مقالات سياسية

ما هو دور الأحزاب السودانية عبر تجربة الحرب؟

أحمد محمود أحمد

الحرب ضمن سياقاتها المتعددة تطرح أسئلة معقدة أمام الجميع لأنها تفتح كل الاحتمالات بأتجاه المصير المجهول، علاوة علي تفعيل فكرة الضياع الأنساني ضمن نسق غير معهود.. الاخطر في تجربة الحرب أنها تفكك النسيج الأجتماعي و تفكك القيم و يصبح الفرد خارج أية منظومة معيارية، لأن الحرب تطرح فكرة الموت و في حالة الموت قد لا يفكر الأنسان الا في نفسه و من هنا يأتي طرح السؤال عن ماهية الذين يستطيعون أن يقودوا المجتمع عبر تجربة الحرب و ما هي مواصفاتهم؟

و للأجابة على هذا السؤال فلابد أن نميز بين الحروب الخارجية و الحروب الداخلية، ففي حالة الحروب الخارجية بين دولة و أخري، فأن الأجابة علي هذا السؤال تبدو واضحة، أذ تتكتل كافة القوي السياسية العاملة في الساحة مع النظام الحاكم و مهما كانت درجة الاختلاف و عمق الخلافات من أجل صد العدوان الخارجي و بالتالي توجيه المجتمع و حشده لمواجهة الدولة المعتدية..في المقابل و عندما تقع الحروب الداخلية فأن الأمر يصبح أكثر صعوبة و تعقيدا، اذ يصبح دور الأحزاب خارج هذه المعادلة في الغالب حين ندرك أن الحروب الداخلية عادة ما تكون حروبا قبلية أو مذهبية و بالتالي و بحكم تكوين الأحزاب و مهامها فهي ستكون بعيدة عن دائرة هذا الصراع..أما فيما يتصل بالحرب الدائرة الآن في السودان فهي حرب ذات طبيعة مختلفة، إذ يمكن القول بأن السبب في هذه الحرب لديه صلة بفشل الأحزاب السودانية و بشكل تاريخي في معالجة المشكل الوطني و بالتالي تحول جزء منها الي مشروع أعاقة لهذا المشروع عبر اللجوء الي عسكرة الحياة السياسية كما فعل ذلك الأخوان المسلمون عبر تجربتهم في الحكم و التي أنتجت الصراع الذي يدور حاليا..

 

و حتي نكون اكثر صدقا فأن هذه الحرب الدائرة نتجت عن طبيعة الخلل و الأختلال في طبيعة بعض الأحزاب السودانية و عدم ادراكها لطبيعة الصراع و الماَلات المرتبطة به..و في تقديري لو أنتبه الحزب الشيوعي السوداني مبكرا لمسارات العملية السياسية و لطبيعة تركيبة القوي التي أنتجها نظام الانقاذ و من ثم القبول بالحد الأدني بعيدا عن فلسفة التغيير الجذري لكنا قد تجاوزنا هذا المأزق، يضاف الي ذلك خروج بعض المكونات من الحرية و التغيير و ارتمائها في دائرة العسكر و هو ما إدي لأنقلاب البرهان و من ثم حدوث الكارثة..

أذن ما العمل؟؟؟ في تقديري و دون وصاية او ادعاء للمعرفة أكثر من الأحزاب نفسها، فانه من المهام الأولية للأحزاب يرتبط بضرورة تحصين أعضاءها من الأنحياز الي أي من طرفي الصراع، و الأهم هو تكثيف التثقيف ضد هذه الحرب و الأطراف المشاركة فيها..والأهم ان تكون هذه الحرب درسا نستفيد منه جميعا و أن نتعلم منها قاعدة ان الذي لا يمكن معالجته عبر السلم لا يمكن مقاربته او الحديث عنه في زمن الحرب…

و لهذا و من المفترض أن تكون هذه الحرب كمراجعة لكل الأخطاء القاتلة في مسيرة الأحزاب السودانية و من اهمها اشكالية عدم الأتفاق حول القضايا الأساسية و المرتبطة بالتغيير و التي تشتغل كمجال تحصين و وقاية امام حدوث المنزلقات و التي أخطرها كارثية هي الحرب الدائرة الاَن..

بالأضافة للمراجعة يجب ان تشجب جميع الأحزاب هذه الحرب و تتوحد جميعها ضدها من خلال تكثيف الأعلام المضاد للحرب و الجاهزية لما بعدها للمساهمة فيما دمرته هذه الحرب، لا علي صعيد مادي فحسب، بل علي الصعيد النفسي و الوجداني للمجتمع..ضمن كل هذه السياقات المذكورة سابقا، يتبقي لدي الأحزاب السودانية ضرورة تفعيل وجودها داخل الأحياء و المساهمة مع قطاعات المجتمع المختلفة للمحافظة علي أمن المجتمع، و في ذات الوقت ضرورة التواصل مع المجتمع الأقليمي و الدولي لإيقاف هذه الحرب و الذهاب في الطريق السلمي الي أن تضع هذه الحرب أوزارها عبر التكتلات و التحالفات التي هدفها أن يكون هناك وطن..

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..