مجتمع الميم.. “كبش فداء” إردوغان قبيل الانتخابات

هاجم الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مجتمع الميم، في عدة مناسبات، خلال الفترة الأخيرة، وصعد من انتقاداته للمثلية الجنسية، بينما حاول جهده تعزيز قاعدته بين المحافظين والإسلاميين، الأكثر تشددا.
واتهم إردوغان الذي يخوض أصعب انتخابات له، الأحد، معارضيه بتقويض القيم الأسرية والوقوع في عبودية شبكات مجتمع الميم “التي تدار من الخارج” حسب تعبيره.
وقال في تجمع حاشد مؤخرا في إسطنبول “حزب العدالة والتنمية لم يكن أبدا من أنصار مجتمع الميم” ثم تابع “نحن نؤمن بقداسة الأسرة، الأسرة عندنا مقدسة “.
وبحسب موقع صحيفة بوليتيكو فإن موقف إردوغان من مجتمع الميم يعود لرغبته في دعم قاعدته بالمحافظين والإسلاميين الأكثر تطرفا بعدما “هجره أنصاره الأوائل بشكل متزايد”.
كما أن إلحاحه على موضوع المثلية ومجتمع الميم، يعود بالدرجة الأولى إلى رغبته في تشتيت انتباه الناخبين عن الأزمات المتعددة التي تعيشها البلاد، بما في ذلك أزمة تكلفة المعيشة المتصاعدة والتضخم الحاد.
في الصدد، قالت فولدن إيرغن، وهي محررة في منصة نقاش عبر الإنترنت لحقوق مجتمع الميم، إنها فوجئت بانتشار دعاية إردوغان في كل مكان ضد مجتمع الميم في حملة هذا العام.
واعتبرت في حديث للصحيفة، أن هجمات إردوغان لمجتمع الميم، محاولة منه لإخفاء ضعف استجابة الحكومة لمشاكل تركيا العميقة.
وقالت: “لم أكن أتوقع منهم ألا يطرحوا أي حلول سياسية وأن يتحدثوا فقط عن مجتمع الميم”.
وأضافت في إشارة إلى التحالف المحافظ الذي يدعم الرئيس “لم يعد لدى التحالف الكثير ليقدمه للناس”.
وقالت أيضا “إنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع الأزمة الاقتصادية، ليس لديهم أي سياسات”.
وعلى الرغم من حصيلته الاقتصادية السلبية، لا يزال بإمكان إردوغان الفوز بالانتخابات والبقاء في سدة الحكم، وهذا مصدر قلق خطير لمجتمع الميم، وفق الصحيفة.
وتُحظر السلطات في تركيا رفع أعلام مجتمع الميم، وتمنع التجمعات بشكل تعسفي ويتعرض المشاركون في مسيراتهم للهجوم أو الاحتجاز بشكل منتظم من قبل الشرطة.
ويعبّر كثيرون الآن عن خوفهم من أن تحظر منظماتهم بموجب القانون وتصبح بالتالي غير قانونية .
تقول الصحيفة بالخصوص “يمكن أن يتم توسيع قوانين حماية العائلات لتشمل تجريم المثلية الجنسية”.
ويقول نشطاء إنه إذا بقي إردوغان في السلطة، فقد ينتشر العنف وخطاب الكراهية في البلاد، ضد مجتمع الميم.
ويتوجس هؤلاء النشطاء من أن تستخدم حكومته قوانين الأمن لقمع العلاقات الجنسية المثلية، واعتبارها جزءا من مؤامرة أجنبية.
وقالت إيرغن إن الحكومة تلعب على تصورات أن “الناس لا يعتقدون أن أعضاء مجتمع الميم يمكن أن يكونوا من تركيا”.
اتفاقية اسطنبول
واحدة من أكبر الانتكاسات التي تواجه النساء وأفراد مجتمع الميم هو انسحاب تركيا في عام 2021 من اتفاقية اسطنبول التي تهدف إلى منع ومحاكمة والقضاء على العنف ضد المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين.
