(1) ذكرى ٦ أبريل.. ثوار يتأهبون و أعداء يتكالبون

أربعة أعوام هي عمر الذكرى المجيدة لجماهير الشعب السوداني عندما قررت محاصرة مقر القيادة العامة للجيش السوداني، رافعة شعار المطالبة برحيل البشير ونظامه. لكنها هي الذكرى التي لم ينفك الثوار من التعلق بحبالها، كلما أدركوا أن ثورتهم قد تكالب عليها أعداء التغيير من كل صوب وحدب. وتأتي الذكرى الرابعة للسادس من ابريل لهذا العام، وسط متغيرات سياسية تكاد تكون هي الاكبر منذ سقوط المخلوع البشير. وفي وقت تعكف فيه قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي على المضي بالعملية السياسية الجارية الآن إلى آخر أشواطها الهادفة لاسترداد التحول المدني الديمقراطي وإخراج المؤسسة العسكرية من السياسة، إلا أنه وفي الاثناء تتراص صفوف أعداء الثورة والتغيير والتحول المدني من عسكريين وسياسيين وحركات مسلحة وإدارات أهلية، لقطع الطريق على أية اتفاق سياسي ينهي الانقلاب العسكري الذي يقوده البرهان، ومن ثم يسترد المسار المدني الديمقراطي. وفي غضون ذلك تواصل لجان المقاومة رفضها للانقلاب ولأية مشروع تسوية سياسية مع قياداته، وتنخرط في حراكها الثوري رغم فداحة القمع والبطش الذي اعتادت عليه قوات الانقلاب الأمنية في مواجهة مواكب لجان المقاومة.
وفي مثل هكذا ظروف، أعلنت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم، عن مليونية 6 أبريل، والتي تتوجه إلى شارع المطار بالخرطوم، والتي ستحمل اسم “سلطة الشعب” وقالت في بيان إنها ليست جزءاً من أي تسوية تتم ولن نتوقف حتى نرى أعناق هؤلاء القتلة على حبال المشانق، وأكدت موقفها الثابت بأنه لا مجال للإفلات من العقاب ولا حصانة للقتلة في السودان.
يحدث هذا في وقت اعلنت الادارة الأهلية بالخرطوم بقيادة المك عجيب إغلاق شامل للعاصمة الخرطوم، إحتجاجاً على العملية السياسية ومساندة للجيش، إلا أن أخبار عديدة اشارت الى أن المك عجيب اصيب بوعكة صحية ألزمته الفراش الابيض بمستشفى علياء، الأمر الذي جعل القلق يدّب في نفوس عدد من قيادات الادارات الاهلية باعتبار أن المك يمسك بمفاصل عملية الاغلاق.
من جانبها، بدأت الحرية والتغيير المجلس المركزي تعيد التفكير في تلكؤ قيادة الجيش في التوقيع النهائي على الاتفاق الاطاري والذي كان مقررا له اليوم السادس من أبريل، حيث لوحّ حزب الأمة القومي بتطوير خيارات تصعيدية بديلة لم يكشف عنها حال عرقلة وتعثر العملية السياسية من قبل الفلول،
وبحسب بيان صادر عن الحزب تلقت (الجريدة) نسخة منه عقب اجتماع ضم قيادات الحرية والتغيير لتقييم الوضع السياسي أوضح أن ادخال الادارات الأهلية في مخططات عرقلة التحول المدني الديموقراطي سيضّر بالدور المستقبلي للإدارات الأهلية.
أما من جانب قوى الثورة الحية التي تقودها ميدانيا لجان المقاومة، فقد كثفت من انشطتها الدعائية والتعبوية لإنجاح حراك اليوم السادس من أبريل، والذي تتمسك عبره قطاعات عريضة من جماهير الشعب السوداني برفض الانقلاب ورفض التسوية معه،
وينظر أنصار هذا التيار الثوري للانقلاب بحسبان أنه ساهم في قطع الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي وحاول جاهدا هو وحلفائه تصفية الثورة وغاياتها وشعاراتها، فضلا عن ادخاله للبلاد في نفق مظلم من العزلة الدولية والانهيار الاقتصادي والفوضى وانعدام الأمن والاطمئنان، هذا بجانب أن الانقلاب تورط في سفك دماء عزيزة من أبناء وبنات شعب السودان ليس لسبب غير ممارسة حقهم الدستوري في التعبير السلمي عن رفض الانقلاب.
ورصدت “الجريدة” حماسا عاليا يتجلى في صفحات لجان المقاومة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أكدت غالبية اللجان على عزمها الخروج اليوم لإرسال رسالة قوية في بريد المجتمع الدولي والقوى المدنية الموقعة على الاتفاق الاطاري، بأن قوى الثورة الحية لا تريد غير إسقاط الانقلاب وأن لا مستقبل للدولة السودانية في ظل وجود هذا الانقلاب الذي قطع الطريق أمام فرص العدالة وقيام دولة القانون وتصحيح مسار السودان للعودة إلى الأسرة الدولية والى دوره الرائد في المنطقة العربية والأفريقية، كأحد الدول المرشحة لأن تكون صمام للأمن الغذائي العالمي، وأحد التجارب الدولية المهمة في مسيرة الانتقال السلس من قبضة الدكتاوريات الشمولية إلى رحاب التحول المدني الديمقراطي.
الجريدة