تبا لَكم !!

علي بلدو
كثيرا ما توقفت ، في مراحل الدراسة الباكرة ، عند سيرة الصحابي الجليلٌ ابو ذر الغفاري رضي الله عنه باعتباره ممن اثاروا بعض الحراك في مجتمع المدينة ذاك’ ولعله بوقوفه الي جانب الفقراء والمستضعفين والمحتاجين قد اثار لغطا كثيفا مثل الذي يثار الان حول ذات الموضوع.
ويخالجني الشعور وتنتابني الهواجس ، منذ ذلك الحين واحيانا ، الي الان انه رضي الله عنه قد سبق زمنه واستشرف زمانا حديدا ومجتمعا سيأتي به كل الخير الذي امن بنبيه صلي الله عليه وسلم .
وذلك الشعور هو ان ابا ذر اول من دعا الي الا شتراكية الحقة في تلك الصحاري ’ ونادى بالحرية والعدالة بين الفقراء والاغنياء على حد سواء’ بل لعلي لا امضي بعيدا ان قلت ان الغفاري كان في واقع الامر ومقتضى الحال (بروليتاري) ان جاز التعبير ’ على الرغم من عدم وجود ما يمنع ان يكون جائزاً خصوصاً وانه طبق ذلك على نفسه اولا وانفق كل ماله للفقراء لدرجة ان قوما زاروه في منزله المتواضع على اطراف المدينة ولم يجدوا فيه اثاثا او رياشا ’ فقالوا له (نحسبك يا ابا ذر مرتحلاً) وهم لا يعلمون ان هذه حالته منذ ان اسلم (الاسلام الجد جد) وليس اسلام تجارة الدين وفقهاء السلطان وحاشية الوالي الفاسدة ’ وليس اسلام البزنس والربا والصفقات المشبوهة ’ وبالطبع ليس كاسلام القطط السمان جدا والتحلل وفقه السترة وغيرها من افتراءات الذين تاجروا بكل مقدس ، وتجد احدهم يرفع صوته المنكر بالكواريك والبكاء المصطنع علي المنابر ومطعمه خرام ومشربه حرام ، فاني يستجاب له.
وادي ذلك ان ضاقت علينا الارض بما رحبت ففصلنا نصف وطننا’ واصبحنا بعد ذلك من النادمين والمفلسين ايضاً.
كما تقاذفتني الواردات ، بين الفينة والاخري ، حول من قال (عجبت لمن لا يجد قوت يومه’ لم لا يخرج على الناس شاهرا سيفه) ’ وهل لو كان بيننا الان سيتهم بانه شيوعي او خائن او عميل ؟؟ .
وهل تعتبر دعوته تلك دعوة للتخريب و(حرق) ممتلكات من (حرقوا) افئدة الاباء والامهات منذ سنوات خلون ولا يزالون؟؟ لدرجة ان اصبح في كل بيت سوداني ام ووالدة مكلومة على ابنها المهاجر والمغترب والنازح والمريض والمصاب والمفقود والمحبوس والقتيل ايضا , واصبح في بلادنا الجريحة خنساوات كثر ينشدن كلهن:
قذي بعينيك ام بالعين عوار’ ام ذرفت ان قد خلت ما اهلها الدار
تبكي خناس على صخر وحق لها اذ رابها الدهر ان الدهر ضرارٌ
هي الاقدار في تصريفها دولُ وواردُ ماء ما في شربه عارُ
هل ستتعجب يا ابا ذر ممن اكتنزوا و نهبوا وسرقوا الاموال والذهب والفضة وبنوا بها القصور الشامخات والحسابات البنكية الحنيذة واقتنوا الفارهات هنا وهناك؟
هل ستحمل يا اباذر سيفك وسط طوابير الخبز والوقود والجازولين والصرافات والبنوك’ ام سيتم رفع امرك الي صاحب الشرطة وقائد عسس الوالي المكرم وينفوك او يسجنوك كما حدث لك وانت تقضي ايام نفيك في الربذة؟؟ ’ عندما حدث لك ذلك سابقا.
