تحالفات المدنيين والعسكر … الطبعة الأخيرة

م/ التجاني محمد صالح
بمناسبة 6 أبريل الذي يحبنا ونحبه تحالفات المدنيين والعسكر … الطبعة الأخيرة
المتابع لتاريخ الحكومات السودانية المتعاقبة منذ الإستقلال الصوري في 1956م وحتى الآن ؛ يرى جليا التحالف غير المعلن ما بين قطاع السياسيين والعسكر . فجميع الحكومات أتت نتيجة لتحالف بين بعض السياسيين المدنيين وقطاع من العسكر سواء أكان على رأس تلك الحكومات حاكم مدني أو عسكري عدا فترات قصيرة من الحكم المدني التي كانت بمثابة إستراحة محارب يعود بعدها الحكم العسكري بمباركة المدنيين . هذا المشهد يتكرر لأكثر من مائة وعشرين عاما منذ نهاية القرن التاسع عشر بدخول المستعمر البريطاني المصري بعد هزيمة الدولة المهدية في العام 1898م والذي مثل الحاكم العام أعلى سلطة فيه جمعت ما بين السلطة السياسية والعسكرية .
جاءت الثورات الشعبية السودانية لتضع حدا للحكم العسكري ولكنها جميعا لم تفلح حتى الآن . فبعد الإستقلال بقليل جاء حكم عبود في نوفمبر 1958م وبعد ثورة أكتوبر 64 جاء حكم النميري في مايو 1969م وبعد ثورة أبريل 85 جاء حكم البشير في يونيو 1989م . والآن وفي غضون ثورة ديسمبر 2018م التي لا تزال مستمرة يجيء حكم البرهان – حميتي.
طبيعة الحكم العسكري في الماضي كانت تعتمد على تحالف حزب سياسي أو أكثر مع قيادة الجيش أو فصيل من الجيش ذلك لأنه كانت للجيش قيادة موحدة . الواقع الآن جد مختلف. فهناك جيشان هما الأكبر في السودان إلى جانب جيوش صغيرة متعددة تابعة للحركات المسلحة. الجيشان الكبيران أحدهما ورث المؤسسة العسكرية الرسمية للبلاد وهو جيش مؤدلج نجحت الحركة الإسلامية في إفراغه من العناصر الوطنية وأعادت صياغته وتتمثل قيادته الآن في اللجنة الأمنية التي كونها المعزول عمر البشير وعلى رأسها البرهان. والجيش الآخر الجنجويد هو أيضا من عمل المعزول عمر البشير ويتكون من مجموعات قبلية ومرتزقة من داخل وخارج السودان أستخدمت ولا تزال تستخدم في الحروب القبلية وتشريد المواطنين ونهب الموارد وهي بندقية جاهزة للإستئجار الداخلي والخارجي ويقف على رأسها حميتي.
الجديد في هذه المرة أن تحالف بعض الأحزاب السياسية في الحرية والتغيير بوصفها خارجة من صلب الثورة ، تخلت عن الثورة وإتجهت صوب الجنجويد ، البندقية التي تظن أنها ستحميها من المعسكر الآخر وتوصلها إلى كرسي الحكم بزعم أن الجنجويد سيحمون الحكم المدني الديموقراطي وينتصرون للثورة .
أما المعسكر الآخر وعلى رأسه بقايا العهد المباد والمنتفعين منه فصوبوا وجوههم شطر اللجنة الأمنية و قيادتها المؤدلجة بزعامة البرهان.
إن كان في الماضي هناك جيش واحد تتنازعه الأحزاب السياسية فهذه المرة تنقسم الأحزاب السياسية هذه مع الجنجويد والأخرى مع اللجنة الأمنية للعهد المباد التي استولت على الجيش . الجديد هذه المرة أن بعض الأحزاب السياسية من الحرية والتغيير المركزي أصبحت متحالفة مع الجنجويد على الرغم من التاريخ والحاضر السيئ لهذه المجاميع لما خلفته من مآسي تختزنها الذاكرة الجمعية للشعب السوداني وليس آخرها فض الإعتصام من أمام القيادة العامة للجيش السوداني وفي وجود اللجنة الأمنية للعهد المباد بوصفها القيادة الرسمية للجيش. التحالفات هذه المرة إشتملت إلى جانب اللجنة الأمنية للعهد المباد على الجنجويد أيضا إلى جانب التحالف مع السفارات الأجنبية التي أصبحت تصول وتجول في السياسة السودانية وكأنها سياسة داخلية لدول تلك السفارت.
بعد إنجلاء غبار المعركة على كرسي السلطة الآن سواء بإنتصار أحد الجانبين على الآخر أو بالتوصل لإتفاق تقاسم للسلطة بينهما يصبح من المحتم على المؤمنين بضرورة إنتصار الثورة السودانية خوض المعركة المؤجلة ضد كل من الجنجويد وملحقاتهم من أحزاب الهبوط الناعم واللجنة الأمنية وصنائعها من بقايا العهد المباد والمنتفعين الذين هددت الثورة السودانية مصالحهم . على لجان المقاومة والمؤمنين بضرورة أن تصل الثورة لغاياتها أن يكونوا أكثر نشاطا وإلتحاما بالمجتمع الشعبي السوداني بالعمل على تكوين لجان الأحياء كأساس لبناء قاعدي نحو القمة.
6 أبريل يحبنا ونحبه
نعم ،
يمكن إستبعاد المجرم حميدتى من المشهد السياسي ،
إذا تخلى بعض الناس عن الإنتهازية والتضليل ،
وتدبيج مثل هذه المقالات العجيبه .