المائدة الرمضانية.. لمة الإفطار الثوابت والثواب في رمضان

الخرطوم: علي وقيع الله
يعرف السودانيون في جمع أرجاء البلاد باجتهادهم وحرصهم الشديد، للخروج بالإفطار والمشروبات البلدية إلى مكان تجمع السكان بحسب الأحياء السكنية المختلفة، يشكل كل ذلك ملمحاً للكرم والجود تجسده لمة رمضان طالما أنها أصبحت واحدة من الثوابت في شهر رمضان، ولكن مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها المواطن برز حجم الموائد في لمة رمضان يكبر بشكل كبير، فهذا ما يجعل المارة من الذين تأخروا عن الوصول قبيل مواعيد الإفطار يحللون صيامهم عند أقرب نقطة تجمع “لمة رمضان”.
يقول المواطن محمد حمد إنه بالرغم من التأثير القوي للأزمة الاقتصادية على كافة مناحي الحياة بالبلاد، إلا أن الكثير من السودانيين يتمسكون بعادة الإفطار الجماعي مع الجيران في الأحياء حتى وإن استدعى الأمر المشاركة بالقليل من الإفطار، وأضاف.. هذه عادة قديمة جداً ظلت تتوارثها الأجيال لعقود طويلة من الزمن؛ لذلك من الصعب التخلي عنها مهما كانت حدة الأزمة الاقتصادية، وأشار إلى أن هناك الكثيرين يحافظون على هذه العادة؛ لكنهم يضطرون إلى الضغط على النفقات الأخرى لأن من يتخلف عن مشاركة إفطار اللمة الرمضانية تكون لديه أسباب وموانع.
في ظل الارتفاع الكبير لأسعار السلع الأساسية، يجد كثير من السودانيين صعوبة في شراء المستلزمات الرمضانية، ورغم الكساد الكبير الذي يضرب الأسواق حالياً والذي أدى إلى خروج الكثير من التجار، إلا أن أسعار اللحوم والسكر والدقيق والفاكهة والزيوت ما زالت ثابتة دون أي تصاعد يذكر، وبحسب التاجر، هاشم بابكر الذي يعمل بجنوب الخرطوم، الذي قال إن الأسعار رقم تصاعدها في الفترة الماضية إلا أنها باتت على ثبات ملحوظ بالنسبة للأسعار، وقال إن الطلب في نهار رمضان منخفض مقارنة بالفترة المسائية، مشيراً إلى أن هناك من يعمل على جلب السلع الاستهلاكية من المصانع أو مناطق الإنتاج مباشرة لتوزيعها على السكان بأسعار التكلفة فقط، وأعتقد أن هذا ما أضعف حركة التجارة بالأسواق، رغم أن البعض يرى أنها تحصرهم في سلع محددة ولا توفر لهم حرية الاختيار التي يجدونه في الأسواق.
وتبدو النزعة للحفاظ على عادة اللمة الرمضانية بتطبيق شعار” الجود بالموجود” هي الغالبة لدى معظم السودانيين، فقد استسلم البعض وآثر الانزواء في بيته والاكتفاء بتناول الإفطار مع أفراد أسرته في ظل ارتفاع تكلفة الطعام اللازم لإخراجه للمة الشارع، إلى ذلك يقول حسن محمود، وهو موظف في إحدى المؤسسات الحكومية إنه والكثير من زملائه تخلوا عن عادة الخروج بطعام إفطار رمضان إلى الشارع لأن ذلك يتطلب تكلفة عالية جدا لم يعد الموظف العادي قادراً عليها في ظل التآكل المستمر للقوة الشرائية للعملة المحلية، وعدم مجاراة الرواتب القفزة الكبيرة التي تشهدها الأسعار في الأسواق.
ورغم مظنة كثير من السودانيين بأن الوضع الاقتصادي الحالي يستوجب التنازل عن العديد من العادات الاجتماعية الراسخة التي تميز الشعب السوداني، لكن سرعان ما ينعكس ميله التاريخي نحو التكافل والتعاون خصوصاً في شهر رمضان، لكنهم يأملون في أن تتحسن الظروف الاقتصادية في الأعوام المقبلة ويعود للمة الشارع نكهتها الاجتماعية المألوفة والتزاحم المعروف.
اليوم التالي