مقالات وآراء

فلنشارك أهلنا همومهم ويكون ذلك ليس بتبادل الاراء عند “ست الشاي”

عثمان بابكر محجوب

هل سأل نفسه من مسك قلمه ليكتب او من اطلق لسانه ليعلق على ما كتبه من مسك قلمه ليكتب ، هل سأل نفسه  ماذا قدم لأهله بعد مرور شهر على هذه المحنة ؟ الغريب ان معظم من يكتب او يعلق  يسكن حاليا خارج نطاق الحريق وبعضهم  يكتب ويشرح لنا عن بلدنا ، وهو  مقيم في  أميركا او السويد او استراليا او الخليج العربي  وغيرها من دول العالم ويحمل اكثرهم جنسية تلك الدول ، ورغم ذلك وللاسف لم نسمع حتى ولو بمظاهرة واحدة  تجمعت في اية عاصمة من عواصم العالم او في اي بار جعة او مسجد او في اي ميدان لسباق الخيل حيث يعشق السوداني المراهنة على الاحصنة او في اي مكان خارج السودان او داخله وطالب أقله  بوقف اطلاق النار ، لم نسمع عن أية مبادرة من االمغتربين او المهاجرين السودانين لمساعدة اهلهم في احلك ايام الحرب.
وبالمناسبة نحن على قناعة  بان ثورة ديسمبر وصلت الى طريق مسدود لانها كانت ثورة سياسية اي ثورة بجناح واحد ولم يسبقها او يرافقها او يتابعها الجناح الاخر نعني بذلك الثورة الثقافية التي كان لا بد منها لتخليص شخصيتنا من الذاتية المفرطة ومن مستنقع تجار الدين الذي يشوه روحنا . وما نشهده في صحافتنا وفي شبكات التواصل الاجتماعي من كتابات او تعليقات لا زالت دون مستوى الصدمة حتى نكاد نلاحظ ان الكثيرين من يكتبون او يعلقون يظنون انهم يحضرون حفلة شاي وليس حربا ضروسا.
وقبل ان انتقل لمشاركتهم  جلسة عند “ست الشاي” مع شعراء من مختلف العصور والبلدان ، أدعو من يرغب  مشاركتنا المأساة التي نعيشها بعقولهم وليس بابلاغنا عن امنياتهم ومخاوفهم واهميتهم وعظمة ثقافتهم ، ونذكرهم انه ليس بنافع انتقاد البرهان اوحميدتي كثيرا لان “لا أحد يتضايق من رائحته الكريهة”
ولنبدأ على لسان حذيفة العرجي حيث يقول كل مواطن سوداني :
لا الليل يحضن ما في القلب من ألمٍ ***** ولا الصباح اذا ما جاء يؤويِهِ
وعلى لسان عبدالرزاق عبدالواحد يتابع المواطن :
فلا انا مفصِحٌ عَمّا اُعاني *****ولا وجعي على صمتي يَزولُ!
وعلى لسان  قيس بن الملوح يقول أيضا :
مَتى يَستَريحُ القَلبُ إِمّا مُجاوِر ***** حَزينٌ وَإِمّا نازِحٌ يَتَذَكَّرُ
وعلى لسان محمد مهدي الجواهري يتابع :
ولا تعجَبوا أنّ القوافي حزينةٌ ***** فكلُّ بلادي في ثيابِ حِدادِ
هذه حال كل سوداني اما البرهان وخلال  افطار رمضاني هذا العام أبدى استعداده للتنحي عن منصبه  اذ قال يومها :
“مستعدون في حال اتفاق القوى السياسية أن نجلس بعيدا إذا توافقوا على ذلك”. كأنه قال وعلى لسان ابن زريق البغدادي:
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أحسِن سِياسَتَهُ *****وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ .
لكن بدلا عن ذلك اشعل حربا  ما زالت مستعرة  فاضحى كل من يعيش في مدن العاصمة الثلاث يطلب عينا من جاره  كي يبكي احبته الذي فقدهم في حرب البرهان على حميدتي او حرب حميدتي على البرهان لا فرق .
وأجابه جاره على لسان العباس بن الأحنف قائلا :
مَن ذا يُعيرُكَ عَينَهُ تَبكي بِها *****أَرَأَيتَ عَيناً لِلبُكاءِ تُعارُ
لان الجار  كان مكلوما باحد افراد أسرته ايضا . وتابع  المواطن الاخير حديثه عن البرهان على لسان عمران بن حِطّان
واصفا جوهر البرهان الحقيقي  بقوله :
ملَكَ النفاقُ طباعَه فتَثَعْلَبا *****وأبى السماحةَ لؤمُهُ فاستكلبا
وعندما سمع احد المواطنين تهديد حميدتي بقتل البرهان لم يصدق المواطن ذلك رغم ان التهديد صدر عن سفاح دارفور والجوار فعلق هذا المواطن على لسان ابن زيدون قائلا :
زَعَمَ الفَرَزدَقُ أَن سَيَقتُلُ مَربَعاً ***** أَبشِر بِطولِ سَلامَةٍ يا مَربَعُ
وتابع المواطن على لسان ابي العلاء المعري قائلا :
عَجِبتُ لِلمالِكِ القِنطارَ مِن ذَهَبٍ ***** يَبغي الزِيادَةَ وَالقيراطُ كافيهِ
