المثقف التائه بين العسكر والدعم السريع: قراءة في واقع الانحياز المضاد

أحمد محمود أحمد
لقد كشفت الحرب الدائرة اليوم في السودان الى أي مدي بات بعض المثقفين السودانيين تنقصهم المعرفة بطبيعة وعناوين الصراع التي أفرزتها الطغمة العسكرية من جهة و المليشيات من الجهة المقابلة.. و قد ظهر عبر هذه المرحلة نمط يمكن أن نطلق علية نمط الانحياز المضاد عند المثقفين ، إذ لا يدعم المثقف إتجاها بإعتباره الأجدى و الأكثر قابلية بإتجاه بوصلة التغيير، إنما هو فقط يقف بالضد من طرف ضد طرف آخر، في حين ان الطرفين يعتبران خارج دائرة التغيير المطلوب مستقبلا و هما العسكر و قوات الدعم السريع… و ضمن رؤية ضبابية بات البعض داعما للعسكر في هذه الحرب تحت مسميات الجيش الوطني، و بالتالي تعميم حالة زائفة تغيب معها طبيعة و تركيبة الجيش بعد حكم الإسلاميين في السودان، و كذلك يغيب عنها مفهوم العسكراتية لدولة ما بعد الاستعمار والتي يسعي فيها العسكر للسيطرة علي السلطة حسب التربية و الثقافة التي غرسها الاستعمار ، و ذلك عبر فكرة وجود فواصل بين النظامي و هو العسكري عن من هو غير نظامي و هو المدني، و بالتالي أفضلية النظامي من خلال فكرة الضبط و الربط، و بالتالي تحول هذا الإحساس إلى مجال السياسة و الانغماس فيها، و التي و استنادا لذلك التصور فان الغير نظامي-المدني يفتقد القابلية للقيادة في إطار عدم نظاميته، و لهذا فإن مؤسسة الجيش و برغم أهميتها قد سيطر عليها المفهوم الجهادي الصوري الذي غرسه الإسلاميون و كذلك مفهوم العسكراتية الناتج عن المرحلة الاستعمارية مع الاستثناء لمن هم خرجوا من هذا التصنيف و برزت مواقفهم الداعمة لقضيتهم الوطنية.. ضمن هذا الفهم لطبيعة و تركيبة المؤسسة العسكرية يمكن أن نقرأ و نتعرف علي المثقفين الذين يقفون وراء هذه المؤسسة و تحت دعاوي مختلفة و الذين يمكن تصنيفهم في الفئات التالية و هي:
اولًا: الفئة الأولى
تتمثل في الإسلاميين إذا جاز ان نطلق عليهم مثقفين لأن الثقافة هي العقلانية و الإسلامي غير عقلاني، فهو براغماتي ينتهز الفرص، و لهذا يمكن أن نقول أن الإسلاميين يدعمون الجيش ليس تحت عناوين وطنية، انما نتيجة لمواقفهم المسبقة تجاه الدعم السريع الذي خسروه بعد أن كانوا خلف تكوينه، علاوة علي أن الجيش يمكن أن يساهم في عودتهم للسلطة نتيجة لتواجودهم داخله..و هؤلاء لديهم خطة و أجندة واضحة بعكس الفئات الأخري و التي سنتحدث عنها، لكن عبر حديثنا حول هذه الفئة يمكن القول بأنها لا يعنيها أن يكون هنالك سودان أو لا يكون و لكن الأهم عندها أحكام السيطرة و العودة و بكافة الطرق و لهذا نطلق عليها الفئة الغائية- المدمرة.
*الفئة الثانية*
هذه الفئة يمثلها بعض مثقفي الهامش ودون تعميم، وهي فئة مخاتلة تقول بأن في حالة انتصار الجيش فأنه يمكن التعامل معه، و لكن في حالة الدعم السريع فإنه يصعب التعامل مع المليشيا.. وهذا المنظور يغفل حقيقة أن الجيش و في الحرب الدائرة الآن يسلك سلوك المليشيات و أن سيطرة الجيش علي المشهد يعني سيطرة الإخوان المسلمين، وبالتالي العودة للمربع الأول. هذا الاتجاه يمثله محمد جلال هاشم و بركة ساكن، و هو اتجاه يكشف عن ضعف الرؤية لدي منظري الهامش وانعدام البوصلة لدبهم. فهم أحيانا ينادون بتفكيك السودان القديم ومؤسساته من أجل بناء سودان جديد، ولكنهم الآن وضمن رؤية معاكسة وبديلا عن الموقف الصحيح من هذه الحرب يقف البعض منهم مع مؤسسة الجيش مما يبرز التناقض في تفكير وتصورات هذه الفئة. والصحيح أن كل من لديه رؤية موضوعية يسعي إلى المحافظة على مؤسسة الجيش ضمن وقوعها خارج سيطرة الإخوان المسلمين، ولكن في الواقع الراهن ينعدم ذلك الوجود المستقل لهذه المؤسسة وهذا يتطلب النظر في طبيعتها والوقوف ضد الحرب التي تقودها هذه المؤسسة وتساهم في قتل المدنيين. هذه الفئة نطلق عليها الفئة المتناقضة.
