مقالات سياسية

مفاوضات جدة الانتصار والانكسار وخيارات القوى المدنية

يوسف عيسى عبدالكريم

لم يتفاجأ الشارع السوداني بإعلان قبول طرفي الصراع في السودان بمقترح الذهاب الى جدة للتفاوض بحثا عن تسوية قد تبدا بوقف اطلاق النار و لا ندري بماذا سوف تنتهي . فربما قد تؤسس لعلاقة جديدة بين قائدي الانقلاب العسكري الجنرال عبدالفتاح البرهان والجنرال محمد حمدان دقلو الذي لا يزال بحكم الواقع نائبا لرئيس مجلس السيادة حتى الان حيث لم يصدر قرار بإقالته من منصبه بعد. رغم الحرب المشتعلة والمستعرة بين الرجلين و رغم قرارات الجنرال البرهان بحل قوات الدعم السريع و إعادة كل الضباط المنتدبين فيها الى وحداتهم العسكرية .

وهنا يبرز تساؤل كبير في اذهان كل الشعب السوداني لماذا لم يقال حميدتي من منصبه حتى الان ؟
والمؤسف المبكي ان حرمة شهر رمضان و بشائر عيد الفطر و الأرواح التي أزهقت و النفوس التي روعت والثكالى والارامل و اليتامى و المفقودين والمشردين والذين فقدو الامن فرحلوا عن بيوتهم طلبا للأمان داخل البلاد كنازحين او خارج البلاد كلاجئين كل هؤلاء لم يكونوا دافعا ولا سببا لقبول الرجلين بالجلوس للتفاوض وحقن الدماء وانما فقط هي الضغوط الخارجية كلمة السر التي افلحت في جعلهما يتنازلان عن كبريائهما و يتركان جنونهما ويذهبان الى جدة ليس راغبين وانما مذعنين .

واذا ما نظرنا لمواقف الرجلين في ما قبل الازمة يتضح جليا السباق المحموم بينهما لتامين تذكرة كرسي الحكم في البلاد ولو على جماجم الموتى واشلاء الضحايا .فبالرغم من عدم وجود أي ازمة سياسية تعيق الانتقال للحكم المدني قام الرجلين بقطع الطريق على حكومة السيد عبدالله حمدوك بانقلاب 25 أكتوبر المقيت و عندما توصلت القوى المدنية الى اتفاق اطاري يضع البلاد في طريق الانتقال السياسي مرة أخرى افتعل البرهان توسيع الاتفاق كحجة للتملص بينما حاول حميدتي ان يلعب بورقة مساندة الحكم المدني و رغبته في جلب الديمقراطية لكسب موقف القوى الموقعة في معركته المؤجلة مع البرهان و كأنما يظن ان ذاكرة الشعب السوداني ذاكرة سمكية قد تنسى تلك الماسي و الفظائع التي ظل يقوم بها منذ ان كان تاجرا للابل في دارفور مرور بقيادته لمليشيا الجنجويد وليس انتهاء بمشاركته في جريمة فض الاعتصام وأخيرا كونه طرفا في حرب أحرقت الأخضر واليابس في السودان.

و السؤال المهم الذي يطرح على اطراف العملية السياسية في البلاد هو . سوف تنتهي هذه الحرب عاجلا ام اجلا ولكن هل ستواصل القوى المدنية في لعب دور الحمل الوديع في المعادلة فلقد ظلت مواقفها خلال الأربع سنوات السابقة متمترسة خلف مبدأ التوافق السياسي بين مكونات الحرية والتغيير في برغماتية اقرب الى خيانة مبادئ الثورة وليتها افلحت في وضع أحلام السودانيين في الطريق الصحيح.

ان موقف القوى المدنية الذي لا يجب التنازل عنه يجب ان يكون هو محاسبة البرهان وحميدتي معا على اشعال هذه الحرب اللعينة و يجب ان يكون المطلب الرئيس هو عدم السماح لهم بالتواجد في أي معادلة سياسية لمستقبل هذه البلاد . ذلك لان الرجلين هما بؤرة للعنف المفرط و القتل وعدم المسؤولية والتي يجب ان ينأ عنها منصب الرجل الأول في الدولة.

ان السودانيين الشرفاء في كل مكان يدعون ويعملون على إيقاف هذه الحرب اللعينة لعلمهم التام ما هو حجم الكارثة التي تجتاح البلاد من موت ودمار و نزوح و لجوء. اما انصار استمرار الحرب من بقيا النظام البائد والدولة العميقة..و الاسلامويون الذين يصفقون ليل نهار في محاولة للركوب على موقف الجيش لتامين مستقبلهم السياسي عندما تضع الحرب اوزارها . هؤلاء هم الثورة المضادة التي تعمل على إعادة عقارب الساعة للوراء وتحاول ارجاع البلاد الى حكم الحركة الإسلامية فاحذروهم.

اذا رسالتي لكل انسان سوداني صالح في القرى والمدن والارياف على امتداد هذا الوطن الحبيب وفي خارج السودان في دول المهجر , اخي الكريم اختي الكريمة اخاطب فيكم روح المستقبل الذي نتمناه لنا و لأطفالنا القادمين , ان معركتنا تتضح معالم نصرتها في رفض هذه الحرب وإعلان انحيازنا التام للحكم المدني في مواجهة النظام العسكري الغاشم. ان الانحياز للحكم المدني لا يعني موافقتنا على إخفاقات المرحلة السابقة , نعم هناك أخطاء يجب ان تصحح ,نعم هناك عيوب يجب ان تصوب , ولكن ربما تتفق معي اخي / اختي ان أدوات الإصلاح اسهل ما تتوفر في النظام المدني اما في ظل النظام العسكري الذي سيعقب الحرب فربما يعتبر ذلك من رابع المستحيلات .

