مقالات وآراء

الثقافة والتمساح

عثمان بابكر محجوب

ما زالت المداخلات  والتعقيبات والمقالات التي تتصدر وسائل التواصل الاجتماعي والصحاقة تغطي  احداث البلاد وكأن الخامس عشر من ابريل لم يكن يوما في روزنامة التاريخ السوداني   علما ان هذا اليوم المشؤوم  حمل لنا موقفا وجوديا حديا سيكون في نهاية المطاف اما  بشارة لنا بولادة وطن جديد  اوهو بلاغ موت بلاد قتلها اهلها . في ذلك اليوم المشؤوم حدث زلزال صدع الكيان الوطني ونحن ما زلنا نعيش في سبات اعلامي وسياسي  نجتر فيه افكارا تجاوزتها مصيبتنا ونعبر عن رأينا بوابل من الشتائم كأننا في سباق لاختيار ابشع الفاظ التجريح ، هي غيبوبة نعيشها ولا ندري أننا  نتقاسم فيها الشراكة ولا ندري ايضا ان الاحداث التي تدور امام أعيننا باتت تتجاوز قدرتنا على فهمها لمسافات بعيدة . ان الاوان لنا ان نستفيق من كبوة تبادل  الشتائم لانها تبعدنا فقط عن  مواكبة الاحداث والمشاركة في صنع مستقبل وطننا المثخن بالجراح . صحيح اننا لسنا في موقع القرار : حتى نرسم خريطة طريق للخلاص  الوطني ، حتى نوقف نزيف الدماء وتدمير الابنية والجسور والمطارات وتشريد النساء والاطفال . لكن بالمقابل نحن قادرون على الافتراق والابتعاد تدريجيا عن الثقافة التي اوصلتنا الى هذا الخراب لان مواصلة انتاج هذه الثقافة هو يمثابة قنابل موقوتة سوف  تلغي وجودنا بين الامم . فهل هذا الوقت المناسب ليتحدث البعض عن قوم يأجوج وماجوج وما قاله القران عنهم؟ ماذا سيقولون عنا هؤلاء اذا ما حدثناهم عن الحوت االذي ابتلع النبي يونس وبصقه ، هذا الحوت يبلغ حجمه طائرة جمبوجيت 737 ويأكل يوميا 16 طن من الاسماك ومع ذلك بصق يونس هل يريد هؤلاء ان نقول لهم ماهو السبب ؟. هل هذا هو الوقت المناسب لتبلغنا احداهن بانه لا يدوم الا وجه الله علما اننا نحن بأمس الحاجة لكي يدوم وجه الشعب السوداني وليس وجه ربه ، وماذا لو أخبرناها ان احدى امهات المؤمنين أختلفت مع احد الخلفاء ولقبته “نعثلة” ، ماذا لو اخبرناها ان العباس عم الرسول بقر بطن ناقتين لعلي وهو في حالة السكر وشكاه علي للرسول . واحداهن تكتب وبكل اريحية “أن مزاج الأخوان المسلمين مزاج قرآني رغم أنهم لا يتدبرون القرآن بل على قلوبهم أقفالها”
ماذا لوذهبنا الى البشير وعلمناه ان يتدبر القران هل ترضى ان نعيده للحكم ؟! وماذا تجيبنا لو طلبنا منها شرحا “لاهجروهن في المخادع ومن ثم اضربوهن “.
وبالعودة الى جراحنا الحقيقية  نقول بان رحيل طواقم  السفارات والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية عن الخرطوم يؤشر الى موت ثنائية الهامش والمركز لان الحرب حولت الخرطوم الى الهامش بعد ان انتقلت دارفور الى العاصمة  وسينتقل المركز الى بورتسودان . وما اعلان تركيا عن فتح سفارتها في بورتسودان الا مؤشرا على انتقال عاصمة ما سيتبقى من السودان بعد هذه الحرب الى بورتسودان العاصمة الجديدة القادمة . وبما ان حكومة روسيا على علاقة وطيدة مع البرهان  بسبب وعده بانشاء مرفأ لها على البحر الاحمر  ومع حميدتى لنهبهم معه ذهب السودان لذلك لا عجب من ان نشهد معارك في الخرطوم بين فاغنر البرهان من جهة وفاغنر حميدتي من جهة اخرى لان روسيا  بحاجة الى استمرار حرب السودان  لارسال لاجئين عبر ليبيا للضغط على اوروبا خصوصا وان طريق هذه الموجات من اللجوء ستكون عبر ليبيا حفتر حليف فاغنر .
اما أميركا التي توهمنا انها تسعى الى الهدنة والسلام   وجهها الحقيقي عبر عنه في الماضي هنرى كيسنجر فى قوله : “إن أمريكا ليس لها حيال الوطن العربى حينما تراه هادئًا إلا تفجير مشكلة جديدة ينشغل بها عن مستقبله وطموحاته” وما نشاط حميدتي نحو اسرائيل في العلن واحتمال تحرك البرهان نحوها ايضا بالسر ما هو الا دليل على تكليف اميركا اسرائيل بملف شرذمة  السودان خصوصا وانه كان لاسرائيل اليد الطولى في  تدمير وحدة السودان بفصل جنوب البلاد عن شمالها ولا عجب ان تظهر داعش على اراضي السودان والقاعدة التي لها صداقات كثيرة في البلاد  وظهورهم سيكون عبر اسرائيل فلا تعجبوا من ذلك .
وفي الختام نقول ان اطالة  امد الحرب سيجرنا الى ضياع البلاد لذلك على القوى الشريفة ان تشكل جماعة ضغط لوقف هذه الحرب ونحن ندرك صعوبة ذلك لكن ترك اهل السودان  بين فكي التمساح غير مقبول وفكه الاعلى هو البرهان وفكه الاسفل حميدتي.

 

تعليق واحد

  1. ان كنت تقصد بالقوى الشريفة نفس القوى السياسية الموجوده في الساحة فأنت وأهم.. هم ارازلنا وهم الذين وضعونا في هذا الماذق.. اللهم أخذهم في الدنيا قبل الآخرة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..