وَأَينَ ما حازَهُ قارونُ من ذَهَبٍ ****وَأَينَ عادٌ وَشدّادٌ وَقَحطانُ
أَتى عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ **** حَتّى قَضوا فَكَأنّ القَوم ما كانُوا
لكن هناك شك كبير في ان يتعظ حميدتي .
وفي السجن كان البشيريردد على لسان القروي :
من كان يرضى بالهوانِ لشعبهِ ***** لا بد أن يَرْضَى الهوانَ لنفسِهِ
اما عن فلوله فقد خاطبهم احد المواطنين  على لسان ابراهيم اليازجي :
فَلَيسَ يُدرى لَكُم شَأنٌ وَلا شَرَفٌ  *****  وَلا وجودٌ وَلا اِسمٌ وَلا لَقَبُ
اما ماذا عن قحت اي قوى الحرية والتغيير فرع الهبوط الناعم فقد نادهم ضمير اهل السودان على لسان ابراهيم اليازجي بقوله :
ألِفتُم الهون حَتّى صارَ عِندَكُمُ   ***** طَبعاً وَبَعضُ طِباعِ المَرءِ مُكتَسَبُ
وَفارَقَتْكُم لِطول الذُلِّ نَخوَتكُم  ******  فَلَيسَ يُؤلِمُكُم خَسفٌ وَلا عَطبُ
لا تَبتَغوا بِالمُنى فَوزاً لِأَنفُسِكُم *****  لا يُصدقُ الفَوزُ ما لَم يَصدُقِ الطَّلَبُ
وعن شبهة علاقتهم  بحميدتي  ابلغهم :
وَحُكَّم العِلجَ فيكُم مَع مَهانَتِهِ   *****  يَقتادكُم لِهَواهُ حَيثُ يَنقَلبُ
اما عن قحت اي قوى الحرية والتغيير فرع اعتصام الموز والاطايب فلم يتوجه اليهم ضمير اهل السودان مباشرة لما يعتريه من قرف منهم لكن وصفهم على لسان ابراهيم اليازجي بقوله :
سِلاحَهُم في وُجوهِ الخَصمِ مَكرَهُمُ*****  وَخَير جُندِهُم التَّدليسُ وَالكَذبُ
لا يَستَقيمُ لَهُم عَهدٌ إِذا عَقَدوا *****  وَلا يَصحُّ لَهُم وَعدٌ إِذا ضَرَبُوا
وفي المقابل كانت مريم الصادق تشكو حظها فتقول على لسان بهاء الدين زهير:
واحَسرَتاهُ لِعُمرٍ ضاعَ أَكثَرُهُ *****وَالوَيلُ إِن كانَ باقيهِ كَماضيهِ
اما الحزب الشيوعي فشرح حالته على لسان  محمد مهدي الجواهري
لم يبق عنديَّ ما يبتزه الألمُ ******حَسبي من الموحشاتِ الهمُّ والهرَمُ
وعن تحالفه مع حزب البعث تابع قائلا على لسان  دعبل الخزاعي :
قومٌ إذا جَالَسْتهم ***** صَدِئَتْ بِقُرْبِهِمُ العقول
اما لجان المقاومة ، ثوار ديسمبر رغم ما بذلوه من تضحيات ورغم تقانيهم وحبهم للسودان وأهله ونتيجة لسلبيتهم أضاعوا فرصة التغيير حيث ابلغهم ضمير السودان معاتبا وايضا على لسان ابراهيم اليازجي :
باتَت سِمانُ نِعاجٍ بَينَ أَذرُعِكُم *****  وَباتَ غَيركُم لِلدُّرِّ يَحتَلِبُ .
ونسأل هل هذه اللوحة الشعرية وهي بأية حال أفضل من نثر الكثيرين اتت في الوقت المناسب ؟ بالتأكيد لا .
نحن نحترم كل جلساء ست الشاي في زمن السلم  وننحني امام كل ستات الشاي اما في زمن الكارثة في زمن هيجان البرهان وحميدتي ، علينا المساهمة في صياغة رؤية واقعية لوقف الحرب ‘علينا المساهمة بشكل عملي على بلسمة جراح الضحايا كل حسب استطاعته ، لا ان نبقى نقرع طبول القدح والذم او  تبادل اللعنات على الجيش او الدعم السريع هي حرب لعينة واللعنة على كل من يشارك فيها .
كان الهدف من ثورة ديسمبر  ازاحة  دكتاتورية البشير وجماعة الاخوان المسلمين التي جثمت على صدر اهلنا طويلا وحولت بلدنا الى قرية نائية ، علينا ان لا نفقد اتجاه بوصلة التغيير وان نبقى كلنا سودانيون عدا اولئك الاوغاد .

 

تعليق واحد

  1. نحن الذين بحثنا عن التغيير والصراع هو العامل الأهم و السبب الأول في إحداث سنّة التغيير.
    والتغيير يسبقه التدافع والخصام من اجل تداول المواقع حتى بين الخيرين .
    ” وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ + إن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ”
    لكن قدر السودان ان يكون الصراع بين شر متمثل في شخص “البرهان” وشر مستطير متمثل في عائلة “ال دقلو” وكان قدرنا ان نساند واحد من الاشرار وقد تجرعنا مساندة “البرهان” لانه يمثل الرمزية لجيشنا العظيم..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..