ام انك ستحمد الله بكرة وعشيا انك لم تكن معنا في ايام السؤ النحسات هذه والتي ابتلانا الله بها كسنين حسوما وصرصرا عاتيه ’ لترى الناس جوعي وصرعي ’ بعقول مريضة وبطون خاويه؟
علي انه من الغريب وبعد قرون من ذاك الزمان’ اتى في فرنسا قبيل الثورة الجامحة’ رجل فقير معدم وبائس يسمى (جان فالجان) بقصته الشهيرة وكون ان جوعه دفعه لكسر فترينة وسرقة الخبز لاكله مختلطا بدماء جرحه النازف’ وليزج بعدها في سجن الباستيل الشهير ولمدة عشرين عاما لهذه (العيشة الواحدة)؟ ، كما في رواية فيكتور هوجو الشهيرة.
ولعل جان فالجان سيتعجب ان راى الان من يسرقون السكر لمدة عشرين عاما ويتم حبسهم لايام ويطلق سراحهم ليواصلوا السرقة مرة اخرى’ واخرين يضاربون في الدولار والدواء والجازولين ويدفعون تسويات ومتاخرات ’ دراهم معددوات ويعودوا لسابق عهدهم لسرقة اللقمة من افواه الايتام والارامل والجرعة من افواه المرضى ونقطة البنزين والجاز من الزراع والصناع؟
وممن يقيمون الورش ، واللجان الوهمية والتي لا تقدم اي جدبد ، لينالوا من خلفها الاوطار والاسفار والدولار ايضا من تجار الثورات وادعياء النضال والكفاح المزيف وخداع الشعب بالشعارات والهتافات مدفوعة الاجر .
وكاني بجان فالجان يذهب لاحد المخابز وهو جائع لكسر وسرقة الخبز ، فلا يجد خبزا من اساسهو’ ولا يجد سوى تغريدات وصدمات كبير القوم المزعومة والذي(فات الكبار والقدرو) في كثرة الكلام والتصريحات والتنظيرات والاحلام الجوفاء و(المخستكة) والتي لا تسمن من جوع ولا تقي من برد.
عذرا يا جان فالجان لاننا لم نطعمك , ولكن انتظرنا فنحن في الصف ’ وبعدها يمكنك سرقة الخبز وبعدها عليك بلانتظار ايضا في صف الوقود حتى يتم ترحيلك الي الباستيل والذي لدينا منه الكثير وعلى (قفا من يشيل)’ وانت في طريقك للحبس ستشاهد (ماري انطوانيت السودانية) والتي ويا للعجب لدينا اكثر من واحدة في كل وزارة و هيئة ومجلس وجمعية خيرية’ وياكلون الناس واموال الدولة بدلا عن الجاتوة.
والحق ما اقول لكم ’ يا ليت حظنا كان مثل ابي ذر وفالجان’ فانما نحن البؤساء حقا’ ولكن يبقى السؤال : الي متي يستمر بؤسنا؟ .
البشير أثناء استجوابه، قال: إنَّه تلقى مبلغ 25 مليون دولار من بن سلمان، “عبْر اتصال دار بين مدير مكتبه ومدير مكتبي، حاتم حسن بخيت”، وذلك عبر “طائرة خاصة”.
وفي توقيت تلقي الأموال غير المعلن، لم يكن لديه سوى خيارين، “إما أن نرفض المبلغ، أو التصرف فيه بصورة شخصية، ولم نستطع رفضه لأنَّه يسبب إحراجًا للسعودية”.
وتابع في كشف تفاصيل إخفاء الأموال: “لم نودعها لدى بنك السودان أو وزارة المالية، لأنَّ الأمير (محمد بن سلمان) لا يريد لاسمه أن يظهر، (وإذا أردنا) إيداعها في بنك السودان أو وزارة المالية علينا تحديد مصدرها”.
وبقيت هذه الأموال داخل قصره، وبدأ بصرفها “على المصلحة العامة في التبرعات والهبات”، كما استفادت منها جهات محددة أبرزها قوات الدعم السريع، وفق ما ذكر البشير في اعترافه الذي قال: إنَّه مدعوم بوثائق.
دفعتان أخريان من الأموال اعترف بحصوله عليها من الملك عبد الله بن عبد العزيز، العاهل السعودي الذي تُوفي في عام 2015، إذ وصله مبلغان مجموعهما 65 مليون دولار، دون الحديث عن تاريخ محدد.
