البدويُّ الجريء وجرأة الأمل

✍️ محمد الربيع
——————
إذا غامرت في شرفٍ مرومِ – فلا تقنِع بما دون النجومِ
فطعم الموتِ في أمرٍ حقير – كطعم الموتِ في أمرٍ عظيمِ
يري الجبناءَ أن العجزَ عقلٌ – وتلك خديعةُ الطبع اللئيمِ
،،،، أبو الطيّب المتنبيء ،،،،
✍️في شهر يونيو من العام 2004 تم تدشين كتاب بعنوان “جرأة الأمل – أفكار عن إستعادة الحلم الأمريكي” لمؤلفه الشاب الأسمر ذي الإثنين والأربعين عاماً إسمه باراك اوباما، والذي أُنتُخِب للتو عضواً في مجلس الشيوخ الامريكي (المطبخ الأشهر) لصناعة القرار السياسي في العالم شابٌ وسيم الوجه أسمر البشرة طويل القامة مثقفاً يمتلك القدرة علي إقناع الآخرين طموحاً في أحلامه بلا حدود جريئاً في إقدامه بلا تهيّب!
????وما أن بدأ القراء بالإطلاع علي الكتاب حتي بدأ واضحاً لمن يقرأون ما بين السطور أن للشاب الأسمر طموحاً فوق السحاب، لأن الحلم الأمريكي هنا هو حلم رائد الحقوق المدنية مارتن لوثر كنج – والذي حلم به في خطابه الشهير “لديّ حلُم” … لكنهم بدأوا يتهامسون : كيف لشابِ أسمر البشرة من أصول أفريقية وأقلية عرقية بنسبة 13% وقادم من المجهول وقاع المجتمع وبلا إسم في تاريخ السياسة الأمريكية أن يصل إلي سدة البيت الأبيض؟ هذا لو حدث فسيكون ليس مجرد إستعادة للحلم الأمريكي، بل إعادة لكتابة التاريخ الأمريكي وإنقلاب داخل المطبخ السياسي وأكبر زلزال في تاريخ السياسة والمجتمع في الولايات المتحدة الأمريكية ومع مرور الأيام ظهرت قدراته الخطابية وأفكاره النيّرة في دهاليز الكونغرس قبل أن يدشّن نفسه في العام التالي عندما تم تقديمه كمتحدث رسمي في مؤتمر الحزب الديمقراطي 2005 ورأي فيه الجميع ملامح الرئيس القادم للولايات المتحدة وتحقق الحلم الأمريكي في إنتخابات 2008 حين إكتسح كل منافسيه الديمقراطيين بقيادة الشقراء هيلاري كلنتون قبل أن يقهر منافسه الجمهوري المخضرم جون ماكين في النهائي وأعاد كتابة التاريخ الأمريكي ذلك الفتي القادم من قاع المجتمع!
☀️منذ أن نال السودان إستقلاله وبدأت المظالم بقانون السودنة ظهرت عدت حركات نضالية مطلبية في كل هوامش السودان مثل (مؤتمر البجا وإتحاد جبال النوبة وحركات الأنانيا 1 و 2 والجيش الشعبي لتحرير السودان وكل حركات دارفور منذ سوني واللهيب الأحمر وجبهة نهضة دارفور وداؤود يحيي بولاد وصولا لحركتي تحرير السودان والعدل والمساواة ….
