مقالات وآراء سياسية

الدعم السريع غاب أبوشنب ولعب أبوضنب

طاهر عمر

إختلاط الحابل بالنابل هو ما يصور للعسكر وأشباههم من دعم سريع ومليشيات حركات مسلحة بأنهم يمكنهم لعب دور السياسي النابه الذي يقف خلفه الفلاسفة وعلماء الاجتماع والاقتصاديين والمؤرخيين غير التقليديين كما هو سائد في المجتمعات الحية وقد خرجت من إختناقاتها الاقتصادية والاجتماعية بفضل مفكريين كانوا مستشرفيين لمستقبل الشعوب بفكر رسى على فكرة الشرط الانساني وتقديسها لفكرة الحق في الحقوق.
عبر فكرهم قد أستطاعوا تفسير ظاهرة المجتمع البشري وعرفوا كيف يحافظون على صيرورة العلاقة وفقا لعلم اجتماع قد أصبح بعد معرفي في صميم ديالكتيك يفسر مسيرة انسانية تراجيدية ومأساوية بلا قصد ولا معنى الغاية فيها صيانة حقوق الفرد لأنه ينشد قيمة القيم وهي الحرية التي لم تعرف مكانها في دفاتر الجيش والدعم السريع وحركات مسلحة يقودها تجار بدماء أهلهم وقد رأينا كيف وصل بهم الحال الى الإرتزاق وبه قد أصبحوا خاليي الوفاض من أي بعد أخلاقي يشفع لهم بأن لهم قضية.
لسؤ حظ الشعب السوداني قد وجد نفسه جزء من عالم عربي وإسلامي تقليدي الفكاك من ثقافته التقليدية مسألة صعبة للغاية بحكم أنها ثقافة تريد أن تقف خارج التاريخ بل تفرض نفسها كحكم على التاريخ. هذه الثقافة العربية الاسلامية التقليدية اليوم تقف كأكبر مقاوم لفكر الحداثة وعقل الأنوار والنتيجة فشل ينتج دول فاشلة في يمن الحوثي ولبنان الطائفية وسوريا الأسد وها هو العراق بالكاد يخرق رأسه من الغرق ويحاول التنفس بصعوبة منذ عقدين قد أعقبت سقوط نظام صدام حسين.
مصر تحت حكم السيسي الذي يريد أن يؤسس لحكم تسلطي في مصر تخشى أن يشب السودان عن طوق الجهل ويبدأ لتأسيس نظام ديمقراطي لذلك يحاول السيسي جهد ايمانه أن يطفي نور التحول الديمقراطي في السودان وما درى بأنه يجافي فلسفة ديفيد هيوم التي تؤسس لفكر يؤكد بأن قوة دول الجوار تنعكس ظلالها على إزدهار دولتك . أي أن إستقرار النظام السياسي في السودان و إزدهاره الاقتصادي سوف سينعكس على مصر ويومها ستبدأ مصر مسيرة الخروج من نظم الحكم التسلطية وخنوع الشعب المصري عبر التاريخ للدكتاتوريات التي عشعشت على عروش مصر.
ولكن نخب مصر المتحلقة حول السيسي تعيد تاريخ العالم العربي والاسلامي التقليدي وإنبهار النخب المصرية مهما إرتفع نوع تعليمها بدكتاتور عسكري كالسيسي ويساعدونه على تأسيس نظام حكم تسلطي وكله نتاج رسوخ ثقافة سلطة الأب وميراث التسلط.
وهي كفيلة أي سلطة الاب وميراث التسلط بأن تجعل من مفكري مصر خاتم ملبوس في يد عسكري يسير بهم بإتجاه حكم تسلطي عسكري كما يفعل السيسي وهو عاجز أن يكون عقلاني ييقن من مسألة التحول الديمقراطي وهيهات لأن السيسي نفسه كعسكري مصري يلعب دور نابليون في قطع مسيرة ثورة الربيع المصري كما قطع نابليون مسيرة الثورة الفرنسية.
ودور السيسي كعسكري مصر يمثل نكسة تحول ديمقراطي في مصر كفيل بأن ينبه النخب السودانية بأن تعي أن دورها وجهدها الفكري ينبغي أن يكون مضاعف في كيفية تفادي ما حصل من إنتكاسة لثورة مصر على يد السيسي كعسكري مصري يساعده خنوع الشعب المصري في أن يلعب دور المعرقل لعبور الشعب المصري الى حيز التحول الديمقراطي.
وخاصة أن الشعب السوداني في علاقة عكسية مع الشعب المصري كما يحدثنا تاريخ الشعب السوداني في ثوراته ضد العسكر ومحاولته تأسيس نظم حكم ديمقراطية وهاهي ثورة ديسمبر تشهد على نضج روح الشعب السوداني الذي ينشد التحول الديمقراطي عكس الشعب المصري وقد إستكان لأحلام السيسي وهو يجتهد في ترسيخ نظام تسلطي.
في نفس الوقت نجد أن النخب السودانية تشبه النخب المصرية في أنها ترزح تحت نير سلطة الأب و ميراث التسلط لذلك عجزت هي أيضا أن تبلغ مستوى العقلانية شأنها شأن النخب المصرية لهذا قلنا في أعلى المقال أن من سؤ حظ النخب السودانية أنها جزء من ثقافة عربية اسلامية تقليدية قد مرّ قرن و يزيد على تاريخ نهضتها وهي تصر على فكر وحل الفكر الديني ولا تعرف سبيل الى فكرة القطيعة مع التراث.
لهذا السبب غاب مجئ الشخصيات التاريخية التي تقهر تاريخ الخوف وتعرف تاريخ الذهنيات وعبره تحدد نقطة مفارقة تاريخ الحضارة العربية الاسلامية التقليدية التي لا تريد حضور أعراس الحداثة ولذلك غاب المفكر وفي غيابه قد لعب أبو ضنب مجسد في دور الجيش والدعم السريع في عرقلة التحول الديمقراطي في حضور نخب عاجزة عن إعمال العقل المفارق لفكر لنخب سودانية ترزح تحت عقل لا ينتج غير فكر تقليدي.
