اعتذار

يلزمني أن اعتذر!!!
أعتذر لكل عشيرتي من بني الإنسان ، الذين خاضوا غمار الحرب ، أعتذر لهم فردا فردا، أنحني وأطلب العفو والسماح، لأنني لم أفعل لهم شيئا وهم يختبرون ويلات الحرب، أعتذر أنني لم أشاطرهم أحزانهم كما يجب، مهما جنح خيالي، لا شك أنني لم أستطع أن أقيم حجم معاناتهم، لم أستطع أن أفهم ماذا يعني الإحساس بالخوف، الرعب وعدم الأمان!!! ما أثر اصوات القصف والطائرات تحوم محلقة حول رؤوسهم، دوي الرصاص وهدير المدافع وسقوط الدانات،
كيف يكون الأمر عندما يكشر الموت عن أنيابه ويحل ضيفا ثقيلا بغيضا في كل مكان،أعتذر لكل العالم الذي قاسى فظائع الحروبات، أعتذر خاصة وبشدة لأهلي في دارفور، الذين أحيلت حياتهم إلى جحيم، الذين سفكت دماؤهم بدون ذنب، الذين امتهنوا واغتصبت حرائرهم، ودكت منازلهم وأبيدت قراهم، الذين ماتوا بالآلاف بدون جريرة، أعتذر لهم وأطلب السماح، دموعي ونشيجي لأجلهم لم يكن يكفي، فما عانوه لن تعبر عنه كل دموع البشر ولو فاضت أنهارا.
أعتذر، أنحني وأطلب السماح لأهل سوريا، ليبيا والعراق، لأفغانستان، جنوب افريقيا، لكل إنسان في هذا العالم الكبير قد قاسى من الحرب، اختبر الترويع والرعب.
أولئك الذين فقدوا أحبابهم،
أولئك الذين فقدوا أطرافهم،
أولئك الذين فقدوا حواسهم،
أولئك الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم،
والأقسى من كل ذلك أولئك الذين فقدوا الأمان وفقدوا معه أحلامهم،.
إنني أنحني حتى الأرض، وأعتذر أنني لم أقاسمهم همومهم واساهم كما هو مفروض، لم يكن لي موقف قوي في الدفاع عنهم.
أطلب السماح لأنني لم أعرف
أن الحرب قبيحة إلى هذا الحد!!
لم أعتقد أن الحرب موجعة إلى هذا الحد!!
لم أتخيل أنها تغير التقويم وتنهي حقبة زمنية كاملة من حياتنا، أنها تقضي على كل جميل كان قبلها.
أنها تحيل النهار إلى حرائق وتملأ الليل بالكوابيس،،
يا بني جلدتي يا بني الإنسان في كل بقاع العالم دون تمييز بلون أو عرق أو دين، إنني أعتذر وأخبركم أن الحرب قد حولتني إلى كائن آخر، غير قابل تماما للعودة كما كان.
كائن يملؤه الحزن والإحباط والأسى، كتلة من الألم تسير على قدمين،،،،