كلنا نعرف مشاكل الزراعة في السودان : ما هو المخرج؟(2/2)

ب/ نبيل حامد حسن بشير
ذكرنا في الحلقة الأولي (بعض) المشاكل والمعوقات للزراعة والانتاج الزراعي في السودان . حصرنا منها 22 نقطة نعتبرها هامة وأساسية لكنها ليست حصرية . فبالتاكيد هنالك مشاكل أخري تختلف باختلاف المناطق والمشاريع والمحاصيل والمواسم … الخ. فالزراعة في المقام الأول نشاط اقتصادي بالغ الأهمية بالنسبة لكل الدول ، وبالنسبة للأمن الغذائي والسياسي والاجتماعي والبيئي . حتي يومنا هذا فان أكثر من 80% من سكان السودان يعتمدون علي الزراعة بشقيها النباتي والحيواني في توفير كل احتياجاتهم . أغلب الصناعات المحلية أيضا تعتمد علي المواد الزراعية . أغلب الصادرات أيضا صادرات زراعية . ماذا وفرت الدولة السودانية منذ الاستقلال حتى تاريخه من برامج فاعلة ترتقي بكل الانشطة ذات العلاقة بالزراعة التي هي العمود الفقري للاقتصاد السوداني ولرفاهية شعبه حتي قيام الساعة ولا بديل لها مهما تقدمك العلم أو اعتمدنا علي موارد أخري وكلها موارد غير متجددة ومصيرها أن تصبح من الموارد الناضبة.
عليه نري أنه ، كحطوة أولي ، لابد من وضع خطة زراعية (واضحة مفصلة طموحة) من الدولة تمتد حتي العام 2050م تجاز بواسطة البرلمان القومي المنتحب ، وتكون (ملزمة) لأي حكومة وأي وزير حتي 2050م . هذه الخطة توضع بواسطة خبراء زراعيين (نباتي وحيواني) واقتصاديين وممثلين للقطاع الخاص سودانيين وأجانب . الخطة تتكون من مراحل ، يحدد زمن كل مرحلة طبقا للأهداف المطلوب تنفيذها في هذه المرحلة والميزانيات المتوفرة لتنفيذها.
الخطوة الثانية توفير (متطلبات) البرنامج ككل ، وبرنامج كل مرحلة من مراحله من ميزانيات بالعملة المحلية والعملات الأجنبية والمتطلبات الأخري اللازمة للتنفيذ سواء أن كانت تغيير في السياسات وانشاء/ الغاء/ دمج ادارات أو بنوك أو مشاريع أو قوانين وتشريعات . بالتأكيد ميزانيات الدولة بمفردها لن تلبي متطلبات مثل هذا البرنامج القومي الطموح . فلا بد من أن يلعب القطاع الخاص السوداني والأجنبي دورا كبيرا ، علي ما أعتقد لن يقل عن 75% ، من متطلبات البرنامج من أموال ومدخلات وتصنيع للمدخلات والمنتجات وتسويق ومتابعة وتقييم وتصحيح للمسار بعد التقييم .
الخطوة الثالثة والأخيرة تتعلق (بالتنفيذ والادارة السليمة والمتابعة) . من سيدير هذا البرنامج؟ هل وزير الزراعة أم رئيس الوزراء ؟ أم لجنة قومية؟ لابد من الاعداد المبكر للكوادر التي سيناط بها تنفيذ البرنامج بكل الولايات ويتم اختيارهم بمعايير دقيقة جدا حيث أن هذا البرنامج مصير دولة وووطن ومواطن ، مع ضرورة المتابعة الدورية ومحاسبة المقصرين اولا بأول.
هذه هي الخطوط العريضة للبرنامج . لكن مشاكلنا الأنية والمزمنة في الزراعة السودانية والتي ذكرت في المقال الأول لابد من ايجاد حلول فورية ودائمة لها. أهم مشاكلنا في المشاريع القومية والقطاع الخاص من كبار المزارعين وصغارهم بالمروي والمطري تتلخص في 3 محاور أساسية (أولها السياسات ، ثانيها التمويل ، وثالثها التسويق) . يقع تحت المحاور هذه ما ذكرناه في المقال السابق من 22 نقطة . أهم الحلول التي يجب توفيرها في (المرحلة الأولي) من وجهة نظري هي :
- وضع سياسات زراعية واضحة تتناسق مع السياسات المالية والبنكية والتجارة الخارجية (التصدير) والتخلص من القوانين المتضاربة داحل وبين الجهات المتعددة.
- العودة لنظام انتاج التقاوي المعتمدة السودانية عبر القطاعين العام والخاص.
- تبني توطين صناعة المدخلات من اسمدة ومبيدات وجرارات وحاصدات واليات زراعية وادوات الري والطاقة الشمسية …الخ وتشجيع القطاع الخاص علي تنفيذها عبر سياسات تضمن لها النجاح والاستمرارية.
- تشجيع قيام الجمعيات التعاونية الزراعية وربطها بشركات توفير المدخلات والبنوك.
