مقالات وآراء

مستقبل العملية السياسية ما بعد الإطارى (٧)

 

مجدى عبد القيوم(كنب)

 

التيار السلطوى أفسد الممارسة الديمقراطية داخل الاحزاب

هل وصل الاطارى الى طريق مسدود

لا تتوافر أى سلطة تأسيس لأى وثيقة حاكمة جديدة

لا مناص من منصة وطنية تشرعن لأى اتفاق

المشهد يتطلب اتفاق سياسي جديد

هذا هو المطلوب من الشيوعى

 

فى التقدير أن التخريب الممنهج الذى مارسه نظام الانقاذ فى الحياة السياسية لم يقتصر على الأحزاب أو القوى السياسية كمؤسسات بل تعدى ذلك إلى الممارسة السياسية نفسها اى السلوك السياسي كطرق ومناهج عمل فاستخدام الانقاذ مثلا للرشى السياسية بمختلف أشكالها لشراء المواقف ظل المنهج المحبب والاثير وقد تزامن ذلك مع استراتيجية التمكين الاقتصادى التى خصت فى حيز مقدر منها القطاعات الشابة فى الحركة الإسلامية.
فى تجربة الانقاذ أيضا تكادر ترى انطباق توصيف الشريحة التى أوردها عبد الرحمن الكواكبى فى كتابه الاشهر طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد على هذه المجموعات التى فتح لها التمكين الاقتصادى فرص التمويل عبر الجهاز المصرفى من حيث الطبيعة الطبقية أو الخلفية الاجتماعية ولعل هذه الشريحة المنبتة كانت فعلا أحد أهم مقاتل الحركة الاسلامية ومشروعها سىء
الذكر ففى صراع القصر والمنشية بدأ واضحا أن هذه الشريحة انحازت لمجموعة القصر لارتباطها العضوى بحركة رأس المال الاسلامى ومؤسساته.
لم يقتصر تأثير تلك الشريحة على حقبة الانقاذ بل امتد ليشكل بنية تفكير كثير من الشباب الذين نشأوا فى كنف الانقاذ وصار البحث عن الثراء السريع عبر بوابة العمل العام أحد أهم اهداف قطاع واسع من الشباب فى ظل ضيق فرص العمل كنتيجة طبيعية لانحسار دور القطاع العام فى التوظيف وضعف عائد الوظيفة حتى أن وجدت.
تجلت هذه الظاهرة خلال سنى الفترة الانتقالية وشكلت هذه المجموعات قاعدة للتيار السلطوى داخل التنظيمات السياسية تمارس السياسة بمنهج برغماتى بلا محددات قيمية أو أخلاقية.
هذا التيار السلطوى يسعى الآن للوصول الى اتفاق ثنائي يفضي إلى شراكة فى الحكم مع المكون العسكرى ايا كان شكل الاتفاق وفى سبيل الوصول لغايته يستخدم المنهج التبريرى والذرائعى لتسويق بضاعته المعروضة فى سوق بيع المواقف بلا اى وازع.
لقد أفسد هذا التيار السلطوى الفترة الانتقالية برمتها وطال ذلك حتى الممارسة الديمقراطية داخل التنظيمات السياسية نفسها كمؤسسات فطال التخريب بنى وهياكل الاحزاب فى إطار منهج اختطاف القرار فهذا المنهج يستلزم السيولة التنظيمية واضعاف المؤسسية
الآن البلاد يتنازعها العقل التأسيسي والعقل السلطوى
يسعى الأول إلى إعادة الدولة إلى منصة التأسيس بالمعنى الحرفى لمعالجة الاختلالات التى لازمت الدولة منذ النشأة وهذا نفسه يعبر عنه تياران هما تيار التغيير الجذرى
وتيار التسوية التاريخية والتيار السلطوى المدعوم اقليميا والى حد ما دوليا بغرض الوصول لسلطة يتمكن عبرها من الحفاظ على مصالح دول إقليمية فى سياساتها التى تهدف إلى نهب موارد البلاد عبر اتفاقيات مشبوهة
ما سمى بالعملية السياسية هو تجلى لفكر التيار السلطوى الذى يسعى للحفاظ على مكاسبه التى حققها خلال الفترة المنصرمة من الانتقال من خلال التحالف الانتهازى مع المكون العسكرى بشقيه ولا يعنيه كثيرا اية أهداف اخرى فادوات السلطة وحدها هى التى يتمكن من خلالها من الحفاظ على تلك المصالح
بدأ هذا واضحا فى منهج إدارة ما يسميه زورا بالعملية السياسية وهو محض حوار ثنائى يؤدى إلى تفاوض يفضى إلى شراكة فى ااسلطة ولكى يخرج هذا التيار بأكبر المكاسب أستخدم مصطلح اغراق العملية السياسية للتبرير لمنهج الاقصاء وهو هنا لا ينطلق من تأسيس نظرى بمعنى أنه ليس من باب الاختلاف الفكرى انما لتضييق قاعدة المشاركة فى الغنيمة.
