المنوعات
رمضان في السودان: “الدبة” لإكرام الضيف و”الدامرقا” تسيطر على المائدة
يشهد السودان خلال شهر رمضان العديد من مظاهر التلاحم الاجتماعي، التي تصاحبها عادات وتقاليد ترتبط بالشهر الكريم فتزيد من ألفة السودانيين وترابطهم.
يوضح الدكتور أمير النور “باحث في تراث” بمنطقة النيل الأزرق، أن لشهر رمضان عادات خاصة به لإثراء جانب المودة والرحمة بين الناس، وفي مقدمة ذلك عادة تسمى “الموركي”، وتشمل التعاون في السراء والضراء بين المجموعات المجتمعية، حيث يقوم كل مجتمع بتقديم ما لديه من ثروات حيوانية أو زراعية أو طعام للناس.
أشار أمير النور، إلى أن من عادات رمضان كذلك الإفطار الجماعي خارج المساكن، وتقديم أبرز الأكلات الشعبية مثل أكلة “الدبة” المكونة من القرع المسلوق، وتعتبر عنوانا لإكرام الضيف والمجتمع، وتعتبر نباتات الملوخية والتمليكه والكاسافا و(البفرة) والبابون والتبش وعيش الريف والفول السوداني والصويا أكلات أساسية في غذاء الناس طيلة أيام الشهر.
وفي إقليم دارفور بولاياته الخمس والواقع غربي السودان، تقول الباحثة في التراث فاطمة حسين إنه إلى جانب القواسم المشتركة بين أهل السودان، فإن “إقليم دارفور يتميز بتنوع مائدته الرمضانية، وفي مقدمتها الطعام المصنوع من اللبن الرائب والملوخية والبامية والسمك الجاف الذي يعرف بـ “الكجيك”، إلى جانب طعام مصنوع من أوراق الكركديه الخضراء، كما يتصدر”الدخن” المائدة، حيث يعتبر أساسيا بدل الخبز، وتطغى عصيدة الدخن على المائدة، وتسمى”الدامرقا”، كما يتميز الإقليم بتقديم عصيري الدوم والقضيم.
ويتميز شرق السودان الذي يضم ولايات كسلا والقضارف والبحر الأحمر بإضافات في النكهة الرمضانية، بخلاف القواسم المشتركة مع أغلب البلاد، وهذا ما أوضحه الدكتور عبد الله شمو الأستاذ المساعد بكلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان، والمهتم بالتراث قائلا: إن المنطقة تلتقي مع دول اليمن والصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا ومصر، حيث نجد البحارة والسماكة والعادات والتقاليد المشتركة التي تضفي طابعا خاصا على أهل الشرق، فنجد عجوة التمر بالسمن واللبن الحليب والرايب وعصيدة القمح بأنواع متنوعة، بجانب لحوم الضأن والغنم ومستخلصات التمور و”المديدة”، وتوفر الفواكه التي تذخر بها المنطقة، والطبيعة الزراعية الغالبة عليها، كما تبرز المخبازة من بين الأكلات الشعبية المشهورة.
وفي ولاية جنوب كردفان، قال مصطفى أحمد بادي مدير الإدارة العامة للسياحة والآثار بولاية جنوب كردفان، وهو من أبناء المنطقة: “يأتي شهر رمضان مضمدا للجروح وماسحا للمآسي وويلات الحروب والنزاعات والفرقة والشتات، حيث يعيد للنسيج الاجتماعي تماسكه، ويشفي جروحا ظن الناس أنها لا تندمل، فتتعالى أصوات السلام في كل مكان”.
وأشار إلى أشهر الأكلات الشعبية الرمضانية في المنطقة، التي تعتمد على اللوبيا البيضاء، والتي تتشكل من أطعمة متعددة، من بينها مزجها بـ “الويكه” واللبن الرايب، وتعدها النساء مبكرا بجانب “الكلم” و”الكرمتا”، وهي نوع من الذرة الحمراء تطهى في شكل عصيدة تحل محل الخبز، مشيرا إلى أن ولاية جنوب كردفان تتميز بوجود عادة “الضرا” بكثرة، وهي عبارة عن خيام تعد في مداخل الأحياء والساحات، وتعتبر مضيفة مفتوحة ومكانا مخصصا للإفطار الجماعي.
وفي ولايات شمال السودان، التي تسمى بأرض النيل والنخيل، تكون ساحات المساجد الصغيرة في القرى هي سيدة الموقف وتسمى بـ “المسيد”، حيث يتم فيها اجتماع الناس وتلاقيهم وتفاكرهم، وتنشط خلاوي القرآن بصورة ملحوظة، وتتميز المنطقة بتواصل قوي مع أبنائها المغتربين، خاصة في دول الخليج، حيث تنشط جمعياتهم في تقديم العون اللازم ومقابلة ظروف التعقيدات الاقتصادية، وجعل رمضان مناسبة لصلة الأرحام، وفتح مساحات رحبة للتواصل مع الآخرين.
ومن العادات السودانية القديمة المتوارثة الآخذة في الانحسار “المسحراتي”، الذي يجوب الأحياء ضاربا بالطبل لتذكير الناس بأهمية السحور ووقته، وكانت تتم في شكل جماعات، لكنها الآن أصبحت تمارس في نطاق ضيق في المدن لأجل المحافظة عليها، فيما لا تزال موجودة في الأرياف، وبذلك تكتمل اللوحة الرمضانية السودانية بأنشطة حيوية متنوعة تتكامل وتتناسق لتصب لصالح قيم رمضان الدينية.
ومن العادات السودانية القديمة المتوارثة الآخذة في الانحسار “المسحراتي”، الذي يجوب الأحياء ضاربا بالطبل لتذكير الناس بأهمية السحور ووقته، وكانت تتم في شكل جماعات، لكنها الآن أصبحت تمارس في نطاق ضيق في المدن لأجل المحافظة عليها، فيما لا تزال موجودة في الأرياف، وبذلك تكتمل اللوحة الرمضانية السودانية بأنشطة حيوية متنوعة تتكامل وتتناسق لتصب لصالح قيم رمضان الدينية.
العربي الجديد