كل هذه الحركات النضالية المطلبية كانت تنادي بتحقيق العدالة في السودان والتساوي في توزيع الفرص سياسياً، إجتماعياً وإقتصادياً لكن الذين ورثوا الحكم والوظائف من المستعمر إستأثروا بها لأنفسهم وإعتبروها “إمتيازات تاريخية” تخصهم وحدهم وللآخرين التبعية فقط وعدم الإحتجاج وقمعوا كل المنادين بتلك القيم وأستخدموا ضدهم عنف الدولة المفرط حتي وصلت إلي جرائم الإبادة الجماعية بحق شعب أصيل فضلاً عن وصمهم بكل كلمات الخيانة والعمالة والعنصرية بل نزع الجنسية السودانية عنهم وغيرها من التهم والعبارات المعلّبة بُغية قهرهم وتخويفهم عن المطالبة بحقوق مشروعة في الوقت الذي تجدهم في الحزب الواحد يتمسكون بمنصب الرئيس ونائبه وأمين المال و و و الخ
✍️في تلك المسيرة الطويلة لكل حركات النضال ظهرت أسماء كبيرة وقادة أفذاذ ومفكرين ذوي نباهة نالوا حظاً من الحكمة والتعليم الجيد ومع ذلك لم يستطيعوا هزّ المركز السياسي ودخول” وكر الشيطان” حتي ظهر من بعيد رجل بدويّ اغبر مجهول الإسم لعهدٍ قريب ليس له حظّ من التعليم ولا تخرج من الكليات العسكرية بل لم يكن حتي مجرد جندي نظامي لكن حباه الله بذكاء فطري وفطنة أهل البادية وجرأتهم ترك مقاعد التعليم من السنة الثالثة الإبتدائي وإمتهن تجارة الماشية بين ليبيا والسودان وعندما إندلعت الحركات النضالية في دارفور في العام 2003 بدأ مقاتلاً في حركة تحرير السودان قبل
أن يغريه النظام لصفه في العام 2007 في قوات حرس الحدود الجنجويدية وأخيراً قائداً لقوات الدعم السريع عند إنشاءها في العام 2013 ،،، وفي خلال عشرة سنوات فقط تمكن محمد حمدان دقلوا “حميدتي” من هزيمة ما يُسمي (دولة ٥٦) هزيمة نكراء ودمّر أسطورة الجيش الذي لا يقهر وأحتل الخرطوم وأجزاء واسعة من السودان الذي أستعصي علي من سبقه من القادة الأفذاذ في كل الهامش الكبير وهزم كل متحركات الجيش ودحرهم علي بوابات الخرطوم بشبابٍ
يُفّع لم تنبت شواربهم – وليس لهم عهدٌ بالدقون
وقدموا دروسٍاً في البسالة والإقدام وهزموا بخططهم كل خطط خريجي الكليات الحربية وأصحاب الدورات في أكاديميات ناصر والسادات والملك حسين وأكاديمية سانت هيرست وكأنه يقول لهم : تلك الشهادات (بلّوها وشربوها)!!! وهذا يؤكد بأن الله يجعل سرّه في أضعف خلقه!!!
✍️ان السودان بعد هذه الحرب لن تكون مثل السودان قبلها !! فلا مجال مرة أخري لما يّسمي بالإمتيازات التاريخية ولا مجال للتذكية في دخول الكلية الحربية ونيل الترقي بالغش وعلاقات صلة الرحم والتنميط الأجتماعي ولا مجال لزيادة عدد الطلاب الحربيين لأي ولاية بدون نسب سكانية ولن تكون هيئة الأركان إلا من كل الولايات وأيضاً مع أفضلية نسبية لعدد السكان حتي لا يتم أصدار قرارات بشن الحرب ضد مواطني ولايات معينة ،،، والأهم كتابة دستور جديد وعقيدة قتالية للجيش تمنع معه وإلي الأبد قتل أي مواطن سوداني برصاص عسكري وأن يتفرغ المؤسسة العسكرية لدوره في حراسة الوطن والمواطن وإسترداد الأرض المحتلة شمالاً وجنوباً ….
أنا لا أقارن حميدتي بأوباما إلا من حيث الأثر الذي تركه كليهما علي المشهد السياسي وهما قدما من خارج الأطر وهذا أصبح في كتب التاريخ وقصص الرواة!!!
وأخيراً هذا الوطن الحدادي مدادي إما أن يسعنا جميعاً أو يسعنا جميعاً …. ولابد من المدنية وإن طال السفر.
