الكتابة بالاهداف – في تطوير الصحيفة ومعاً نتعلم

إسماعيل آدم محمد زين
مع التطور التقني بدأت الصحف الورقية تختفي من نواصي الشوارع ، كما إختفي الباعة الجوالة وأضمحلت أعداد الصحف في الاكشاك ، وبعضها تحول لأغراض أُخري! لقد تم دمجها في أجهزة الموبايل والحواسيب الصغيرة، مثلما إندغمت أجهزة أخري ، مثل : الراديو ، الكاميرا ، المسجل ونظام تحديد المواقع! ولحقت بذلك الكتب والمجلات! فيا لها من ثورة!تُري هل من عودة للصحيفة ؟بشكلها القديم؟ الاجابة لدي المتفائل ، نعم ولغير المتفائل لا! دعونا نتابع مع المتفائل ولنسعي حتي نقود الصحيفة الورقية إلي الحياة بشكل جديد يواكب إيقاع الحياة! فهل إلي ذلك من سبيل؟ أم هي النستولوجيا في إحدي تجلياتها؟
في الغالب يتناول أهل الصحافة شؤون الآخرين بالنقد أو المدح ، دعونا نتناول صميم عملهم ولننظر معهم وبهم لتطوير الصحيفة ، فما زالت أمامها سنوات ، حتي تختفي من الوجود!
بدءاً لا بُد من إعادة النظر في حجم الصحيفة لتصبح أصغر حجماً ، بما يسهل تداولها وتقليب صفحاتها في أي مكان! وليكن في حجم التابلويد المعروف 11 بوصة *17 بوصة أو أصغر من ذلك قليلاً 11*13 بوصة. وبالتالي نتمكن من زيادة عدد الصفحات مع إحتفاظنا بالمساحة المكتوبة، لتضحي 20 صفحة أو 26 صفحة مثلاً. سيشعر القارئ بالرضا وهو يجد عدداً من الصفحات أكثر! ذلك أمر نفسي.
كما يجب الاستعانة بفنان تشكيلي أو مختص في التصميم لاختيار ألوان أكثر إنسجاماً ، متناسقة وغير متنافرة. مما يُضفي جمالاً علي الصحيفة- مع إضافة شعار ، إن لم يكن للصحيفة شعار! ولنعد النظر في الاسم ، ليصبح أكثر جاذبية ، ربما إضافة صغيرة قد تحدث تغييراً كبيراً ، له أثر وخطر!
كذلك علينا معالجة الحروف ونمطها وحجمها ، مع الأحبار الجيدة والورق الجيد ، أو المناسب. وليت الجميع يشتركون في جلسة عصف ذهني لمعالجة هذا الموضوع- وهو تطوير الصحيفة ، أي صحيفة ، فلا حد للتجويد ولن نصل الكمال . ولكن علينا السعي الدؤوب.
هذا من حيث الشكل- أما محتوي الصحيفة ، ربما يحتاج لنظر جديد أو إعادة نظر وهو أمر لا يتم إلا بقبول من الكتاب والصحفيين ، تطويراً لأساليبهم في الكتابة ، حتي لو دعا الحال إلي الاستعانة باساتيذ في اللغات. وربما يلزمنا تدريب جيد في داخل البلاد وفي خارجها وليكن بشكل ذكي ، إذهب في زيارة إستطلاعية ، أو عليك قضاء إسبوع للراحة بين زملاء المهنة في لندرة! ذلك أمرٌ ممكن من خلال الشراكات أو إتفاقيات للعمل هنا و هنالك في خارج البلاد مع الدور الصحفية الكبيرة! ولا تحسبن ذلك من عداد المستحيلات! مثلما نحن مولوعون بمعرفة الأوضاع في تلك البلاد ، فهم أيضاً لديهم رغبة في زيارة بلدان أخري ومعرفة أحوالها ونقل هذه المعارف إلي مواطنيهم وغيرهم من القراء . لذلك علي الصحف تعيين خريجي اللغات، مثل الفرنسية والروسية والصينية للعمل في مجال الصحافة ، وهنا نذكر المرحوم جعفر محمد علي بخيت ، فقد كانت له رؤية ، لم يتركه أهل الرؤوس الفارغة من إكمالها ، مثل مشروعه للصحفيين النجوم- كان يريدهم نجوماً بها يهتدي المجتمع وإليه ينقلون المعارف! عليه الرحمة . رجل سبق زمانه! فليكن للدور الصحفية حياة في هؤلاء ، في أجيال من الصحفيين الأذكياء ، من الملمين باللغات الأجنبية والثقافة الرفيعة.
