مقالات وآراء

الثورة مستمرة .. فاليستمر الرقص حتى تمطر

اسماعيل حسن

الذين يعيشون في سهول الولايات المتحدة الأمريكية ، عندما ضرب الجفاف ارضهم لفترات طويلة ، فعانوا الامرين، شح في المياه و قلة في الطعام ، صورة اشبه بتداعيات ما حدث في السودان في الثمانينيات ، فيما عرف بكارثة الجفاف و التصحر ؛
‎ فنمت اسطورة ان القبيلة التي ترقص ستمطر لها السماء ، فرقصوا ولكن ابت السماء الاستجابة ، رغم محاولاتهم المتعددة ، ثم سمعوا عن قبيلة في مكان قصي تمطر عليهم عندما يرقصون ، فذهبوا  وتوسلوا زعيم القبيلة
‎.. أيها القائد العظيم
‎ لقد رقصنا ورقصنا لنجعلها تمطر ، ولكن بلا جدوي نحتاج إلى مساعدتك كيف تجعلونها تمطر؟
‎ما هو سركم؟
‎لا يوجد سر ، أوضح الزعيم ، “طريقتنا بسيطة – نرقص ‎”
و ‎”نحافظ على الرقص حتى تمطر” .

‎العبرة ، النجاح والاستسلام كالحمل والذئب ، لا يتآخيان ، اذ لا يوجد نجاح بدون هنات واخفاقات ، تعلم من الاخطاء والاستمرار حتي ادراك الغايات.

‎فالحياة كأكبر لعبة في الوجود، ان جاز التعبير ، فانها كلعبة مفتوحة لها احتمالات غير  محدودة ، للفوز بها يحتاج المرء إلى فهم قواعد وقوانين اللعبة حتي تزداد احتمالات النجاح ، فالذين لا يتعلمون القوانين والمهارات اللازمة ، ويدركون كنهها ، ستكون خياراتهم في الفوز محدودة ومكاسبهم متواضعة وصغيرة للغاية ، انظر من حولك لمن  كانوا اوفر حظًا في التعليم من غيرهم ، ثم انظر للمهارت المكتسبة ، تجدها تختلف باختلاف جودة التعليم ، وستدرك ان من كانت حظوظهم اقل ، تضيق فرص نجاحاتهم وهكذا .. المحاضر التحفيزي واستشاري العمل القيادي  سيمون سينك ، يصف هذا  في عبارته “(عقلية التفكير المحدود في لعبة لا نهائية)” .
‎ وتعزيزا لما قاله سيمون ، انظر للزخم الضخم الذي صاحب ثورة ديسمبر ، حيث كان و ما يزال يحمل احتمالات متعددة لنجاح الثورة اذا ما توحدت قوي الثورة وجموع السودانيين ذوي المصلحة في التغيير ، ولكن التهافت ومحدودية التفكير والمصالح ،  جعلت البعض يهرول لخيارات اكثر محدودية ، فخيار الشارع المجرب له احتمالات اكثر اتساعًا يمكن القول انها خيارات لا نهائية
‎فالسؤال ، ما هي اسباب محدودية التفكير في محيط لا نهائي  من الاحتمالات ، لماذا عدم الصبر لخوض التجربة والتعلم من الاخطاء واستكشاف افاق جديدة في المقاومة ، لتحقيق نصر مؤزر ، لماذا لا نرقص حتي تمطر؟
‎ربما تتلخص الاجابة اجمالا وليس حصرًا في ثلاث :
١- غياب الاحلام الكبيرة ، الدوافع او الاسباب العظيمة.
‎٢- عدم الايمان بالاحتمالات المتاحة بسبب عدم فهم القوانين التي تحكم سيرورة النجاح.
‎٣-  الاجندة الشخصية او الحزبية.

