مقالات وآراء

صراع السلطة والثروة متوالية فرز لا متناهية – لا للحرب

الهام عبدالخالق 

   حين اندلعت الثورة وهتف

الشارع يا عنصري ومغرور كل

البلد دارفور .. تصاعدت احلامنا لتبلغ ذروتها في ان  هذه الثورة ستزيل مرارات التنمية الغير متوازنة  والتهميش الطبقي والثقافي والعرقي والذي هو تركة ثقيلة ظلت انظمة الحكم المتعاقبة ترثها وتورثها دونما بذل الجهد لمخاطبة جذورها .

الشاهد ان المعارك لمحاربة الاقصاء والتهميش هي تكاد تكون من المعارك ذات الديمومة وديناميكية شديدة الحركة والتعقيدفي آن واحد. هي حراك لم يصل الي ذروته وتحلله حتي في اكثر الدول تقدماً والتزاما بحقوق الانسان، ولكن السعي من اجله يتطلب انخراط كامل لكل قوي التغيير وحاملي مشاعله في اي بقعة علي هذه البسيطة.  اعترف أني وبحماسي الدائم والتزامي للانحياز لمعارك البسطاء والمهمشين اغفلت النظر بعمق تقاطعي في قضايا التهميش . فليس كل الهامش متجانس وتحكمه نفس الظروف والعوامل ولا كل المهمشين بما فيهم شخصي كأمراة في واقع لا تزال انظمة القمع فيه  تشرع سيوف القتل والتنكيل بالنساء تشريعا وتقييدا ووصماً وسحقافي الشوارع والبيوت ومناطق النزاع . فهناك هامش الهامش كما اثبت الصراع في دارفور حيث حدثت وما زالت الحرب والتصفيات علي اساس اثني عقدي قبائلي . وداخل هامش الهامش يوجد هامش هامش الهامش وهكذا الحال في مصفوفة لا متناهية.

مناسبة هذا الحديث هو  تخندق عدد لا يستهان به من ابناء وبنات الهامش (التاريخي) في بداية بزوغ نجم حميدتي في خندق واحد معه. ضاربين عرض الحائط بمبادئهم السياسية ورصيد معرفي كان من المفترض ان يضئ الطريق لهم ليفهموا أن القضية قضية حميدتي تحديداليست ذات صلة من بعيد او قريب بثورة هامش علي مركز ولكنها بالاساس قضية صراع علي السلطة والثروة . استخدم المؤتمر الوطني حميدتي كرصيد احتياطي للقمع لتصفية صراع مشروعها الحضاري في دارفور  مستثمرة صراع قبلي تاريخي بل ومستثمرة ما غرسته حكومات متعاقبة في تاريخ التمييز هذا . كرست سلطة المؤتمر الوطني جنجويد حميدتي كقوة لم تتردد في تنفيذ مجازر في كل انحاء الوطن لا تميز  بين طفل وامرأة وشيخ كما فعلت في دارفور في صراع راح ضحيته ما يقارب ال ٤٠٠ الف نفس برئ.  دون شك ان الواقع اثبت ان صراع حميدتي والبرهان هو صراع سلطة وثروة لا غير .. فانقلاب البرهان في ٢٥ اكتوبر هو انقلاب للحفاظ علي الثروة والسلطة في يد الجيش .. حميدتي يعلم ان برهان والاسلاميين في الجيش لا يهمهم غير السلطة والثروة والتي تهمه هو بنفس القدر . فمن ذاق طعم الثروة من مكتسبات الوطن من ذهب جبل عامر واحتكارات التصدير والاستثمار مع الامارات لن يتخلي بسهولة عن دجاجته التي تبيض ذهباً.

السؤال الذي يطرح نفسه هل  الدعم السريع ذات نفسه  متجانس طبقيا وعرقياً . اي هل هناك تراتبية  ام هو تكوين متجانس ؟؟ الاجابة نعمبلا شك الدعم السريع منظومة غير متحانسة او متناغمة (عكس ما يبدو الان) معلوم بالضرورة التراتبية القبلية والطبقية وسط التكوينات القبلية في الدعم السريع وما صراع موسي هلال وحميدتي  في بداية الثورة الا دليل مبسط علي هذا . الغالبية الساحقة من قوات الدعم السريع ابناء البسطاء والمهمشين في دارفور .. وسيتواصل الصراع  في متوالية  تفاضلية تكرس لفرز طبقي وعرقي وسطها. واهم من يظنان من يقتتل من اجل سلطة وثروة يمكن ان يقنع من الغنيمة بالانتصار.

فيا ايها المقتتلين في ارض  الوطن الحبيب لن  تحصدوا من هذه الحرب الا الوبال .. ضعوا الاسلحة  الان .. اوقفوا هذه الحرب التي لنينتصر فيها احد…

خاتمة:-

التقيت  اسفيرياً ايام الثورة  شاب كان ينتمي لاحد تجمعات قوي الهامش .. تحدثت معه عن الحلم في ان تضع الثورة حداً للتهميش واننا سنجلس يوما ما ونعترف بما  حدث دونما خجل … قال لي يا الهام السودان دة كلو مهمش  والله انا لما اركب القطار  واتجه شمالاً واري شخص يرعي في غنماية وحيدة ناشفة الضرع في هذا الصهد ولا يسند قفاه سوي شجرة .. ايقن بأن السودان دة كله مهمش … المفارقة الان انه في صفوف حميدتي ويمجد فيه والغريبة انني موقنة بانه يري حميدتي كآخر عرقي سيأتي الوقت للتخلص منه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..