كذلك لا بد من التدريب المباشر ، في ورش للعمل أو في الكتابة الابداعية وفيما يتعلق بالعمل الصحفي- الاخراج ، التحقيق … إلخ الأنشطة.
من الممكن إدخال بعض الصور- صورة وبتعليق مناسب ! أو صورة وعلي القارئ وضع تعليقه مع وعد بجائزة لأفضل تعليق! لاحداث شئ من التفاعل بين القارئ والصحيفة. أو فلتكن الصورة من القارئ ، حيث يتم إنتخابها من بين صوراً عديدة يرسلها القراء من كافة أنحاء البلاد وربما من كافة أنحاء العالم! مع جائزة لأفضل صورة.
وهكذا نعزز النسيج الوطني ونتعرف علي مناطق جديدة وثقافة جديدة ، إذ الصورة بألف كلمة! ويأتي الكاريكاتير- فهو مثل الصورة ، بل أكثر جاذبية وإثارة . ودعوة للجميع للمساهمة في الرسم أو في تقديم أفكار للرسامين! وبذلك نحصل علي عمل مشترك : كاريكاتير : رسم. فلان … فكرة … فلان ..! وهذا هو العمل المشترك ، فلندخل ذلك النمط من العمل حتي في الكتابة- تحقيق مشترك! وهكذا في بقية الأمال أنشطة الصحفية.
ولاحداث مزيد من التفاعل مع القارئ ، يمكن تخصيص صفحة لعرض ما يكتب القراء وهنا أيضاً قد تفيد الجوائز تحفيزاً وتشجيعاً . واتذهب الصحف إلي المدارس والجامعات ، لاستقطاب الطلاب والاساتذة للكتابة عن مدارسهم وجامعاتهم . ما يشغلهم وما يهمهم! وهو أمرٌ إذا غيض له النجاح سيساعد متخذي القرار علي متابعة ما يدور في المدارس والجامعات وبذلك يعالجون كل مشكلة في وقتها! ومن ثم الاستقرار.
وليتم تخصيص صفحات للشؤون العامة والهامة-للصناعة صفحة ، الزراعة ، الرعي ،الاقتصاد والمال ، التعليم والصحة … إلخ. ولتكن بداية للتخصص في هذه الأنشطة ، تماماً كما نجد صحفي رياضي ، سنجد صحفي مختص في الصحة ، يعرف مشاكلها ويعرف أهلها. سنجد أيضاً من يهتم بالشؤون العالمية ! .
لذلك من المهم الاهتمام بالكتاب والصحفيين باجزال العطاء ولتوضع المعايير للمقابل المادي للأعمدة والمقال والتحقيق … إلخ بالطبع هنالك كتاب وصحفيون نجوم لهم أجر يختلف عن غيرهم! وهنا يحضرني قول إبن خلدون “إن الانسان لا يقبل أن يذهب جهده هدراً” أو هكذا قال! . بعض الناس قد يُرضيهم الاطراء أو كلمة شكر. وليكن للتكريم مناسبات خاصة أو في أعقاب ندوة أو محاضرة هامة.
