معركة الشراكة والمساواة..

إلهام الضُّمَري
في ندوة الأمس التي أقامتها خيمة الصحفيين بمقر الدرسات السودانية بالخرطوم، استضافة منصتها عدد من القياديات ورائدات العمل النسوي والسياسي والحزبي، الجدير بالذكر واللافت لأنظار جميع الموجودين وكانوا كُثر، أن المنصة والتي أدارها الصحفي شوقي عبد العظيم، كانت ترتكز نقاشاتها حول هؤلاء الخمسة نساء من أين جئن ومن أي البيوت انحدرن وكيف تدرجن في تعليمهن إلى أن وصلن إلى منابر ومنافذ العمل العام والسياسي.
كلما هتف هاتفٌ في حقوق المرأة نجد نماذجاً معينة تظهر في المؤتمرات والاجتماعات، هل تمثل هؤلاء النسوة كافة نساء السودان وتمثلهن خير تمثيل في فتح القضايا المسكوت عنها، هل تفاصيلهن الشخصية والأسرية اللاتي انحدرن منها تجعلهن صاحبات القرار والكلمة في حق السودانيات ككل!؟.
هذه من أصل كذا، وتلك والدها كان قائداً في كذا، وهذه رائدة في كذا وغيرها وغيرها، والغريب في الأمر أنهن يتحدثن بانفعال تام في الحق النسوي وأنها ليلة تطالب وتفتح نقاشات واسعة في تمثيل المرأة في جوانب العمل العام والسياسي، ونسِين أنهن وأُخريات فقط من يعلو اسمهن في المنابر عندما تأتي طائفة تتحدث عن الحقوق النسوية فلا نجد غير هذه وتلك ممن يعرفهن المجتمع.
ما لفتني ولفت انتباه الجميع والجميل في تلك الندوة، أن المداخلات والأسئلة التي طُرحت عقب الندوة كانت ذات طابع قوي ولفتت نظر المنصة إلى أن الحوار كان ظالماً في كثير من الأمور الخاصة بالمرأة.
لا تأتي وتتحدثي عن مناصفة أو حتى الـ 40% التي كانت في حكومة حمدوك وأنتِ لم تشغلي منصب يصُب اهتمامه في قضايا النساء.
تنادين بحق المرأة وأنتِ لا تمثلين المرأة!!.
لا أريد القول أن المرأة عدوة المرأة في هذا الشأن، ولكنكِ حينما تشغلين منصباً أو تديرين كياناً لابد من تذكير نفسك بأنك هنا في هذا المكان لحل ومعالجة الموضوعات النسائية من جذورها مثلما تعالجين المشاكل الأخرى، فنحن لا نرغب في مضاداة الرجل بل بالعكس حتى الرجال وإن شغلوا مناصباً يمكنهم إدارة ملفات نسوية ومعالجتها.
فعندما تأتي سيدة تطالب بحقها مقارنة بالرجل، لابد وأن تنتبهي إلى “الحق النسوي” في ذاتك، أي بمعنى جعل قضاياهن نصب عينيكِ، بل وعليكِ مساعدة مثيلاتك في التعلم والإدراك التام لعمل المرأة وكيفية إيصالهن للطريق الذي يجعلهن قائدات قادرات على شغل مناصب وإدارة مهام مثلها مثلك سيدتي.
أردت المداخلة وطرح سؤال، لكن لضيق الوقت والمشاركات الواسعة من الحاضرات، اكتفيت بالإنصات قبيل الإنصراف، لكن تعليقي فيما جاء في الندوة، إذا تحدثنا عن الـ 40% في حكومة #حمدوك، أين الوزيرات آنذاك من نساء دارفور اللاتي ينهكن أجسادهن النحيلة في الزراعة وفي “دق الطوب” وعمل الكمائن والبناء وغيرها وغيرها!؟
أين تيسير النوراني من هؤلاء الدارفوريات ومن قضايا النوع التي تقع في مناطق النزاعات والعنف المنزلي والحروب والاغتصاب وختان الإناث… الخ
أين عبلة كرار من قضايا التعليم والعمل والقرار الخاص بالمرأة في شرق #السودان وأنتِ امرأة تنحدرين من تلك المناطق التي ترى من العيب أموراً كثيرة محرمة على نساء الشرق!!؟
أين إحسان فقيري من “لا لقهر النساء” في المدارس والجامعات وبيئة العمل والنزاعات القبلية في الولايات، أم أن القهر فقط يقع على نساء المركز!!؟
أين نوال خضر في عهد الترابي الذي تعلمتي على يده عندما كان لا صوت يعلو على صوت الإنقاذ آنذاك تُضرب وتُهان النساء وتُسجن لا شأن لها ولا منصب ولا حق لها في صنع القرار، عندما ذهبتي لإحدى مناطق دارفور ووجدتي النساء في حقول الزراعة وكمائن الطوب وآبار المياه، لماذا لم تتحدثي وقتها عن هذا العمل الشاق الذي ينتهك صحتهن، أين المرأة في فترة الترابي وأين حقها في التعليم والصحة والعمل والحياة حتى!!؟
أين مريم الصادق وزيرة الخارجية السابقة من رائدات العمل الداخلي والخارجي، ومن صقل القدرات النسائية وإعطاءها الجرعات القيادية وتمليكها مفاتيح العمل السياسي والعام بشكل واسع، وأنتِ التي ذكرتي أنه وبعد عشرين عاماً لابد من هذه المناصفة في السياسات، هل طرحتي مبادرات ونماذج لتمكين المرأة وتوسيع قدراتها لتتمكن من إدارة مناصب قيادية وسياسية ورئاسية مستقبلاً!!؟
السودان والسودانيات يحتجن لإعطائهن فرصاً حتى لا نضطر في كل منبر أن نأتي بنماذج لسيدات معروفات لا غيرهن، وقد بدأت بالفعل بشائر ذلك عندما ترأست الدكتورة هبة عمر منصب رئيس اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان.
أين بقية النسوة من الكوادر العلمية والأكاديمية في العمل العام؟؟؟