مقالات سياسية

الذين يضجون بالحديث عن مخططات أجنبية ماذا عن المخطط الإسلاموي؟

منير التريكي

الذين يتحدثون عن مخطط غربي ضد السودان وعن الغزو الفكري . دعونا نحدثكم عن مخطط بدأ بالفعل ويتواصل بقوة هذه الأيام .
بداية نقدر حرص الأبرياء وخوفهم على السودان . لكن ليس كل من يضج بالحديث عن تقسيم السودان برئ من الشبهات.
بالتمعن في من يصرخ بالحديث عن عدواة أمريكا والغرب والخوف على السودان والإسلام نجدهم يقومون بهذا الضجيج لصرف الأنظار عن مخططهم هم . دعونا ننتبه إلى مخطط خطير لتقسيم السودان . مخطط الإخوان المسلمون لفصل أطراف السودان للإحتفاظ بالوسط واستغلاله كما فعلوا لأكثر من أربعين سنة. المخطط القديم  ملامحه بدأت تظهر في 1977م . نعم .. بالضبط هو تاريخ دخول الإخوان المسلمون في مايو بالمصالحة الكارثة. المخطط الإخواني بدأ منذ الإستقلال بمحاولة الاستيلاء علي جماهير الحزبين التقليديين . لكن جماهير الختمية في الحزب الاتحادي وجماهير الأنصار في حزب الأمة كانت لها ولاءات عقدية راسخة في قياداتها. لاحقاً إجتهد الإخوان في زرع بعض عضويتهم داخل هذين الحزبين . هؤلاء المزروعون تسللوا إلى مواقع صنع القرار. يمكن بسهولة معرفة قوة تأثيرهم بتتبع سياسات وقرارات الحزبين الكبيرين . الحزب الإتحادي وحزب الأمة يصوت لهما الأغلبيه في الإنتخابات العامة. لهذا كان من الطبيعي أن يشكلا الحكومات في فترات الديمقراطية القصيرة. ما فعله الإخوان المسلمون حينذاك هو مزاحمة وتشويه الشخصيات القياديه في الحزبين . مارس الإخوان الإغتيال المعنوي للشخصيات المستنيرة داخل الإتحادي والأمة. قاموا بالتشكيك في من هم حول السيدين . شجعوا وصول الذين زرعوهم داخل الحزبين الكبيرين . هكذا إستفادوا من جماهير الحزبين.  إستغلوا الاغلبية التلقائية في تمرير اجندتهم  . من أمثلة  هذه القرارات تحريضهم لطرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان 1967م. النواب أتت بهم  إنتخابات حرة ونزيهة . السلطة وعلى رأسها حزب الأمة آنذاك رفضت قرار المحكمة ببطلان الإجراء. عنف سياسي قابله اليسار بعنف عسكري أنتج إنقلاب نميري.
من الأمثلة أيضاً تحريض الأنصار ضد مايو والتمترس في الجزيرة أبا. منع دخول نميري رئيس الجمهورية للجزيرة في 1970م. أدى ذلك إلى مجزرة واحداث مؤسفة. قتل الإمام الهادي وهو في طريقه للحبشة. في 1976م قاموا بتحريض جماهير الأنصار لغزو السودان انطلاقاً من ليبيا . عُرِف ذلك بغزوة المرتزقة. أيضاً حدثت مجذرة واحداث مؤلمة. عقب ذلكتم  إستغلال قادة الاخوان المسلمون للعدد الكمي لجماهير حزب الأمة للدخول في مفاوضة أفرزت مصالحة 1977م. داخل مايو تسللوا سريعاً إلى حيث المال وتمركزوا في المواقع الحساسة. ضيقوا على شريكهم وحصان طرواده الذين ادخلهم السلطة. النتيجة غادر حزب الأمة محطة المصالحة مخلفاً بعض قياداته في نظام مايو . دخول الإخوان المسلمون في نظام مايو 1977م احدث إنشقاق في الجماعة نفسها. تمسّك المخلصون بالمبادئ ورفضوا السلطة والمال . الذين غزو دهاليز السلطة اسرعوا بإنشاء شركات المال الإسلامية. بنوك