‎ سأتناول في هذا الجزء ، الاحلام الكبيرة”(لماذا؟) ، وساعود للسببين الاخرين في مقالات أخري لاحقة

‎لماذا؟ (The Why)
‎المطلع علي تجارب الشعوب وتاريخ نشأتها، تطورها ونجاحاتها ، او نجاحات  المؤسسات والافراد ، يدرك انه لايوجد إنجاز عظيم في الحياة البشرية على الإطلاق , لم يبدأ بحلم كبير “لماذا” !! لا شيء.
‎فلأكثر من ستين عاما ما زال خطاب الحلم لمارتن لوثر كينق يجلجل كالزلزال ويرسل موجاته القوية الي يومنا هذا ، ارتياد القمر بدأ أيضًا بحلم في خطاب ألقاه رئيس الولايات المتحدة الاسبق جون كيندي ، أقرأ كل قصة نجاح تجدها قد بدأت بحلم كبير ، فلا تدع الآخرين يسخرون منك أو يقوضون أحلامك ؛ بهكذا اوصاف ، عدم واقعية ، خيارات صفرية الخ .. يقول جون سي ماكسويل ، الكاتب المتخصص في العمل القيادي ، “عندما تكون الاسباب او الدوافع قوية لعمل شيء ما ، دائما ما ينتصر الدافع علي كيفية عمل الشيء المرتجي”، نهاية الاقتباس .. الدافع  وليس الكيفية هي المفتاح ، لذلك ، وجوب اسقاط اللجنة الامنية اهم من كيفية اسقاطهم ، وكما يقول المثل ، اذا عرف السبب ، بطل العجب

‎لربما السؤال الصعب لكل شخص هو , هل لديك احلام؟، هل هي كبيرة ، اكبر من ذاتك؟ ام صغيرة؟
‎ ان كبر او صغر الحلم ، تحدده نظرتك لذاتك واستحقاقاتها الحياتية ، وهذا موضوع لا يتسع له المقال ، سيتم تناوله في مقال اخر ، لكن المهم ان “كل الأحلام يمكن أن تتحقق ، إذا كانت لدينا الشجاعة للاستمرارية والمثابرة لتحقيقها” – كما يقول والت ديزني؛ مؤسس ديزنيلاند ، حيث تعرض للسخرية والضحك عندما أعلن عن نيته بناء مدينة ملاهي ضخمة تجذب البشر من اصقاع الدنيا المختلفة ، فسخروا منه ، فوقف كالطود صرح  ديزني الشامخ ، تؤمه البشرية من كل حدب وصوب ، فمن هم
‎بل أين هم ، من سخروا منه؟

‎الاحلام لا تحسب بمعيار الربح و الخسارة ، بل بعمق وصلابة وجودة الحلم ، فأي امة معيار نجاحها يقاس بجودة ابنائها وجودة ابنائها تقاس بجودة احلامهم , احلم
… يقول نلسون مانديلا “it always seems impossible, until it’s done”
‎هنالك اشياء تبدوا مستحيلة ، حتي يتمكن احد من انجازها”، نهاة الاقتباس , يتضح هذا جليًا في سيرة العداء البريطاني ، روجر بانستر ، فعند اعلان نيته قطع الميل عدوا تحت الاربع دقائق ، جميع من يصنفون كخبراء واستراتيجيين، ادلوا باستحالة العدو بتلك السرعة ، دون ان تتهتك اعضاء الانسان ، لكن دافع روجر (لماذا)، كانت اقوي، وبدء برنامج تدريبه ، دون اكتراث لما يقال ، وفي اليوم المشهود، اخرست كل الألسن ، عندما حطم روجر وهم الكلام المغتغت وفاضي ، فقطع الميل في اقل من اربع دقائق و لم يصب بشيء ، الطريف ، بعد نجاح روجر بانستر ، آلاف من العدائين استطاعوا عدو الميل في اقل من ٤ دقائق ، بعد ان ازاح روجر عقلية الغطاء من اذهان الرياضيين ، وهكذا يريد البعض من  ضحايا عقلية الغطاء الركون لليأس والاستسلام وتثبيط همم الشباب ، والركون لخيارات لا تسمن او تغني من جوع ، فعض علي احلامك بالنواجذ وتذكر ما قاله مانديلا اعلاه .

‎إذا كنت تريد التنبؤ بالمستقبل حدده ، واجعله مركز تركيزك واهتمامك ، فالمرء  يصير ، ما يستحوذ جل تركيزه وتفكيره ، ركز على السبب الأكبر فاذا كان السبب هو : الحرية والسلام والعدالة ، وهذا ما يستحوذ تفكيرك وجهدك ، عن قصد اعمل علي تقوية هذا السبب من خلال العمل الدؤوب والمثابرة علي أهدافك .