استخدم المكون العسكرى هذا التهافت على السلطة لهذا التيار لفرض شروطه لتحقيق أقصى حد من المكاسب ذروة سنامها ضمان الإفلات من العقاب وهو يدرك جيدا أن اى مجموعات مؤطرة فكريا لن تحقق له ما يطمح إليه لذلك عمد إلى دعمها فى المواجهة مع التيار التاسيسى التى لا زالت مستعرة وستظل قطعا إضافة بالطبع إلى المصالح الاقتصادية وما راكبه من اموال من عائد نهب ثرات البلاد.
إذن الخلافات بين شركاء ما يسمى بالعملية السياسية ليست جوهرية لأن التناقض بينهم تناقض ثانوى لذلك سيبذلا كلما فى وسعهما لاحتواء هذه الخلافات
التحدى الان أمام الشركاء ليس فى حسم الخلافات بل فى كيفية تمرير هذا الاتفاق بشكله هذا وسط رفض القطاع الاواسع من قوى الثورة بمختلف فصائلها سيما لجان المقاومة.
فى التقدير وبالنظر لتعقيدات الواقع أن هذا الاتفاق قد وصل إلى طريق مسدود وبات قاب قوسين من الانهيار رغم كل محاولات الانعاش بما فى ذلك قبلة الحياة التى قامت بها مساعدة وزير الخارجية الامريكى مولى في
فى التقدير أن الاتفاق النهائى فى ظل التحديات الماثلة لن يكتب له النجاح وبالتالى لن يكون قادرا على خلق الاستقرار المنشود وذلك الأسباب الاتية:-
١/
ضيق قاعدة الاتفاق إذ هو مقتصر على قوى لا تمتلك جلها أى عمق جماهيري
٢/
الرفض المبدئى لقطاع عريض من قوى الثورة لأى اتفاق مع العسكر.
٣/
الفشل فى معالجة أهم الملفات المعلقة
وهى:-
(أ) قضية شرق السودان
(ب)قضية العدالة الانتقالية
(ج) قضية اتفاقية السلام
(د)إصلاح المنظومة الامنية
٤/
الافتقار للمشروعية الدستورية
ولعل السبب الأخير يفتح الباب واسعا أمام مختلف الاحتمالات
اذا كان الاتفاق لا تتوافر له منصة تأسبس تشرعن له وفقا لوثيقة حاكمة وتبعا ما ينشأ عنه أو يترتب عليه كتشكيل الحكومة مثلا فإن ذلك قطعا يضع عقبات دستورية ليس مستبعدا من بينها الطعن الدستورى من قبل المجموعات التى ترفض الاتفاق بشكله الحالى.
مؤكد أن اتفاق الشراكة الذى انقلب عليه البرهان جاء تأسيسا على الوثيقة الدستورية ٢٠١٩ التى شكلت الشرعية الثورية انذاك منصة تأسيس لها وهو ما لا يتوافر الآن وحتى اتفاق ٢١ نوفمبر بين حمدوك والبرهان استند على ذات الوثيقة ليكتسب مشروعيته لأن جلسة مجلس الأمن بتاريخ ٢٨ أكتوبر ٢٠٢١ التى ناقشت انقلاب البرهان لم تصدر قرارا انما بيانا يطالب بالعودة للشراكة وفقا للوثيقة الدستورية
إذن هذا الاتفاق وان تم التوقيع عليه فهو بحاجة إلى سلطة تأسيس تمنحه المشروعية وحيث أن واقع الحال يقول بأن قطاعا واسعا يرفض الاتفاق بشكله الحالى فهو إذن بحاجة إلى رافعة أو آلية جديدة
فى التقدير أنه لا يد من منصة وطنية جامعة تشارك فيها كل القوى عدا المؤتمر الوطنى وروافده تكون بمثابة سلطة تاسيس لأى مرجعية دستورية يتم الاتفاق عليها
والمطلوب الآن اتفاق سياسي جديد تشارك فيه و تتوافق عليه كل القوى بما فى ذلك قوى الحل الذكرى ولجان المقاومة وحركة تحرير السزدان والحركة الشعبية وكل الديمقراطين
من غير المنطقى اخلاء الساحة لتعربد فيها قوى غير مؤهلة ولا مؤتمنة على البلاد
أن التاريخ يدون فى صفحاته مواقف القوى للاجيال القادمة ولا يمكن أن تترك البلاد نهبا لاطماع قوى أجنبية تهدد وجود الدولة ككيان.
المطلوب من الحزب الشيوعى على وجه الخصوص الخروج من هذه العزلة التى ادخل فيها نفسه والتصدى للمؤامرة التى تتعرض لها البلاد وهو دوره الطبيعى على مر التاريخ وهو قمين بذلك
لا يمكن أن ترهن البلاد لهذا التحالف المرزوء
أن هذه اللحظة من تاريخ البلاد لا تحتمل
الانزواء والانكفاء على الذات مهما كانت الذرائع
المطلوب الآن إسقاط هذا الاتفاق المشبوه بشتى الوسائل والعمل على تشكيل تحالف جديد واختيار قيادة جديدة مؤهلة تخرج البلاد من هذه الازمة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..