- اتباع تركيبة محصولية تعتمد علي تغطية احتياجاتنا وتلبي رغبة الأسواق العالمية.
- تشجيع المزارع علي تبني الحزم التقنية اما بمفرده أو مع جمعيته الزراعية وربطة بالجهات أو شركات القطاع الخاص التي توفر المدخلات والتقانات والبنوك التي (تموله) للحصول علي احتياجاته.
- ضرورة نقل الارشاد الزراعي الي محطات البحث العلمي وربط المرشدين بالباحثين وتقوية امكانياتهم لتوصيل المعلومة للمزارع ومتابعتها.
- اتباع سياسات واضحة تتعلق ب(التسويق) حتى نضمن استمرارية المزارع في الانتاج ونحمية من المغامرة والمخاطر.
- ضرورة ادماج الخريج الزراعي في الزراعة المطرية والمشاريع الكبري بحيث لا يكون هنالك مشروع ليس به خريج زراعي ضمانا لتطبيق التقانة علي أن يتحمل صاحب المشروع راتب رمزي للمهندس الزراعي اضافة الي عائد 50 فدان مزروع / 1000 فدان بعقد سنوي.
- علي شركات القطاع الخاص الزراعية أو ذات العلاقة بالزراعة نباتية أو حيوانية أو تصديرية أو صناعات تحويلية أن لا تعتمد فقط علي البيع والشراء. لابد وأن توفر أفضل (الخدمات) مقابل عائد مادي أو مقابل ما يغطي التكلفة من المنتج ، اضافة الي تطوير مقدراتها علي التسويق محليا وخارجيا (التصدير) بالقيمة المضافة.
مما يلفت النظر حاليا أن كل المدخلات التي يتطلبها تطبيق الحزم التفنية المتكاملة (متوفرة جدا) في غالبية الشركات الكبري ويمكنها الأن أن تغطي على الأقل 25% من المساحات المزرعة لكل موسم. المشكلة الأساسية هي توفير (التمويل وضمانات السداد). تطبيق التقانات من المتوقع أن يضاعف الانتاجية عشرات المرات في الذرة والدخن والقطن وفول الصويا والفول السودني ، والي 3 أضعاف في السمسم. ان تحقق ذلك فلن يتعثر المزارع في سداد القروض وسداد مستحقات الشركات وسيتملك الأليات.
هذه مساهمة متواضعة مني كزراعي منذ 1971م وباحث بالهيئات البحثية لعدة سنوات، وكاستاذ بزراعة الجزيرة لاكثر من 35 عاما. اللهم نسالك اللطف (أمين).
شكرا كتير علي هذا الموضوع الحيوي
في نقطة مهمة وهي ماذا نزرع
التركيبة المحصولية
ولأهمية المسألة ولتعقيدها الشديد
أقترح ان تكون لجنة عليا تنظر في أمر التركيبة المحصولية
من زراعيين وناس الأبحاث والمفتشين والأهم المزارعين أنفسهم في القطاعين العام والخاص
في كافة الولايات الزراعية
ويكون لدي اللجنة أمكانيات لتوفر معلومات ضرورية عن الإقتصاد السوداني والسلع الزراعية
كيف وكم تزرع حول العالم لغرض المنافسة الجادة مع باقي الشعوب
وكل سنة اللجنة تطلع مقترحاتها بما يمكن زراعته
وفقا لحال السوق المحلي والعالمي وتوفر مدخلات الإنتاج وكدا
تزرع السلعة الصاح في الوقت الصاح بتوفر قروش وعملة صعبة أكثر
من المهم الالمام بالمعرفة للاسواق.ولاحتياحاتها..مثلا دولة الصين تستورد فول الصويا من الولايات المتحدة الامريكية بمبلغ يفوق ال 20 مليار دولار..
وهو محصول ناجح في السودان..
الفواكه..نجحت بشكل مدهش في غرب ام درمان.المانقو..والفراولة…النبق الفارسي…الخ..
البقوليات…لديها اسواق في الهند والصين…
لذلك علينا بانشاء ادارات للمعرفة بكل مؤسسات الدولة،لمواكبة المتغيرات.
كما يجب تشجيع الشركات الحكومية والخاصة علي انشاء وحدات صغيرة للبحث العلمي..مع اعفاء مناسب من الضرائب والجمارك علي ما ينفق في البحث العلمي.
الزراعة والتخطيط التنموي والإداري مطلوب لدولة قائمة ومستقرة متوافق عليها – وفي غياب الدولة واستقرار المجتمع فمن العبث الكلام عن تطوير أي نشاط مجتمعي فلنحل مشكلة غياب الدولة أو بالأحرى اختطافها وبعدها يكون الكلام عن الأبحاث والتطوير من نافلة القول وإلا فما فائدة هذه البحوث ومن يقوم بتطبيقها في هذه الفوضى العارمة من عدم الأمن والاستقرار وغياب القيم والسياسات المجتمعية الضامنة لجدوى كافة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وخلافهما؟ أوجدوا الدولة أولاً