البيت الأبيض يؤكد أن أمريكيا ثانيا لقي حتفه في السودان

قال البيت الأبيض اليوم الأربعاء إن أمريكيا ثانيا لقي حتفه في السودان أمس الثلاثاء في ظل العنف بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض للصحافيين إن العنف تراجع بشدة في السودان وإن الولايات المتحدة تعمل بنشاط لتسهيل إجلاء عدد صغير من الأمريكيين الراغبين في مغادرة البلاد.
وفي جنيف قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس اليوم الأربعاء إن المنظمة تتوقع المزيد من الوفيات في السودان بسبب تفشي الأمراض ونقص الخدمات الضرورية في ظل القتال العنيف.
وأضاف “بالإضافة إلى الوفيات والإصابات الناجمة عن النزاع نفسه، تتوقع منظمة الصحة العالمية المزيد من الوفيات بسبب تفشي الأمراض ونقص الغذاء والمياه وتعطل الخدمات الصحية الضرورية بما في ذلك التطعيم”.
كما أفاد بأن أكثر من 60% من المنشآت الصحية في الخرطوم مغلقة بسبب النزاع الدائر في السودان.
وقال المدير العام للمنظمة غيبرييسوس “في العاصمة الخرطوم 61% من المنشآت الصحية مغلقة و6 % فقط تعمل بشكل طبيعي”.
لجنة طبية سودانية تحذر
حذرت اللجنة المركزية للمختبرات الطبية في السودان اليوم الأربعاء من استغلال المعمل القومي والبنك المركزي للدم “معمل استاك” في قلب العاصمة الخرطوم من قبل واحدة من القوات العسكرية المتصارعة في السودان بعد سيطرتها عليه وتحويله لقاعدة عسكرية.
وأكدت اللجنة أن هذه الخطوة من شأنها أن تقود لكارثة بيئية وطالبت بإخلاء المبنى بشكل عاجل، قبل أن تعود وتؤكد أن البلاد ستواجه أزمة في توفير الدم خلال أيام.
وقالت هيفاء فاروق القيادية باللجنة المركزية للمختبرات الطبية في تصريح إن “مبنى بنك الدم تم إخلاؤه قبل خمسة أيام بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وتضرر المولد الكهربائي وتم توزيع مخزون الدم الموجود في بنك الدم رغم محدوديته على عدد من المستشفيات في العاصمة وعدد من الولايات، لنفاجأ أخيرا بسيطرة قوة عسكرية على المعمل بالكامل، الذي بداخله بنك الدم المركزي وتحويله لقاعدة عسكرية”.
وحذرت من خطر استهداف مباني المعمل عسكريا وقالت إنه سيقود لكارثة بيئية لاسيما وأن المعامل تحتفظ بعينات لفيروسات ومواد قد تتسبب في انتشار للفيروسات والبكتريا وسط المجتمع السوداني.
ودقت فاروق ناقوس الخطر بخصوص مواجهة البلاد لأزمة حقيقية ببنوك الدم وأكدت أن المخزون الموجود بدأ في التناقص وأن البلاد ستواجه أزمة توفير الدم خلال أيام في حال لم يتم توفير أكياس الدم.
وأكدت أن هناك 40 بنك دم في عموم السودان منها سبعة مركزية يعمل منها ما نسبته 20% فقط بينما خرج باقي البنوك من الخدمة بسبب ندرة الأكياس.
الولايات المتحدة تطرح نفسها وسيطا في النزاع
بانتزاعه هدنة هشة في السودان، حصل وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن على بعض التراجع في حدة القتال، لكن هامش المناورة الذي تملكه الولايات المتحدة حيال الضابطين المتحاربين يبدو محدودا كما يرى خبراء.
وقال بلينكن الذي ينشط شخصيا في هذه القضية منذ اندلاع أعمال العنف في هذا البلد الإفريقي الاستراتيجي قبل عشرة أيام، الإثنين إنه توصل مع الجنرالين اللذين يتنافسان على السلطة، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة في جميع أنحاء البلاد دخل حيز التنفيذ الثلاثاء.
