل الحاليّة.
وحذّروا من مغبّة التمادي وعدم النظر إلى الإعتراضات الشديدة التي واجهها مقترح تعيين المكتب السياسي ، خلال النقاش ، بزعمهم أنّه لا يمكن لجهاز تنفيذي القيام بتكوين جهاز رقابي ، ونوّهوا إلى أن اللجنة أعلنت مخرجات الورشة وغضّت الطرف عن حجم الإعتراضات ، دون أدنى إحترام للرأي الآخر.
وإتّهموا الهيئة التنظيميّة بأنها بذلت جهدًا مضنيًا وخُرافيًا ، لتدمير المشروع الإتّحادي وسمكرته لصالح من نعتتهم بالشُلّة الصغيرة التي لا وزن لها ، وأن الشلة تعمل منذ فترة بشكل مكشوف على إضعاف المشروع الحزبي للتجمع ، عن طريق إحتكار القرار ودفع الآخرين على الإنشقاق أو ترك العمل.
وهي أمور حسبما يراها المتابعون ، فإنها لم تكن ضمن مشروع إعادة بناء حزب الوسط في السودان على الأسس التي تم التوافق أو التواثق عليها، خلال منصة التأسيس، وحينها لن تنفعهم حججهم وبراهينهم ولا حتى سلطتهم المعوجّة التي يلهثون خلفها، طالما أنها لا تستند إلى قاعدة جماهيريّة.
وبالتالي فإن الحكماء ينادون بأن تعالوا إلى كلمة سواء ، لجعل المؤتمر التأسيسي حكمًا وفيصلًا بين الخلافات والتباينات ، والخروج من هذه الورطة، حتى نضع جميعًا حدًّا لنذر خطر قادم ، تشهد بوادره مقاطعة عدد من الفرعيات في الداخل والخارج للورشة التنظيميّة التي أقامتها اللجنة العليا للمؤتمر العام للتجمع الإتحادي ، وإعتذار أخرى عن المشاركة.
وكال المُقاطعون جلّ إتّهاماتهم للمكتب التنفيذي المركزي ، بقيامه وممارساته التي لا تتفق مع الديمقراطيّة والمؤسّسيّة التي تنادي بها ، وسارت على هدى تمتين أواصر الوحل ، العديد من الفرعيات المهنيّة والجغرافيّة، وهي تعبّر عن رفضها التام لقيام الورشة ، ناهيك عن مخرجاتها وتوصياتها ، حيث جاء بيان ولاية جنوب دارفور، بعد التحيّة والإحترام والسلام.
يعتبر كثير من المتابعين والمهتمّين ، أن مشروع التجمّع الإتّحادى هو من أفضل مشاريع الوسط ، التي وجدت قبولًا وإستحسانًا ، بل وأرضت الكثير من أشواق وآمال هذا الوسط السياسي الإتحادي العريض ، الأمر الذي يتطلب المواكبة والتعاطي مع قيم الثورة السودانيّة ، التي فقدنا بسببها دماءًا ودموعًا غزيرة.
وما زلنا نتطلع إلى حريّة سلام وعدالة ، وبناء تنظيم سياسي ، يرتكز على تلك المفاهيم ، حتى نقود نحن مع غيرنا ، ثورة البناء والتعمير ، إيمانًا منّا بفلسفة التجمع في إعادة البناء التنظيمي من القواعد ، تحقيقًا لمفهوم الوحدة الإتّحاديّة ، فقد تلمّسنا من قبل تأجيل مؤتمر ولايتنا لأسباب كانت موضوعيّة ووجيهة.
من أبرز أسبابها : أنّ الولاية بها (٢١) محليّة لم تعقد مؤتمراتها العامّة ، كما لم يتم تحديد ممثليها في مؤتمر الولاية ، كذلك وجود العشرات من القيادات التاريخيّة التي لا علم لها بمواعيد قيام ذلك المؤتمر ، مثلما لم يتم تكوين لجنة عليا بمهام وصلاحيات واضحة للإعداد للمؤتمر.
وبناءًا على ما تقدّم ، علاوة على غياب المؤسّسيّة ، وضعف فاعليّة دور الحزب الإتحادي – حزب الوسط- آلينا على أنفسنا في جنوب دارفور مع الشقيقات والأشقاء في الولايات الأخرى ، على ضرورة القيام بواجباتنا الوطنيّة والتنظيميّة كاملة ، فضلًا عن العمل على الإصلاح الحزبي عبر الأطر التنظيميّة والقانونيّة.
وبالتالي تابعنا كغيرنا -والحديث لإتحاديّي جنوب دارفور- تلك الورشة التي أقامها المكتب التنفيذى للحزب في الخرطوم ، عبر وسائل التواصل ، دون علمنا بالتأكيد بماهيّة المعايير والآليات التى تم من خلالها إختيار المشاركين ، الشئ الذى يؤكد أن الورشة عبّرت عن المُوالين للمجموعة المختطفة للقرار فى المركز.
بهدف إضفاء شرعيّة زائفة للإختلالات والتجاوزات القياديّة ، وبناءًا على ما سبق فإنّنا غير معنيّين بهذه الورشة، ولن نعترف بما خرجت به من توصيات ، ونعلن مضيّنا قُدمًا على هدى الدّيمقراطيّة والمؤسّسيّة ، وترسيخ قيمها فى الحزب ، والعمل على إرجاع الأمر إلى أهله في القواعد عبر المؤتمر التأسيسي، الذي نراه قريبًا ويرونه بعيدًا.
لأنّ المشكلة الحقيقيّة كما يعتقد المعترضون على الورشة ومخرجاتها ، تتلخص في :
أولًا : أنهم عقدوا ورشتهم ورفعوا توصياتهم بإقصاء وعزل الحكماء.
ثانيًا : قيام مكتب سياسى في هذا التوقيت هو إستباق وإلتفاف على المؤتمر.
ثالثًا : بعض المكاتب السّياسيّة بالولايات مخجوجة ، لا تصلح عضويتها لتكوين مكتب سياسى للحزب.
أمّا رابعًا : قيام المؤتمر في شهر إكتوبر القادم هو نوع من التسويف الزّماني ، بعد تمرير معظم القضايا والإسْتحقاقات ، ومن ثم إيجاد بدائل تمْويليّة ، بعد أن فقدوا الحُكماء وأشقاء في الخارج والداخل.
خامسًا : مُخطّط شرعنة الإختطاف وشقّ التجمّع الإتّحادي إلى مثْواه قبل الأخير.