البدوي الجريء و الخلاص من الأطر التقليدية
لقد أعطى الله السودان فرصتين للخروج من الأطر التقليدية. الأول كان الدكتور جون قرنق الذي التقى به عند وصوله إلى الخرطوم أكثر من ثلاثة
ملايين ونصف المليون سوداني وضعوا فيه أملهم في تحريرهم من قبضة الفكر الفاشستي. الحجم الهائل لهذا الترحيب غير المسبوق وقع على وثيقة اغتيال جون قرنق والأمل في السودان الموحد. ليس هناك شك في أنه كان سيحقق ، مع زوجته الديناميكية ريبيكا ، فوزًا انتخابيًا كاسحًا كرئيس للبلاد. والآن قدم الله للسودان فرصة أخرى للخروج من الأطر التقليدية. محمد دقلو ، بدو ديناميكي وجريء استطاع ، خلال أربع سنوات ، زيادة قدراته العسكرية خمسة أضعاف من حيث الجنود المدربين تدريباً عالياً والمجهزين جيداً والمنضبطين بشكل جيد والذين أظهروا إصراراً لا يمكن إنكاره في القتال الذي وضع قيادة الجيش عارية. أمام شعبهم. أظهر قدرة بارعة في اختيار وإحاطة نفسه بمستشارين أكفاء مهدوا الطريق له في السياسة الدولية ناهيك عن إثبات أنه استراتيجي رائع فهم حدود قدرته العسكرية وعمل حول ذلك لتعظيم إمكاناته. شيء واحد مهم يتقاسمه مع قرنق – يخافه الكيزان. شيء واحد يمكن أن ينقذه. بعد أن تعلموا الدرس من شعبية قرنق ، لم يدخروا أي جهد في شيطنته. بالنسبة لأولئك الذين يستمرون في الحديث عن مصطلح ميليشيا ، فإن قوات الدعم السريع ليست ميليشيا. إنهم قوة قتالية شبه عسكرية مدربة على معايير الجيش الوطني. تنشأ ميليشيا عندما يوجه سياسي ، كما نعلم جميعًا ، شعبه للذهاب إلى مجالسهم المحلية لحمل السلاح والدفاع عن أنفسهم. أسطورة أخرى متداولة هي أن الميليشيا لا تستطيع هزيمة جيش وطني. هزم فاجنر ، جماعة المرتزقة الروسية ، مع 12000 رجل فقط الجيش الأوكراني الذي يدعمه الغرب بشدة ويسلحه في معركتين كبيرتين على الأقل لمدينتين استراتيجيتين ماريوبولي وخطكوف. قالها دقلو ، للديمقراطية ثمن. الخروج من الأطر التقليدية له ثمن. للدخول إلى الحداثة ثمن. قد يبدو هذا قاسياً ، لكن في بعض الأحيان عليك أن تكون قاسياً لتكون عطوفاً. قامت دول الخليج العربي المتحالفة مع مصر ومن خلال الاتفاق الأخير بين السعودية وإيران بتحييد التدخل العسكري الإيراني سعياً وراء مكاسب سياسية ، وبهذه الطريقة ، تهدف هذه الكتلة الناشئة إلى إعادة وضع العالم العربي ضمن معايير الحداثة العالمية القائمة على التكنولوجيا و ليس على الأيديولوجيا وفي تعاونه مع المملكة العربية السعودية ، أظهر دقلو مرة أخرى بعد نظر سياسي يتضح أيضًا في إنشاء مركز اتصال للمساعدة في حالات الطوارئ قبل وقف إطلاق النار المتوقع ، وبهذا يقول إنني قادر على التخطيط المستقبلي لإدارة شؤون شعبي.
هههه..في بداية المقال كتبت كلام جيد عن العدالة والحقوق الوطنية لكن بسرعة انتقلت للكذب عن بطلك حميدتي وانو فعل وفعل بالجيش ونحن داخل الخرطوم لم نرى الا مجرمين ومرتذقة اجانب وقطاع طرق واظن حلمنا بالعدالة والحقوق المدنية تراجع كثيرا بسبب حميدتي ومرتذقتة وكانوا اسوأ نموزج لانسان الهامش.واظن سكان الخرطوم والشمال يحتاجون لفترة طويلة لنسيان صورة هؤلاء الاوباش.