*الفئة الثالثة*
وهذه الفئة يمثلها مثقف القوي التقليدية وعلى رأس هؤلاء يأتي مبارك الفاضل وزين العابدين صالح وغيرهم، وهؤلاء بحكم تركيبتهم لا يفهمون طبيعة الصراع وتحكمهم مصالح أو يتسمون بضبابية الرؤية و لهذا يهللون للجيش دون إدراك طبيعة و تركيبة الجيش والقوى المستفيدة من هذه الحرب. هذه الفئة هي الفئة المرتبكة.
*الفئة الرابعة*
هذه الفئة تضم أفرادا من اليسار الطفولي والذين يفتقدون الرؤية الواضحة في فهم مجريات الحرب وبالتالي يسيرون في الزفة محاولين فضح قوات الدعم السريع دون الحديث عن المؤسسة العسكرية. وقد تجد هؤلاء داخل حزب البعث السوداني ويمثلهم محمد وداعة وعلاء الدين أبو مدين، كما قد تجد اتجاه مماثل لدى أفراد في قوى يسارية أخرى. هذه الفئة نطلق عليها الفئة التائهة.
*الفئة الأخيرة*
هذه الفئة يمثلها بسطاء الناس الذين يشاهدون ميليشيات الدعم السريع في الشوارع و هي تقوم ببعض الممارسات غير المنضبطة و لهذا يتمسك البعض منهم بمفهوم جيشنا الواحد و يأمل أن ينتصر الجيش على الدعم السريع دون سؤال عن من سيأتي بعد ذلك.
هذه الفئة هي الفئة الحائرة والتي شتت أفكارها الحرب والتي نجد لها العذر… هذه هي الفئات التي تدعم الجيش، وفي المقابل هنالك المثقف الذي يدعم الدعم السريع سواء لأسباب قبلية أو جهوية او كرها في الإخوان المسلمين، دون إدراك طبيعة وتركيبة هذه القوات التي لا تنسجم مع البناء الديمقراطي، بالرغم من الشعارات التي تطلقها بهذا الاتجاه.. فقوات الدعم السريع تحكمها المصلحة وليست المبادئ، وهي قابلة للتحول وفي أي لحظة بالاتجاه الذي يحافظ على وجودها.. فهذه القوات قبلية الطابع ومهما طرحت من شعارات فهذا لا يغير من حقيقتها وواقعها، ولهذا يبدو الوقوف في صفها هو أشبه بالاصطفاف القبلي ولن يؤدي لنتيجة حتى لو كسبت الحرب… أذن كلا الاتجاهين سواء الداعم للعسكر أو لقوات الدعم السريع يقعان في دائرة الخطأ… أذن ما هو الموقف الصحيح؟
الموقف الصحيح ودون احتكار الحقيقة يرتبط بإدانة اطراف هذه الحرب وعدم دعم أي من الطرفين و التعجيل بإيقافها لأنه لا يوجد منتصر في هذه الحرب.. و للخروج من حيرة المثقف التائه بين حميدتي و البرهان فإن التمسك بالاتجاه الثالث هو المطلوب و هو الموقف الأصيل ضد هذه الحرب و السعي لإيقافها و العودة للمسار السياسي ضمن ترتيبات جديدة…في النهاية فقد كشفت هذه الحرب عن ضعف وعي بعض المثقفين السودانيين والذين يطبلون للحرب دون الوعي بالقوي المتصارعة و هذا يؤكد حالة التيه التي يعيشها بعض المثقفين.
حلو الكلام والتمني ولكن الشعب وصل لفهم اضرب الظالمين بالظالمين لأن هناك طرف غير قانوني وغير صحي وتمثله المليشيات والحركات
أما الجيش فهو نظامي وقومي ويمثل وحدة البلاد برغم التشوهات التي فيه والسعي لادلجته خلال حكم بني كوز
المرحله تتطلب أن يقصي الجيش المليشيا أو يصحح وضعها.
وهذا لن يستطيع المدنين فعله نسبة لعقلية وتفكير قادتها كما أنها معتمده في تكوينها علي اثاث قبلي ومجموعات مرتزقه من خارج الحدود
وليأس الشعب من الاحذاب وكهولها الذين جبلو علي بيع المواقف بمجرد حصولهم علي كرسي في الحكم همهم أن لايكونو خارج التشكيله
فتحربة الاربعه سنين بعد الثوره التي سرقت من اهلها الشباب وتسلط الاحذاب عليهم وعملية إعادة القسمه واختلافهم عليها ساعد الكيزان والفلول علي قيادتهم بحكم تمكينهم في مفاصل الدوله خلال ثلاثون عام
وتعمد الحريه والتغيير علي التغبيش وهرولتهم نحو السفارات ولم يستطيعو أن يلتفو حول قواعد الشباب وخسارتهم لهم ولعب الكيزان علي الانفراط الأمني كل هذه العوامل والكثير من الفشل جعل الشعب ينشغل بالبحث عن الأمن والغذاء
اغلب الشباب علي علم بأنها حرب عبثيه وغالبا ستعيد القوم كلهم اوبعضهم للمشهد
ولكن الشوارع موجوده الا إذا وجهت طائراتهم علينا