الجيش.. هل يدخل الثكنات أم يظل مراقباً؟

زهير هاشم: القوات المسلحة لن تخرج من الحياة السياسية
فتحي حسن: خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية حتمي
أحمد عابدين: خروج المؤسسة العسكرية عبر بناء ثقة وضمانات
تقرير: الخواص عبدالفضيل
قال القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في أكثر من منصة أولها في يوليو من العام الماضي يكرر أن القوات المسلحة قررت الانسحاب من العملية السياسية وحث الأحزاب والقوى السياسية والثورية بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة لاستكمال المرحلة الانتقالية، وشدد البرهان على أن خروج الجيش من المشهد السياسي، رهين بتوقف الساسة عن العمل والاستقطاب في وسط عناصره.
وأضاف: الجيش ما بيمرق من السياسة إلّا السياسيين يبعدوا عنو
وجدد تعهدات الجيش بمخرجات الاتفاق الإطاري والعملية السياسية الجارية، وعلى رأسها العودة إلى الثكنات، وتمرير السلطة للمدنيين، جازماً بوقوفهم على مسافة واحدة من جميع الأطراف ووصلت العملية السياسية إلى مراحلها النهائية، بوضع مصفوفة تتضمن توقيع الإعلان الدستوري في 6 أبريل المقبل، وتشكيل الحكومة المدنية في 11 من ذات الشهر.
أجندات تصفوية
يعتقد الباحث في العلوم السياسية زهير هاشم خلال حديثه لـ(اليوم التالي) أن في الظروف التي تعيشها البلاد لا يغادر الفريق أول عبدالفتاح البرهان ببساطة الحياة السياسية وهو لا يثق في الحرية والتغيير المجلس حسب اعتقادي تريد أن تنتقم من الجيش أو تريد محاكمة القيادة في فض اعتصام القيادة العامة بالإضافة إلى الأخبار التي تقول إن هناك أزمة بين الجيش والدعم السريع حول الدمج وهذا الحديث ظهر من أكثر من قائد على لسان ياسر العطا وشمس الدين كباشي خاصة في ظروف ضغط قاعدة القوات المسلحة على البرهان لكي لا يعيد الحرية والتغيير المجلس المركزي الى السلطة وتابع: الرأي العام العسكري غير موافق على إعادة الحرية والتغيير إلى السلطة القوات المسلحة تعتقد أن مركزي قحت يحمل أجندات تصفوية للقوات المسلحة تريد أن تغيير العقيدة العسكرية للجيش السوداني، كما تريد إعادة هيكلة الجيش السوداني وفق هواها وهذا ما لا يمكن أن تسمح به القوات المسلحة لأن هذه مسائل عسكرية لا يقبل الجيش السوداني أن يتدخل فيها المدنيون.
صفيح ساخن
وبحسب زهير أن بيان البرهان في 5 يوليو الماضي كان لظروف مختلفة والآن الوضع اختلف بوادر الخلاف بين الجيش والدعم السريع وعدم قبول القوات المسلحة بالاتفاق الإطاري وأعتقد أن هذا الذي آخر توقيع هذا الاتفاق الإطاري وأردف طالما قرر الجيش الانسحاب من الجيش من العملية السياسية ينبغي الحوار فقط بين الكيانات السياسية لكن هذا لم يحدث والواقع يقول إن هناك حوار أحد أطراف الجيش والطرف الآخر المجلس المركزي ويمضي زهير الى أن هذا الحوار حتى الآن لم يبارح مكانه، فضلاً عن أن الجداول الذمنية التي تم الاتفاق عليها هناك شك في تطبيقها خاصة ولا سيما وأن هناك أنباء رشحت بأن تسليم السلطة سيؤجل لأن فصائل الحرية والتغيير يختلفون حول رئيس الوزراء، كما رشحت أنباء عن غياب البرهان من اجتماع القصر الجمهوري وهذا يدل بعدم رضاه عن مجريات العملية السياسية بالإضافة إلى موقف الكتلة الديمقراطية الرافضة للاتفاق الإطاري وتصرح ضده بحدة هذا يدل على أن البلاد الآن في صفيح ساخن وجزم زهير بأن في هذه الظروف القوات المسلحة لا تخرج من العملية السياسية بأي حال من الأحوال وربما تتخذ من الإجراءات ما تراه مناسباً للحفاظ على أمن واستقرار البلاد ووحدتها لأن القوات المسلحة هي التي نفذت التغيير والقوات المسلحة منذ الاستقلال هي التي حافظت على البلاد وكل تغيير حصل في السودان، أما المبادرة كانت من القوات المسلحة أو كانت هي الضمان للتغيير كان ذلك في كل الفترات الانتقالية لذلك لا يمكن أن تنسحب القوات المسلحة من المشهد في مثل هكذا ظروف خاصة في ظل التربص الحاصل بالتدخلات الخارجية والاستقطابات الداخلية.