‎الخطر الأكبر الذي يواجهه كل شخص هو تغيير تفكيره واستقرارها ودا عضم الموضوع ، لانو هذا هو المكان الذي تكمن فيه المعركة ، فالمعركة الأكبر ليست البرهان أو قوات الدعم السريع او الثورة المضادة ، إنها معركة عقولنا ، يجب كسب المعارك الكبيرة أولاً في العقول ، بان نكون دقيقين جدًا بشأن ما نريد ، و ان يكون اي شخص واضحًا بشأن المخاطر التي يريد تحملها ؛ عزز دوافعك باستمرار (حدد السبب ، حدد لماذا) . حدد خطتك لتحقيق أحلامك ؛ اعمل على إيمانك بعدالة قضيتك وبنفسك حيث أن هناك سحرًا حقيقيًا في الإيمان بالنفس وبالقضية ، اعمل يوميًا على حلمك لإبقائه حياً ، وابتعد عن سارقي الأحلام (أولئك الذين دائمًا ما يستصغرون أحلامك ، يضحكون عليها ، يسخرون منها .. إلخ) ، اضبط نفسك ، اتخذ خطوات يومية نحو هدفك ، أي العمل على هدفك ، ولا تدع كيفية انجاز الهدف ان تتجاوز السبب نفسه ، لان السبب اهم من الكيفية، ثم استمر في العمل ، ارسم خططك لتحقيق أحلامك.

‎اذ لا أحد يذهب صعودًا الي أعلي الجبل عن طريق الصدفة عليك أن تتعمد الصعود ، وأن تكون هادفًا ، ولا تدع النوايا الحسنة تقود طريقك او تصمم خططك ، بقدر ما يمكن أن تكون النوايا جيدة ، الا ان النوايا الحسنة مبالغ فيها ، كما يقول – جي سي ماكسويل ، فالطريق الي الجحيم معبد بالنوايا الحسنة
‎اكسر حاجز الخوف فالشجاعة ليست عدم الخوف ، ولكن على الرغم من الخوف ، القيام بما تمليه الفطرة السليمة ، القيام بما تؤمن به على أية حال لأنه الشيء الصحيح الذي يجب القيام به : انظر لاطفالنا واخوتنا في شوارع السودان لتدرك معنى الشجاعة

‎ لا تتهيب التجربة (واذا وصلت إلى مفترق طرق على طول الطريق ، اسلك الطريق الأقل أثرا واترك أثرك فيه) – رالف والدو إيمرسون .

‎ربط عربتك بنجمة ، تحدد معايير نجاحك ، فكلما ارتفعت المعايير ، ازدادت فرص النجاح الذي يمكنك تحقيقه ، لا تثق في عواطفك ، فقد يأتي قرارك في عمل ما من حالة ضعفك ؛ ثق في الحقائق ، في السبب الأكبر والغرض الذي من اجله ثرت .

‎ في الجخانين والخنادق ، يحدث التحول الرئيس والاساسي في القيادة ، ومنها سيظهر قادة حقيقيون اكثر قوة ومنعة ، لسد فجوة القيادة مما يؤدي إلى حتمية تحقيق الأحلام الكبيرة في الحرية والسلام والعدالة .


المراجع :

– Long walk to freedom – Nilsson Mandela
– Today matters &,Leadership- J C. Maxwell
– Start with why – Simon Sinek

– The magic of thinking big – David Schwartz
– notes from other books & Ted talks

‫4 تعليقات

  1. من أجمل المقالات التي قرأتها مؤخرا .. المقال يحمل في طياته طاقة ايجابية و تحفيزية …. و لماذا تحصر نفسك في الاعمدة الرياضية مادام لديك كل هذا الأبداع يا سماعين ود حسن ! .. سأحتفظ بهذا المقال !

    1. العزيز يوسف، شكرًا علي التعليق، انا لا اكتب في الاعمدة الرياضية، بكون تشابه اسماء، الثورة زاتها ما حقتي

    2. العزيز يوسف، شكرًا علي التعليق، انا لا اكتب في الاعمدة الرياضية، بكون تشابه اسماء، الصورة ما صورتي

  2. اي ثوره هذه
    حمتي المجرم و مرتزقة غرب أفريقيا و عرمان المرتزق قادة هذه الثوره بعد ان ضحي أولاد وبنات الجلابه بارواحهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..