والعنف الأسري مشكلة خطيرة في تركيا، حيث تقتل امرأة واحدة على الأقل كل يوم، وفقًا لبيانات من Monument Counter، وهو موقع إلكتروني يخلد ذكرى النساء اللائي فقدن حياتهن إثر العنف المنزلي.
وقُتلت 824 امرأة في تركيا خلال العامين الماضيين فقط.
ويعد التكافؤ بين الجنسين، فشلا آخر لسياسة إردوغان، وفقا لبرنامج “المرأة للمساواة في البلاد”، وهي مجموعة حقوقية تتعقب المرشحين على القوائم الانتخابية للأحزاب المختلفة.
ومن المقرر انتخاب 117 نائبة فقط في البرلمان التركي المؤلف من 600 مقعد.
يبدو أن زينب إسمراي، التي كانت ناشطة في مجال حقوق المتحولين جنسيًا منذ 30 عاما، ستكون استثناء لهذا الاتجاه.
وإسمراي مرشحة من حزب العمال التركي وأول امرأة متحولة تتمتع بفرصة جيدة للوصول إلى البرلمان.
وفي مقهى في “كورتولوس”، وهو حي في اسطنبول حيث يوجد عدد كبير من الناخبين المتحولين، أخبرت إسمراي صحيفة بوليتيكو أنها في حالة انتخابها، ستناضل من أجل حقوق مجتمع الميم ضد التمييز وجرائم الكراهية والعنف.
وقالت: “أتلقى ردود فعل إيجابية للغاية من الشارع” ثم تابعت “إذا استطعنا الحكم على الأمر من خلال النظر إلى الشوارع، فسأدخل البرلمان بالتأكيد”.
وتقول إنه إذا بقي إردوغان في السلطة “سيأخذ البلاد إلى اتجاه أكثر تحفظا دينيا”.
“هذا خوفي الأكبر”
تؤيد إيرغن، ما ذهبت إليه إسمراي، وتقول إنها تخشى أن يتم التلاعب بالمادة 10 من دستور تركيا، والتي تعد جزءا من الميثاق الوطني الذي يوفر بعض الحماية الغامضة للمساواة بين الجنسين، “ما يمهد الطريق لتجريم محتمل للمثلية الجنسية” وفقها.
وتقول كذلك: “هذا هو خوفي الأكبر، إذا فازوا، سيفعلون ذلك”.
يذكر أن إردوغان ملزم بمعايير الاتحاد الأوروبي في المجال، وقد قال سابقا عندما سألته صحيفة “بوليتيكو” عن موقفه بالخصوص: “نحن ندافع عن جميع حقوق الإنسان، من واجبنا المشترك الدفاع عن حقوق الإنسان، الديمقراطية تتطلب ذلك، لا يمكنك عزل الناس على أساس معتقداتهم وهوياتهم وأنماط حياتهم، عليك احترام الجميع”.
وتعتقد كل من إسمراي وإيرغن أن أولوية تركيا الآن، يجب أن تكون “تعزيز اتفاقية إسطنبول لدعم بعض الحريات الأساسية”.
وكلاهما يعتقد أن سكان تركيا يتقدمون على سياسييها في المجال.
قالت إيرغن، التي بنت آمالها على اتساع نطاق أنشطة المجتمع المدني في تركيا، “أنا أكثر تفاؤلا بالمواطنين، وليس بالأحزاب السياسية”.
إسمراي من جانبها تقول: “لقد رأيت الكثير من إردوغان في حياتي. إذا فاز، سنواصل النضال، وإذا حدث ذلك فعلا، فسوف أواجهه”.
يذكر أن الخوف من إردوغان لا يعني أن مجتمع الميم يشعر بالحماية الكاملة من قبل المعارضة، التي يتقدم مرشحها كمال كليتشدار أوغلو في استطلاعات الرأي قبل انتخابات هذا الأحد.
وتعتقد إيرغن أن الأحزاب اليمينية داخل تحالف المعارضة يمكن أن تضغط أيضا لجعل “الحياة أكثر صعوبة” لمجتمع الميم.
الحرة