اخي /اختي ان التاريخ يضع بلادنا الحبيبة الان امام مفترق خطير اما ان نستمر في طريق الانتقال السياسي و الإصلاح الاقتصادي او ان ننتكس مرة اخرة الى أحضان النظام الديكتاتوري العسكري . فلنقولها في كل مكان في الأرياف والمدن و مواقع التواصل الاجتماعي ..لا للحرب لا للحرب لا للحرب .
انني اخاطب فيكم العقل وليس العاطفة ,لقد شهدت الأيام السابقة التي تلت اشعال العسكر للحرب تصرفات تبرهن العقلية التي يفكر ويقرر وينفذ بها العسكريين مواقفهم .ان القتال داخل الاحياء واقتحام البيوت والاحتماء بالمدنيين واتخاذهم كدروع بشرية و حالات العنف المفرط الذي رافقه اطلاق للرصاص الحي الذي أدى لاستشهاد وجرح الالاف من أبناء شعبنا الصامد .بالإضافة الى الهبة الإعلامية المنظمة من فلول النظام السابق خير دليل على ان النظام الجديد الذي سيخلف هذه الحرب قد حسم موقفه في الارتكاز على منظومة الإنقاذ الوطني المشئومة كحاضنة سياسية للعبور بها الى مرحلة شرعية المنتصر.

اخي / اختي ان رفضكم للحرب مسؤولية تاريخية يجب تحملها من اجل الحرية والسلام والعدالة التي خرجنا وطالبنا بها في ثورة ديسمبر المجيدة . ان رفضكم للحرب وفاء لدماء الشهداء الذين سقطوا في هذه الحرب اللعينة وإعلان للعالم الحر ان هذه الثورة ليس من السهل اجهاضها او كسرها لان عناصر وجودها ما زالت موجودة ولن يستطيع أي فرد اقتلاعها .انها ثورة شعب معلم وملهم .ارتضت السلمية عن قناعة وايمان وستستمر في طريقها مهما حاول المتخاذلين الالتفاف عليها او كسرها.
ان خياراتنا في مواجهة قائدي الجيش و الدعم السريع يجب ان تكون كالاتي .
1/ التصعيد في الشارع السوداني في الولايات و المدن التي ليس فيها مواجهات مسلحة و إبقاء جذوة التظاهرات مستعرة ومستمرة رفضا للحرب من اجل الضغط الداخلي والخارجي على المكون العسكري من الطرفين.

2/ تكوين حكومة منفى من قبل شخصيات سودانية لها ثقل سياسي و ذات تأثير داخلي و دولي يرأسها الدكتور عبدالله حمدوك شرفيا ويباشر مهامها نائب لرئيس الوزراء تنفيذيا يكون مهمتها تمثيل السودان خارجيا ومقاومة هذه الحرب وفضح مؤامرات العسكريين على المستوى الدولي وملاحقتهم في قضايا انتهاكات حقوق الانسان وفي المحاكم الدولية. بالإضافة لكسب الشرعية كممثل وحيد للسودان.

3/ اعتماد السلمية كخيار مبدئ تتفق عليه كل القوى المعارضة للحرب بالإضافة الى استخدام العصيان المدني والاضراب السياسي كسلاح تصعيدي للضغط على المكون العسكري لإيقاف الحرب .

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. عبدالله حمدوك أخذ فرصته و لا مكان له بعد الان .

    نريد وجوها جديدة برئية و قد مللنا تلك الوجوه البائسة الفاشلة من مدنيين و عسكريين

    1. عبدالله حمدوك لم يعطي فرصة حتى لوضع خطة افتصادية كانت او تنموية حوصر من قحت وحوصر من العسكر وحوصر من نشطاء السياسة لم يعطي فرصة لتكوين حكومة حتى لذا يجب ان تكون عادل فى حكمك علي حمودك اتفق معك مللنا من تلك الوجوه البائسة من العسكريين نحن بحاجة لعسكريين شباب بافكار جديدة وخطط جديدة الوجوه الظهارة الآن فى المشهد ظهرت مع الانقاذ وجوه حالكة فى الظلمة ارتكبوا كل الموبقات مع الانقاذ من قتل وتهجير واغتصاب وكل الموبقات والأيعاذ بالله لذا يجب أن تيعد من الساحة وتعطي فرصة اوجوه جدبدة حتى قوة الحرية والتغيير كل قيادتها بالمشهد الحالي فاشلة هم فى الغالب نشطاء وليسوا سياسيين اختفت قيادات شابة لها كريزما امثال الدكتور اكرم والدكتور الأصم قيادات لها كريزما

  2. اولا تصعيد الشارع في الولايات التي ليس فيها مواجهات عسكرية بدا فعلا لكن عكس توقعك فهو داعم للجيش فقط.
    ثانيا الحكم المدني كلنا نعض عليه بالنواجذ لكن بشرط انسحاب الحرية والتغيير من المشهد السياسي كفانا ما تسببوا به من فتن كادت تضيع علينا البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..