وتأمينات وتحويل أموال من الخليج وغيره . منذ ذلك الوقت تحولت ايرادات الدولة الي خزائن تنظيم الاخوان المسلمون. تسببوا في مجاعة 1983م. وتدهور الإقتصاد بسبب الفساد وتجنيب الإيرادات وسرقة ما يصل للخزينة العامة . لم يكتفوا بذلك قاموا بالحفر للنميري ليحلوا محله . نميري بشخصيته القوية والقومية والمحبوبة والنزيهة . أحس منهم الغدر وضع قادتهم في السجون قبيل سقوط مايو باسابيع فقط . خرجوا منها ودخلوا في الثورة وهم الذين امضوا ثمان سنوات في السلطة . أسوأ سنوات نميري (راجع فسادهم من1977م وحتى 1985م) .عقب نجاح إنتفاضة1985م مارسوا تعطيل وتخزيل للثورة  وتشويه للثوار عبر من زرعوهم في الاحزاب الكبيرة. أفرز ذلك سلطة إنتقالية بقيادات إخوانية مستترة. المجلس العسكري آنذاك نفذ أجندة الإخوان المسلمون وأفشل مطالب الثورة في المحاسبة ومحاكمة الفاسدين . قام الكتاب الإسلامويون – وهذا إسمهم بعد الثورة – قاموا  بتشويه صورة الديمقراطية عن عمد وتحريض عسكرهم داخل الجيش ضد الثورة. النتيجة إنقلاب 1989م المشؤوم. لمدة ثلاثين سنة عجفاء سيقومون فيها بسرقة المال العام وممارسة ظلم فادح وفصل العاملين بالدولة وتشريدهم ومحاربة الشرفاء. سيحدث بطش وقمع وقتل وحروب ومعاداة المجتمع الدولي وفصل الجنوب. فصل الجنوب هو جزء من خطة فصل الأطراف . عقب توقيع إتفاقية نيفاشا دخلت قيادات الحركة الشعبية إلى دهاليز السلطة. كشفت الكثير من الفساد وطالبت بدولة مدنية. هذا ضد مخطط الإسلامويين. هم يريدون الإنفراد بالسلطة في الشمال والوسط.  فصل الجنوب تم فعلياً قبل إجراء الإستفتاء . وهو أمر وجد هوىً في نفوس بعض قادة الحركة الشعبية. يتواصل المخطط الخطير بفصل دارفور والأطراف الجنوبية والغربية ليتبقى ما يعرف بمثلث حمدي. هدف المخطط هو الانفراد بحكم مطلق بدون مطالبات بالتحقيق في جرائم  سابقة او لاحقة أو فضح للفاسدين. الإستيلاء على السطة واستغلال الموارد لتصب في جيوب أفراد التنظيم . المماطلة عقب إنتصار ثورة ديسمبر 2018م هدفها وأد الثورة بمكابح تشتت قوة دفعها. هم يراهنون على تفشيل الثورة بتأخير الوصول إلى إجماع . يقوم بشق الصف وتشكيك القوى السياسية في بعضها البعض . إتفاق القوى السياسية ينتج كتلة صلبة موحدة تصدر قرارات حاسمة وملزمة . وأهم قرار هو الاحتفاظ بالسودان كما هو وإفشال مخطط الكيزان لتقسيم السودان . لن يحدث ذلك إلا بوضع الجميع أمام مسؤوليتهم التاريخية . تنبيه الضعفاء والغافلين الذين يسمحون للإنتهازيين بالتفكير نيابة عنهم . هذا هو مخططهم منذ زمن بعيد . فقط أصبح أكثر وضوحاً لبعض الذين كانت في عيونهم غشاوة .  للأسف البعض لا يزال يدافع  عنهم رغم اعترافهم أنفسهم بفسادهم . تدمير العراق وسوريا واليمن وليبيا حدث بتدخل قوي أجنبية . لكن تقسيم السودان وتخريبه بدأ واستمر بعقوق وأنانية بعض ابنائه .
إذا لم ينتبه الجميع لمخطط الإسلامويون الإنتهازي لتقسيم السودان ويقفوا ضده الآن ربما لن يجدوا فرصة أخرى .
لكن ما هي أفضل طريقة لهزيمة الإسلامويين وتأسيس دولة مدنية كاملة الدسم؟ .
هذا موضوع مقالنا القادم بعون الله.