اظنك نسيت ان تقول انه رشى منها اللص الهارب عبدالحي يوسف خمسة مليون دولار ثمنا لفتوى قتل ثلث الشعب
وهل سمعت يا هداك الله وحتى يومنا هذه شركة مهمة جدا وهي حكومية تشتري السيارات والأراضي لبعض موظفيها على أن يسددوا من رواتبهم كيفما أتفق. حتى لو افترضنا أن الموظف حيسدد خلال شهرين فهل من مهام أي شركة في العالم سواء ان كانت عامة أو خاصة تشتري الأراضي والسيارات لموظفيها. ثم أسأل يا هداك الله كم قيمة سيارة المدير العام لهذه الشركة 000ر250ر74 نعم سبعة وأربعين مليات ومائتين وخمسين مليون وتسألني لماذا أقول لك لأنه إذا شالوه أو شالوها أو إذا أستقال وهذا مستحيل أو تقاعد وهذا شبه مستحيل أيضا ينزل/تنزل بنفس السيارة لا يدفع ولا جنيه واحد. نفس الجماعة قاعدين حتى الآن. إذا حكيت لك عن هذه الشركة سوف تصاب بالدوار والهذيا وقد تنتحر. وما تقول لي إن شاء الله لجنة التفكيك سوف تفكك هذه الشكة العكس اللجنة السابقة مكنت بعض الموظفين لأنهم يتبعون لحزب الأمة. ده السودان وما في شيء ح يتغير سبحان الله لقد ظللت أكرر نفس هذا الكلام منذ عشرات السنين وبالرغممن أن الناس أيام الثورة كانت متفاءلة إلا أنني لم أغير وجهة نظري زمهما تغير الحكومات سوف يبقى الفساد المقنن. تقلي ليه لأننا جميعا مرضى مصابيت بأمراض نفسية معقدة للغاية لم تجدها في اي شعب آخر وأنا صراحة أعتقد هذا يعود لضعف ثقافتنا مهمة كثر المنظراتية في هذه النقطة ليس لدينا تراث من الفيم نتمسك بك ولكنن ندعي ذلك.
اظنك نسيت ان تقول انه رشى منها اللص الهارب عبدالحي يوسف خمسة مليون دولار ثمنا لفتوى قتل ثلث الشعب
ما أروع ماتكتب
أنت تعبر بصدق عن حالنا الحقيقي
رحم الله أبا ذر القاري..انتهز هذه الفرصة للفت النظر للضعف الأخلاقي والوازع الديني لدى غالبية أهل السودان وليس الكيزان فقط ذلك أن تدينهم يغلب عليه الجانب الشعائري دون اهتمام بالجانب الأخلاقي في المعاملات وقد قال الأديب الروسي تولستوي والذي وهب كل أمواله للفقراء والمساكين قال لا تحدثني كثيرا عن الدين ولكن دعني أرى الدين في أفعالك.
مقال جميل, بارك الله في الكاتب و نفعنا بعلمه.
رغم الاهمية القصوي لكل العبادات الفردية من صلاة و صيام و قيام ليل , الا أن القرآن يوضح لنا بجلاء أهمية التصدق و الانفاق علي المساكين , و هي عبادة أجتماعية اخلاقية, بقوله تعالى : ( وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ) . أي أن التحسر في لحظة الحقيقة المطلقة , لحظة الموت , لن يكون من عدم صلاة النوافل أو صيام التطوع ولكن سيكون من عدم الانفاق .
حتي الصلاة (أهم عبادة شعائرية في الاسلام) , وهي معراجنا ووسيلة حديثنا مع الله , من بعض أهدافها تجويد الجانب الاخلاقي وذلك بنص الاية الكريمة : “اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ” . والحديث الشريف من رواية عمران ، وابن عباس مرفوعا : ” من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، لم تزده من الله إلا بعدا ” .
ماذا يفيد الضحية لو كان جلاده أو مغتصبه حافظ القرآن أو يصوم النهار و يقوم الليل ؟ هل هنالك أي “بَرَكَة” كما يقول أهلنا في تدين الجلاد الشعائري لو لم ينعكس القرآن الذي حفظه علي أخلاقه ؟ اليس في مثل هذا يقول الله {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ؟
لاول مرة يعجبني مقال لك يادكتور ،،،،،
لقد اصبت كبد الحقيقة ،، الظاهر دي بركات رمضان،،،،