في السودان الجمل دخل في الإبريق – مالعمل؟

م. التجاني محمد صالح
الحرب التي يدور رحاها الآن ما ستسفر عنه من نتائج مفصلية تحدد بقاء السودان دولة حرة موحدة أو يتشتت ويهيم أبناؤه على وجوهمم في القبل الأربعة . ودعوات وقف القتال الآن تعني التفاوض الذي يفضي إلى تقاسم السلطة مرة أخرى وفقا لمعطيات القوة على الأرض مما يعني بالضرورة أن يرضى الشعب بالعيش الذليل لعقود قادمة قبل التفكير في طلب الحرية من جديد.
هذه حرب لها ما بعدها وهي مزدوجة التركيب ومتداخلة المستويات بطبيعة المشاركين فيها مما يتطلب التفكير في حلول جذرية قاسية بقدر تعقيد المسألة نفسها . الدعوة إلى الحلول المؤقتة والمخدرة لا تنتج إلا إعادة تقسيم مقادير أنصبة الحكم لمشعليها وفقا لمعطيات القوة على الأرض.
الدعوة تعني الجلوس على طاولة المفاوضات لتصميم يالطة السودان الجديدة . يالطة يكون طرفاها الجنرالات وسيغيب عنها الذين يتباكون الآن على الهواء مباشرة – الأميرة مريم مثالا – وإن وجدوا حولها سيكونون “صحبة راكب وتمومة جرتق”.
لكي يخرج الشعب من خانة المتفرج على الأحداث التي تجري على حساب أمنه وأرضه كان لا بد من أن تنشأ قيادة جديدة على أنقاض و أشلاء الجيش المشتت الآن ، تقوم بتحييد القيادة القديمة بكبار ضباطها و “علي كرتييها” تماما، وتعلن نفسها بإنحيازها لثورة الشعب بوضوح لا لبس فيه. ثم تقوم القيادة الجديدة بالإعلان الصريح بطلب النجدة من الشعب بالدعم المباشر المادي والبشري وفتح معسكرات للإعداد والتدريب عاجلا ليتمكن شباب السودان من الإنخراط في عملية تحرير بلاده . تقوم القيادة الجديدة بالإعداد للمواجهة الطويلة القاسية ضد الجنجويد على مستوى البلاد كلها.
نعم هي إجراءات قاسية ولكن للحرية ثمنها وإلا ستظل المعركة مؤجلة وتزداد تكلفتها كل يوم حتى يأتي من أصلاب هذا الشعب من هم جديرون بالحياة الحرة الكريمة.