أخبار السودان

تفاصيل مباحثات المبعوث الفرنسي مع السلطة الانقلابية في السودان

* دقلو للمبعوث: نؤكد الالتزام الكامل بالعملية السياسية وفق الترتيبات الُمعلنة

* أجراس إنذار تُقرع بين الفينة والأخرى، لدول القرن الإفريقي، من الوقوع في شراك حرب الديناصورات

الجريدة – عبدالرحمن العاجب

غابت دول شرق إفريقيا عن أجندات واهتمامات السياسية الخارجية الفرنسية لفترة طويلة، وأصبحت الصين وغيرها من القوى العظمى تستأثر بفرص الاستثمار ومجالات النفوذ في القرن الإفريقي، وتضاعف حجم استثمارات الصين عموماً في إفريقيا، في ظلّ تراجع باريس سياسياً واقتصادياً في بعض مناطق القارة السمراء، وهو ما دفع بفرنسا حالياً للعودة إلى القرن الإفريقي، وتبني سياسة رد الاعتبار لهذه المنطقة، لخلق توازن دولي جديد فيها، وتثبيت أركانها في المنطقة التي كان بعضها يخضع لحكم باريس.

(١) وفي إطار سياسة ردّ الاعتبار والبحث عن المصالح، قام المبعوث الفرنسي الخاص بالقرن الأفريقي بزيارة السودان، وفي السياق أكد عضو مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن شمس الدين كباشي إبراهيم، حرص السودان على تعزيز وتنمية علاقاته مع جمهورية فرنسا وتطوير آفاق التعاون المشترك معها، في مختلف المجالات، وأن يستفيد السودان من الاستراتيجية الفرنسية الجديدة تجاه أفريقيا، التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ٢٧/ فبراير الماضي. وبحث كباشي خلال لقائه بالقصر الجمهورى أمس (الثلاثاء) المبعوث الفرنسي الخاص للقرن الافريقي (فريدريك كلافي) مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الخرطوم وباريس، بجانب قضايا أمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي، والاوضاع في تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان. وبشأن تطورات الأوضاع السياسية بالبلاد، جدّد كباشي إلتزام القوات المسلحة بالعملية السياسية الجارية، وحرصها على التوصل إلى اتفاق مع جميع الأطراف، حول القضايا العالقة، تمهيدا للتوقيع على الاتفاق النهائي وتشكيل الحكومة المدنية، مشيرا إلى أن القوات المسلحة تتحلى بروح المرونة والمسؤولية تجاه ما يحفظ أمن واستقرار البلاد ويحقق رفاهية المواطن.

(٢) وفي ذات المنحى استقبل نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو أمس (الثلاثاء) المبعوث الفرنسي الخاص للقرن الأفريقي ( فريدريك كلافييه) وبحث اللقاء، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة، إلى جانب التطورات السياسية في السودان، والجهود المبذولة للتوصل لاتفاق نهائي يحقق الاستقرار للبلاد.

وتناول اللقاء التطورات التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي والقضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأكد دقلو في اللقاء أهمية تعزيز العلاقات والتعاون والتنسيق في مختلف المجالات بين الخرطوم وباريس، بما يحقق المصالح المشتركة في ضوء الاستراتيجية الجديدة التي تتبناها الحكومة الفرنسية للتعاون والحوار الاستراتيجي مع أفريقيا.

وجدّد دقلو الالتزام الكامل بالعملية السياسية وفق الترتيبات المعلنة، وصولاً إلى التحول الديمقراطي بقيام الانتخابات، مشيراً إلى أنه مستمر في النقاش مع الأطراف غير الموقعة، لإلحاقهم بالعملية السياسية من أجل تحقيق الاستقرار للسودان والمنطقة، وبشأن جنوب السودان، أكد دقلو التزام السودان بدعم تنفيذ اتفاقية السلام المنشطة، مشيراً إلى أن منطقة القرن الأفريقي، تحتاج إلى دعم ومساندة الشركاء الإقليميين والدوليين بما يحقق الاستقرار والتنمية لبلدانها.

(٣) ومن جانبه أكد المبعوث الفرنسي الخاص للقرن الأفريقي ( فريدريك كلافييه) أن زيارته للسودان تأتي في إطار دفع العملية السياسية ومساعدة الأطراف للتوصل إلى اتفاق يحقق الاستقرار للبلاد، مؤكداً أن فرنسا تولي اهتماماً كبيراً باستقرار السودان والمنطقة، داعياً جميع الأطراف السودانية، إلى أهمية التوصل إلى اتفاق يقود إلى تشكيل حكومة مدنية في البلاد.

وفي سياق متصل أفاد بعض المراقبين والمتابعين والمهتمين بالشأن السياسي والامني السوداني والتشادي أن زيارة البرهان وحميدتي إلى انجمينا إلى العاصمة التشادية انجمينا في يناير الماضي شملت لقاء مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا (باتريك دورال) وربما تناولت الزيارة بشكل أساسي الاوضاع الأمنية في دولة جمهورية افريقيا الوسطى التي تشهد هذه الأيام اقتتال عنيف بين عدد سبعة فصائل مسلحة يشار إليها اختصارا باسم (C. P . C) (التحالف القومي من أجل التغيير) بقيادة الجنرال علي محمد دراسة ضد نظام الحكم في افريقيا الوسطى (انتي بلكا) بقيادة الرئيس فوستان آرشانج تودايرا.