وقد يزعم أحدهم بأن الدخل قليل وهو يعتمد علي الاعلان ، لذلك لا بد للصحف من أبتداع أساليب جديدة لتنويع مصادر الدخل بالاستثمار في الأنشطة ذات الصلة ، مثل صناعة الطباعة والاعلانات ، والنشر وربما التوزيع . في طباعة الكتب المدرسية والمجلات ، مثلاً.
ومن بعد تأتي بيئة العمل ، لا بد من تحسينها ، بالمكاتب الجيدة والمعدات مع مواقع لاعداد أكواب الشاي والقهوة وربما بعض المأكولات الخفيفة.
من المهم توفير شبكة الانترنيت وأجهزة الحاسوب المحمول وغير المحمول وبالطبع لا بد من وسائل الحركة- نري جهات أقدمت علي تمليك العاملين سيارات وهو أمر يسير . كما يجب الاهتمام بأمور أخري ، مثل : التأمين الصحي والضمان الاجتماعي وربما تتفق بعض الدور الصحفية علي إستضافة أطباء من وقت لآخر لاجراء الكشف والفحص وتقديم العلاج ، بالاتفاق مع بعض المشافي أو نقابة الأطباء.
لضمان نجاح الدور الصحفية ، عليها النظر في تحويلها إلي شركات عامة ، مما يوفر لها رأس المال وبما يمكنها من الاستثمار حتي تواصل رسالتها في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
والنظر في تملك الكتاب والصحفيين لأسهم ، مما يوفر الثقة والرضا ويحقق النجاح ويعزز الانتماء للمؤسسة.
علي ملاك الدور الصحفية أن ينظروا في أحوال العالم من حولنا وهنا لقصص النجاح ولقصص الفشل . فقد تلاشت دور وأختفت صحف وأضمحلت بركونها للاساليب القديمة في العمل والادارة ، فقد يكون مجزياً تقليص مساهمة صاحب الدار إلي 5% بدلاً من 100% من ملكية المؤسسة . إذ ربما تعود نسبة ال 5% بارباح أكثر من ملكية 51% أو حتي 100% من الأسهم.
وحتي مقار الدور الصحفية يمكن تطويرها لتضم عدداً من الصحف أو المؤسسات ذات الصلة ، إستثماراً في العقار أو المبني ليصبح مصدراً للدخل.
وهنالك إمكانية دمج عدداً من الصحف ، للوصول إلي دور عملاقة وقوية . فلنجرب!
ولتنظر السلطة الحاكمة أو التنفيذية –لا أعني السلطة الحالية ، فهي مؤقته ولا تفكر إلا في ركوضها علي الكراسي! ولا أخالها ستقدم خدمةً لهذا الشعب الصابر! إذ الصحافة وحريتها مما يُعد في تصنيف الحكم الرشيد وكذلك معاملة أهل الراي والقلم . إن الوضع الحالي محرج للجميع فقد إختفت الصحف ولم نعد الناس يذهبون صباحاً لأكشاك الجرائد.
ولتكن الاجتماعات اليومية أو الشهرية جلسات للعصف الذهني المنتج وليكن هذا الموضوع تحت النقاش . فمن المؤكد بأن التفكير في جماعة سينتج ثماراً أكثر ، إذ الفكرة تُولد الفكرة! هذه الطريقة في الكتابة علي نهج التخطيط بالأهداف ، لذلك تتضح جدواها ومن هنا تبدو لنا أهمية التخطيط في حياتنا . ليس فقط خطة واحدة و لكن لا بد من خُطط بديلة! .
وفي حقيقة الأمر ما تم عرضه، لهو خطة كبيرة أو مجموعة من الخطط ، تنقصها المصفوفات ، لتحديد تكلفة كل نشاط والفترة الزمنية اللازمة لانجازه. وبالطبع هنالك وسائل أخري للتطوير وتحسين بيئة العمل ، كأن نلجأ لأسلوب الكايزن الياباني وهو تطوير متدرج ، قليلاً قليلاً ليصل إلي الأهداف المرجوة.