ولم تصمد الإعلانات السابقة عن وقف القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وتم احترام وقف إطلاق النار جزئيًا الثلاثاء في الخرطوم على الأقل لكن قوات الموالية للفريق أول محمد حمدان دقلو والجيش الذي يقوده خصمه الفريق اول عبد الفتاح البرهان تبادلا الاتهامات بانتهاكه.
ومنذ الأسبوع الماضي وبينما كان في اليابان، ضاعف بلينكن اتصالاته مع الضابطين المتنافسين وكذلك مع دول المنطقة والاتحاد الإفريقي.
والتقى مرتين على الأقل الفريق أول البرهان ومنافسه “حميدتي”. كما شارك في اجتماع وزاري الخميس مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد وشركاء آخرين.
كما أشرف على إجلا دبلوماسيي السفارة الأمريكية في الخرطوم في عملية جوية نفذتها القوات الأمريكية الخاصة ليل السبت الأحد.
وقالت سوزان ستيغانت التي تدير برنامج إفريقيا في معهد السلام بواشنطن إن “القلق كان يساور البعض من احتمال أن تنكفئ الولايات المتحدة بعد إجلاء الموظفين الأمريكيين”.
في واشنطن، لم يكن لدى المسؤولين الأمريكيين أوهام إذ أعربوا عن أملهم في أن تقرّب كل “خطوة صغيرة” من وقف دائم للمعارك بهدف نهائي هو المساعدة في التفاوض على عودة الحكم المدني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل للصحافيين الثلاثاء “نأمل ألا يكون وقف إطلاق النار دائما فقط بل أن يتم احترامه وتوسيعه”.
وكان لسفير الولايات المتحدة في الخرطوم جون غودفري الذي تم إجلاؤه السبت وكذلك وكيلة وزارة الخارجية لشؤون إفريقيا مولي في دور فعال خصوصا في مفاوضات وقف إطلاق النار عبر السعودية والإمارات، القوتان العربيتان اللتان توظفان استثمارات كبيرة في السودان.
“متشائم”
الولايات المتحدة لاعب رئيسي في السودان لعقود. وقد ساهمت واشنطن في التوسط للتوصل إلى اتفاق 2005 لإنهاء الحرب الأهلية الذي أدى إلى استقلال جنوب السودان.
لكن نفوذ واشنطن “تقلص بشكل كبير” في السنوات الأخيرة، حسب كاميرون هدسون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
وقال هدسون “سواء كنا القدرة على التأثير أو لا نملكها، يُنظر إلينا على أننا نمتلكها وبالتالي لدينا دور نلعبه”، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لا تزال لديها القدرة على إقامة تحالفات دبلوماسية.
من جهة أخرى، أكد هذا الخبير أنه “متشائم” بشأن فرص استمرار وقف إطلاق النار مشككًا في “مصلحة الطرفين المتحاربين في التفاوض”.
وقال “إنهم يتقاتلون منذ عشرة أيام و24 ساعة في اليوم. إنهم متعبون ويحتاجون إلى استراحة لإعادة تجميع صفوفهم وإعادة تزودهم بالمؤن” معبرا عن خشيته من ألا يخدم وقف إطلاق النار سوى “مصالح الطرفين”.
وتشير سوزان ستيغانت إلى صعوبة تطبيق وقف إطلاق النار هذا الذي يجب أن يتم التحقق منه “في كل حي تقريبا”.
أما فيما يتعلق باقتراح بلينكين إنشاء “لجنة” تفاوض لا تزال معالمها غير محددة، فتصر ستيغانت على ضرورة “توخي الحذر الشديد لتجنب خلق خيار بين الجنرالين فقط”، مؤكدة أنه “يجب أن يكون هناك طريق ثالث”.
القدس العربي