النخب السودان العاجزة اليوم هي وريثة لنخب سودانية سطع نجمها في أواخر الستينيات من القرن المنصرم وبداية السبعينيات وكان حينها سيطرة فكر الاستاذ الشيوعي وفكر المرشد لأتباع الحركة الاسلامية السودانية لهذا نقول للقارئ الحصيف أن نخب اليوم هم ورثة نخب أواخر الستينيات حيث كان يسود نجم الأستاذ الشيوعي ومرشد الحركة الاسلامية وامام الطائفية بفكر لا يكتشف بأن هناك ثورة خفية عبرها قد إتضح أن هناك تحول هائل في المفاهيم فتح الفضاء العام قد إزداد وعيه بقيم الجمهورية.
هذه الثورة الخفية نجدها في أوروبا قد بدأت مع نهاية ديناميكية الكينزية وللأسف لم يستطع العالم العربي والاسلامي رؤية أشعتها فاذا بالعالم يوسّع ماعون الحرية في ربوع شعوبه الحية وعكسه نجد العالم العربي والاسلامي التقليدي ينكفي على خصوصية قد دفنته في فكر الصحوة الاسلامية لتأكل نصف قرن من الزمن وبعدها يصحى العالم العربي والاسلامي التقليدي في حيرة ما بعد نهاية فكر الصحوة الاسلامية متخبط لا يعرف سبيل للخروج من ظلماته وكوابيسه تسوقه نخب سودانية تقليدية لم تعرف سبيل الى عمل هادف وواعي يقود الى تغيير يفضي للتحول الديمقراطي.
عليه نقول للنخب السودانية حالكم اليوم كحال أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر أي لحظة نهاية الليبرالية التقليدية وقد أحتاجت أوروبا لكي تتجاوزها لنصف قرن مثله كنصف قرن نخب العالم العربي والاسلامي في وهم فكر الصحوة الاسلامية وقد وجدت أوروبا نفسها على أبواب جحيم حرب عالمية أولى ورغم وجود مفكريين نبهوا السياسيين الى أن هناك حرب قادمة إلا أن الحرب العالمية الثانية قد حصلت بعد عقدين من نهاية الأولى وبعدها قد ودعت النخب الاوروبية الحرب واستبدلتها بالنمو السياسي والازدهار الاقتصادي بعد عرق ودم ودموع.
من حينها قد فهمت أوروبا مفهوم أن الانسان هو مركز الكون وقد عملت على ترسيخ فكر ينتصر للعقلانية وإبداع العقل البشري. نقول للنخب السياسية أتباع الامام والمرشد والاستاذ الشيوعي أنتم ضحية فكر الأستاذ الشيوعي والامام الطائفي والمرشد للكيزان لأن الامام والمرشد والأستاذ الشيوعي في زمنهم لم يكونوا على مستوى وعي يضعهم في مستوى نخب الشعوب الحية وعليه نقول لكم تحتاجون الى قوة هائلة تساعدكم في جسر هوة زمنية مداها خمسة عقود في حينها لم يفهم الاستاذ الشيوعي ما معنى فشل ثورة الشباب في فرنساعام 1968م ولم يفهمها بالطبع مرشد الكيزان وكذلك امام الانصار.
وقد استمر كساد النخب السودانية وهي تسير كالسائر في نومه الى اللحظة حيث أصبح خطر جهلهم لا يسمح لهم ليدركوا أنهم بإتجاه حرب الكل ضد الكل وعنف الكل ضد الكل وأخشى أن يكون قد فات زمن تفادي زمن حرب الكل ضد الكل وقد أصبحت قدرا ينتظر السودانيين كالحرب العالمية الثانية التي لم تستطع اوروبا تفاديها رغم تنبؤ مفكريين كثر وشعراء ومؤرخيين غير تقليديين واقتصاديين.
وبعدها قد أيقنت أوروبا أن فلسفة التاريخ التقليدية قد أفلت وأن هناك أشعة فلسفة تاريخ حديثة لم يفهمها أتباع الأستاذ الشيوعي وكذلك قد ضلّ عن نورها أتباع الامام والكيزان ونتاج ضلالهم ستكون حرب ما بين الجيش والدعم السريع وحينها تتحقق مقولة السيد المسيح أي الويل للحوامل والمرضعات في حضور حرب يقودها الجيش والدعم السريع في غياب الحكماء والفلاسفة والانبياء.
وبعدها ستدرك النخب أن ثقافتهم التقليدية وفكرهم التقليدي لم يعد على موعد مع التاريخ ولا موعد مع الحضارات وسيعرف المؤرخ السوداني التقليدي والمفكر التقليدي والمثقف السوداني التقليدي أنهم بسبب كسادهم الفكري سبب حرب الكل ضد الكل وعنف الكل ضد الكل بسبب أن فكرهم لم يعرف سبيل للدفاع عن الحرية يوم كانوا أبناء الهويات الخائفة التي قد إنفتحت على فكر الهويات القاتلة بدلا أن تدافع عن فكر الحريات.
في الختام نقول لقائد العسكر البرهان الفاشل ستنجح في جر الشعب السوداني الى أبواب الجحيم بحرب ضد جهلول هو من صناعة يدك يوم كنت خادم للحركة الاسلامية السودانية  وهو حميدتي ولكن لم تحقق مرادك في حكم شعب أهون أن يكون مأواه الجحيم بدلا من يحكمه عسكري فاشل خانع وتقوده روح العبودية وهي فيك يوم رفعت يدك لتحية سيسي مصر فقد أصبحت من حينها عبد السيسي الذليل .