‫6 تعليقات

  1. ليسوا إسلاميين بل كيزان الا لعنة الله عليهم. وما يؤسف له حقا دور الفاقد التربوي الذي ساهم في تعقيد المواقف. والمعني بهم أولاد البشير و الحركات المرتزقة.

  2. طيب هم خططوا لتنفيذ اجندتهم انتو المنعكم تخططوا منو.. انتو عايزين تحكموا بالعافية بس.. قديما قيل التخطيط سبب النجاح وبدون تخطيط ياهو خليتونا في البشتنة الحاصلة دي ونكرر قوة خصمك من ضعفك.

  3. اذا كانوا يريدون تقسيم السودان فنحن معهم في هذه الخطوة و هكذا تكون الدولة الام رجعت لوضعها الطبيعي بدون مناطق الحرب. الحقيقة هذه الفكرة لا يتبناها الكيزان تحديدا و انما فكرة كل من يرى بعين فاحصة انه لا يمكن ان يستمر السودان بشكله الحالي في حروب و نزاعات و مركز و هامش و نزوح و هجرات جماعية لا تنتهي فكرة الانفصال هي اصح فكرة و استبعد ان تكون كيزانية او حزبية لان الاحزاب تسعى دائما الى كسب الجمهور ثم ان فصل مناطق الوسط او مثلث حمدي لا يعني سيطرة الكيزان ابدا. في نهاية المطاف لا يصح الا الصحيح على كل اقليم طرفي ان يطالب بتقرير المصير حتى يتفرغوا لادارة شانهم بطريقتهم الخاصة و الدولة ليست بالضرورة ان تكون كبيرة المساحة و الخريطة ليست قرآنا كما ان السودان بشكله الحالي صنعه المستعمر و ايس هو الدولة القديمة و لم تكن دارفور و لا جنوب السودان و لا جنوب كردفان جزءا منه

  4. لو في مخطط اسلامي فهو من صميم مجتمعنا فهل تساويه باالمخطط لاجنبي؟ العمالة وصلت لهذه الدرجة بقت نهارا جهارا؟ يا للعار.

  5. شوف عشان ما تسوقو لناس بالخلاء
    مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية عام 1994 منح الجنوبيين حق تقرير المصير
    والاحزاب الموقعة كانت حزب الامة والحزب الشيوعي والحزب الاتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية لتحرير السودان وغيرهم.
    جاء الكيزان وحولوا هذه المقررات (المصيرية) الى واقع وضمن استفتاء
    الاستفتاء كان حرا نزيها بشهادة المنظمات الدولية
    صوت الجنوبيون بنسبة 99.9 لصالح الانفصال وانفصلوا
    اذن لا يمكن ان تلوم الكيزان
    اللوم لمن اعطى الجنوبيين حق تقرير المصير.
    الكيزان عندما استمروا في الحرب قالوا عنهم : انهم يقتلون شعبهم، انهم يجاهدون ضد مواطنيهم
    وعندما اوقفوا الحرب واعطوا الجنوبيين حق تقرير المصير قالوا بانهم تسببوا في انفصال الجنوب
    يعني كده كده غلطانين
    في الحرب غلطانين وفي السلم غلطانين.
    والموضوع كله هو حرب ايدولوجية بين تيارات سياسية متنافسة
    والحقائق هي الضحية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..