وبحسب متابعات (الجريدة) فأن الهدف من زيارة البرهان وحميدتي إلى تشاد في يناير الماضي كان مقابلة مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا المستشار (باتريك دورال ) الذي يتواجد وقتها في تشاد لادارة المشهد في افريقيا الوسطي والسودان وتشاد وبعض دول غرب إفريقيا.

وبحسب المتابعات فان المستشار الفرنسي قابل البرهان وحميدتي في زيارتهما إلى انجمينا لمناقشة الاوضاع في افريقيا الوسطى وبحث سبل ازاحة نظام الرئيس (فوستان آرشنج )الذي يدين بالولاء إلى النظام الروسي، وهو الأمر الذي دفع شركة فاغنر كي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية ضد قوات المعارضة (التحالف القومي من اجل التغيير) وناقش المستشار مع البرهان وحميدتي بجانب موضوع افريقيا الوسطى قضايا الحدود والارهاب.

وفيما يبدو أنّ الصراع الدولي في القرن الإفريقي يتزايد ويشهد تدافعاً جديداً بين القوى الكبرى ذات المصالح السياسية والعسكرية والاقتصادية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وهو ما سيقود المنطقة نحو استقطابات سياسية واقتصادية جديدة، فالصين قوة اقتصادية وعسكرية صاعدة، وتتجنب دوماً التدخل في الشؤون الداخلية الإفريقية.

(٤) بينما تزاوج اهتمامات الدول الغربية بين استثماراتها الاقتصادية والسياسية وبين التدخلات العسكرية والنفوذ الاستراتيجي، وتميل تلك الدول ومن بينها فرنسا إلى سياسة (العصا والجزرة) لإخضاع الفيل الإفريقي للنفوذ الغربي والأمريكي مجدداً. وتقفز إلى الأذهان مع كل اهتمام أوروبي جديد بالقرن الإفريقي، أسئلة كثيرة حول إمكانات التوازن لدى دول المنطقة ونهجها السياسي في التوفيق بين مصالح القوى العظمى واحتياجات أسواقها وشعوبها لنهضة اقتصادية، وتُمكّن تلك الدول من مواكبة التطور الاقتصادي والطفرة التكنولوجية، كما أن هناك مخاطر على القرن الإفريقي نتيجة هذه القواعد العسكرية المتزايدة، فتناقض المصالح بين القوى العظمى ربما سيؤثر سلباً على علاقات تلك الدول مع القوى الكبرى في خضم صراع التجاذبات والاستقطابات.

ويبدو واضحاً أن سباق النفوذ على المواقع الاستراتيجية في القرن الإفريقي يزداد مع انتشار المخاطر الأمنية التي تتفجر في كل من الصومال واليمن، ثمّ إنّ السعودية والإمارات دخلتا المنطقة، واتخذتا من إريتريا منطلقاً، وأقامتا قواعد عسكرية، بينما تنفرد الإمارات بالقاعدة العسكرية في (بربرة) بأرض الصومال، وبرزت أهمية هذه القواعد العسكرية في المنطقة بعد اندلاع حرب اليمن ضد الحوثيين في عام 2015م.

وبالنسبة للقوى العظمى المتمركزة في القرن الإفريقي وهي: (أمريكا، وفرنسا، والصين، واليابان، وتركيا) فهي تهدف إلى حماية مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية بالدرجة الأولى، فظاهرة القرصنة التي تهدد الملاحة العالمية التي تعبر باب المندب لا تزال متفشية في المياه الإقليمية في المحيط الهندي، وهو ما يبقي الأسطول العسكري الغربي باقياً قبالة السواحل الصومالية.

(٥) لكن ثمّة أجراس إنذار تقرع بين الفينة والأخرى، لدول القرن الإفريقي، في الوقوع في شراك حرب الديناصورات، نتيجة التجاذبات الدولية والإقليمية، وهو ما سيهدد مستقبل بعض تلك الدول، خاصة تلك التي لا تستطيع إدارة ملف شؤونها الخارجية، ويبدو واضحا أن التحديات القادمة التي تواجهها تلك الدول هي دخول رهانات حرب خاسرة، فعلى تلك الدول إمّا أن تختار أصدقاء كثر، وتعيش في صراع سياسي مستمر لرأب الصدع مع هذا أو ذاك، أو أن تنحاز إلى أصدقاء جديرين بالثقة، تطبيقاً للمثل العربي (الصديق وقت الضيق). ومما لا يختلف عليه اثنان أنّ التوجه الفرنسي نحو القرن الإفريقي منبعه سياسات فرنسية طارئة مع نشوء تقلبات وتحالفات تشهدها منطقة كانت تعدّ الحصن الإفريقي الفرنسي، ومؤخرا تداركت باريس الخطأ السياسي والاستراتيجي بالنسبة لسياسة حكومته لكن من الراجح حتماً أن عودتها إلى هذه الواجهة لن يمرّ من دون دفع ثمن غيابها، فضلا عن التحديات السياسية والاقتصادية التي تشهدها تلك الدول، وهي تحديات كفيلة أن تنخرط باريس في مواجهات شبه صفرية مع اقتصادات دولية صاعدة مثل الصين.

الجريدة

 

تعليق واحد

  1. اذن عبارة (السلطة الانقلابية) بلوها واشربوا مويتها
    الدول الغربية عادة لا تفاوض او تجلس مع مدبري الانقلابات العسكرية.
    أو
    يمكن الفرنسيين كيزان
    او ممكن يكونوا فلول

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..