 

‫4 تعليقات

    1. بل عبد الاكواز ! الرجل ينتقد الثقافة العربية ويقول أن تبعية الإمام الأبوي ليس بثقافة اسلامية فالاسلام الحق ليس فيه أبوية ولا رجال دين وانما الكل متساوون في الحقوق السياسية والأخلاقية والعقلانية والحرية الفكرية ويريد ازاحة الاضطراب النفسي المتمثل في الثقافة الأبوية التي يرزح فيها أمثالك ويساوي بين ثقافة أبوية رجال الدين وبين الثقافة الإسلامية ولا يفرق بين الاسلام ونظام الحكم الأبوي فمتى تفهمون الاسلام الحق وتنعتقون من الارث العربي الأبوي القبلي وتتوقفون عن تجميد عقولكم؟

  1. الغريبة هو واقرانه برغم معرفتهم لتمكن هذه الثقافة العربية والإسلامية في المجتمع السوداني يريدوا من الشعب أن يقفذ بالدانه من هذا المحيط..لقد حذرنا من حرق المراحل وقلنا أن السياسة فن الممكن بحسب القدرات المتوفرة وليس بحسب الأماني والأحلام خوفا من ان يأتي مثل هذا اليوم الذي أصبحت فيه الثورة تحت رحمة البرهان وحميدتي ولا إثر لقوى الثورة في هذا المشهد الا دعواتهم للصلح بين الرجلين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..