بيان بالعمل
فيما قال رئيس القطاع السياسي بحزب الأمة فتحي حسن عثمان في حديثه لـ(اليوم التالي): نريد من القوات المسلحة بيان بالعمل لأنهم تحدثوا كثيرا وآن الأوان لنرى شيئاً عملياً في ما يختص بإشراك كل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني في قضايا الانتقال وتابع: لا توجد قوى مدنية أو عسكرية لديها الحق في استعمار هل السودان باسم الثورة أو باسم المجلس المركزي للحرية والتغيير أو باسم المؤسسة العسكرية ليس لأي جهة الحق في ذلك وتابع: الوثيقة الدستورية الأولى التي كتبتها قوى إعلان الحرية والتغيير نفسها قالت إن الشأن الانتقالي شأن يشارك فيه جميع أهل السودان ودون إشراك حزب المؤتمر الوطني لذلك تريد من القوات المسلحة الالتزام بهذا البند ونراه عملياً أمامنا دون أن نخضع لابتزازات ومساومات ونحن كقوى سياسية كل يوم نرى المناورات السياسية والتكتيكات السياسية بانتقائية المكونات السياسية، وزاد قائلاً: لا توجد أي مجموعة مفوضة الآن من الشعب السوداني ولا توجد لمجموعة حق حصري في التحكم في الشعب السوداني ولا السودان هو ملك حر لأي منهم سواء مكون عسكري أو مدني حتى يتحكموا في الشعب والسودان ليس ملكاً لهم حتى يقرروا فيه والسودان لا يدار إلا عبر التوافق أو الالتزام بما ورد في الوثيقة الدستورية الفترة الانتقالية لابد أن تكون مراقبة من جهة محائدة حتى لا تنفرد أي جهة بالحكم وتمارس الدكتاتورية على بقية الشعب ووجود القوات المسلحة مراقب للفترة الانتقالية لا يعني استمرارها في الحكم أو السياسة وإنما لفترة محدودة بالتأكيد أن خروج المؤسسة العسكرية شيء حتمي من العملية السياسية.
شرعية انتخابية
ومن جهته يقول الخبير والمحلل السياسي الفاتح محجوب في حديثه لـ(اليوم التالي) إن حديث الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عن رغبتهم في تأسيس حكم مدني يعتبر بمثابة تجديد التزام الجيش السوداني بالخروج من السلطة التنفيذية والرجوع للثكنات، أما حديثه عن أنهم يعملون على تقويم الحكم المدني للحيلولة دون تحوله إلى حكم متسلط خاصة وأن الحكومة المدنية الانتقالية لا تمتلك شرعية انتخابية فإنه قد يكون مفهوماً وتابع: ولا أحد يعترض لأن الجميع يعرف أن أي حكومة انتقالية مدنية لا تمتلك شرعية انتخابية وبالتالي لا يجب أن تتحول لحكومة دكتاتورية تستخف بالقانون وتسجن المواطنين من دون محاكمة وهو ما يدمر فكرة حرية سلام وعدالة. وزاد: لكن بالتأكيد لن يجد حديث البرهان تأييداً من قبل القوى السياسية السودانية ولكن أيضاً لن يجد اعتراض لأنه لا أحد يقر بأنه سيكون حكومة دكتاتورية لكن هم أيضاً لا يحبذون تدخل العسكر في الشؤون السياسية.
ثقة وضمانات
ويقول الباحث والمحلل السياسي أحمد عابدين لـ(اليوم التالي) الفريق البرهان يلعب على الوقت لقتل بذور التغيير ويسعى للتحكم في العملية السياسية ولو وافق على تسليم المدنيين السلطة وهو بهذه (الجرجرة) يمارس القص والخياطة بطريقته العسكرية ويساعده في ذلك عدم توحد المدنيين لا على مبدأ ولا على موقف فهم يتوزعون الزيارات بين البرهان وحميدتي واتفق الجنرالين فإن القوى المدنية لن تجد إلا طرف الخيمة وهذا طبعهم على مر التاريخ. وإن خروج المؤسسة العسكرية لا يحتاج لأحاديث كل أسبوع وإنما بناء ثقة وضمانات وتطمينات وروح وطنية خالصة، أما قصة تطوير ونصب الشراك من كل الأطراف فإنها ستزيد فقط المعاناة على المواطن وحتمية المخاطر على وحدة البلاد والحقيقة أن تمترس الأطراف دون تقديم تنازلات يساعد في تجذر وعشم المؤسسة العسكرية في السلطة وزاد: لذلك لن يكون اقتلاعها بالسهولة هذا إذا ما تفاجئنا بقيام حكم شمولي آخر بالتحالف مع بعض القوى السياسية ونبدأ مجدداً من الصفر لضمان استقرار الفترة الانتقالية فلابد من توافق شامل لا يستثنى منه أحد عدا المؤتمر الوطني بذلك يمكن ضمان خروج المؤسسة العسكرية من الأجهزة التنفيذية السياسية للدولة وتفضل كمراقب فقط في هذه الفترة ما لم يحدث ما يخل بالأمن القومي السوداني في هذه الفترة التي يستوجب تدخلها.
==-=-=-
اليوم التالي