مقالات سياسية

وماذا بعد ؟!

التاج بشير الجعفري

كثيرة هي المشاهد المؤلمة والمؤسفة من يوميات الحرب الدائرة الآن في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والتي تدخل اسبوعها الثاني دون أن تلوح بارقة أمل على توقفها ؛ فقد أصبحت أخبار القتال في الخرطوم تتصدر عناوين الأخبار في الفضائيات العالمية؛ كما إنتشرت الصور المؤسفة التي توثق الموت والدمار في المرافق العامة وتوضح معاناة الناس في كافة المجالات ، المعيشية والصحية والأمنية .. فالبلد أصلاً كانت تعاني أوضاعاً إقتصادية صعبة وتدهوراً كبيراً في كافة المجالات لتأتي هذه المعارك وتقضي على ما تبقى من خدمات كانت بالكاد تقدمها المستشفيات والمرافق العامة كالكهرباء والمياه ؛ ناهيك عن الضائقة المعيشية وخطر الموت الذي بات يتهدد المدنيين بسبب طلقات الرصاص الطائشة وإمكانية إندلاع المعارك في أي وقت.
وقد جاء حديث الفريق البرهان ، القائد العام للقوات المسلحة ، الذي أدلى به ل “قناة العربية” وأوضح فيه أن لا كاسب في هذه الحرب كما دعا لإيقافها ؛ كذلك أكد نفس الكلام قائد قوات الدعم السريع الفريق حميدتي ، في لقائه مع نفس القناة الإخبارية مؤكداً ضرورة إيقاف هذ الحرب .
فإذا كانت هنالك قناعة من الطرفين بضرورة أيقاف الحرب فما الذي يمنع ذلك خاصة مع تأكيدهما أن المنتصر فيها خاسر؟؟ .
إن أخطر ما في هذه المعارك أنها تدور داخل عاصمة البلاد وبالقرب من أماكن إستراتيجية وحيوية ؛ كما أن كل يوم يمر والإشتباكات متواصلة يمثل خسارة كبيرة للبلاد التي تعرضت مرافقها الحيوية للخطر بسبب هذه المعارك الطاحنة والخوف من إحتمالية توسع رقعتها.
قناعتي أن طرفا الصراع هما الأقدر على إيقافه بإعلانهما وقف إطلاق النار فوراً وبدء الحوار .. لأن إستمرار الحرب  سيتسبب في سقوط المزيد من الضحايا من المدنيين الأبرياء ؛ كما سيفقد البلاد المنهكة أصلاً الكثير من مقدراتها وبنياتها التحتية ومرافقها الحيوية التي دُمرت العديد منها بالفعل من جراء هذه المواجهات وقطعاً ستحتاج البلاد لسنوات عديدة لترميم وإصلاح ما دمرته هذه الحرب ؛ ولذلك ينبغي أن تتوجه كل الجهود لإيقاف الحرب لأن استمرارها سيزيد من معاناة المواطنين وسيتم تدمير المزيد من المرافق العامة بالإضافة لاستنزاف وتدمير موارد البلاد المادية والبشرية.
وقد شهدنا اليوم تكالب الدول العظمى على إجلاء رعاياها وأطقم بعثاتها الدبلوماسية وإغلاق سفاراتها ؛ غير عابئة بما ستؤول إليه الأوضاع المرشحة للتصعيد .. وهذا ما يفرض على طرفي النزاع  ضرورة تجنيب البلاد المزيد من المعاناة والأخطار بعد أن إقتربت مواقف الدول الكبرى من أن تصبح متفرجة على هذا المشهد الدامي.
بعد إيقاف الحرب يجب أن يكون الحوار والحل (سوداني- سوداني) بمساعدة الدول الشقيقة بعيداً عن ما يسمى”بعثات السلام والمبعوثين الدوليين” فقد أثبتت التجارب السابقة – في هذا الشأن – فشلها ، إذ لم تؤدي إلا للمزيد من الخلافات وإطالة أمد الصراعات.
نتمنى أن يحتكم طرفا النزاع لصوت العقل ويمعنا النظر طويلاً في معاناة المواطنين الذين فروا من بيوتهم ولجأوا للولايات المجاورة بحثاً عن الأمان وأيضاً ما يعانيه سكان بعض المناطق في الخرطوم بمدنها الثلاث بسبب أنقطاع المياه والكهرباء واستحالة الحصول على العلاج وصعوبة توفير  متطلبات الحياة اليومية.
لذلك .. أوقفوا هذه الحرب التي لا تبقي ولا تذر.????.

 

تعليق واحد

  1. لو توقفت الحرب قبل انتصار الجيش السوداني نكون رجعنا لمربع ما قبل الحرب اي القبول بوجود جيشين في البلاد…ما هي مصلحة الأجانب في مساعدتنا هم فقط سيساعدوا عملائهم لتحقيق مصالحهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..