قراءة في مستقبل غامض

عثمان بابكر محجوب
قال احد الشعراء :
نَصِيبُكَ مِنْ هَذَا الوُجُودِ مَصَائِبُهْ **** وَدَاءٌ تُقَاسِيهِ وَمَوْتٌ تُحَارِبُهْ وَتَقْضِي سنيَّ العمرِ سَعْيًا لِمَطْلَبٍ **** فَتَقْضِي، وَلَا يُقْضَى الَّذِي أَنْتَ طَالِبُهْتكمن مصائبنا في السودان في تلك الكتب العتيقة التي صممت لنا زيا من الصوف في بدء انتشارها. فهل يناسب ثوب الصوف الذي ارتديناه بعد توزيعه علينا من الانصار والختمية مثلا، لا حصرا ،هل يناسب مناخنا الحار؟ ولماذا الصوف في صحراء ان هبت رياحها يغزو غبار الرمال هواءها؟ تلك الكتب العتيقة استوطنت عقلنا فصار متحفا يحوي بقايا جن وعفريت هنا وسماوات سبع وابليس هناك والقادم أعظم، فالعقل دون مختبر يرافقه، يدخل في غيبوبة ،يصبح خارج الزمن، حيث الوهم هو الحقيقة ،حيث يسرح التاريخ في غائيته نحو مطعم الزقوم ،او نحو “وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ”. هي المثيلية التي نرفضها في هذه الدنيا لنلقاها هناك.
“وطهروا السنتكم بالفاسقين” هذا كل ماجنيناه من قراءة الكتب العتيقة لاكثر من الف سنة. نتقاذف الشتائم ، نتبادل الاهانات ونختار من الكلمات اقذعها حتى ان عضة التمساح أخف وطأة من الكلمات التي نختارها في وصف بعضنا البعض .
قال الشاعر:
أيطربني هذا الزمان وكله **** عراك على الدنيا يثور غباره. فالحرب في السودان اليوم ليست من اجل تقدم الوطن وليست من اجل خدمة المواطن فلماذا نطرب ونغني لمن اشعلها او من يشارك فيها ؟
والرابح فيها وصفه الشاعر بقوله :
إذا حاز الغنى أضحى لئيما ****وليس يروقه إلا الخراب وإن أعطى السيادة وفق دهر ****بغى ولبغيِه شاب الغراب وسسيبقى نهج السياسي في السودان تماما كما وصفه الشاعر : وكم سارق أغرى صغيراً بفلسه ****ليغتال ديناراً رآه بعبه عاش أقزام جيش الفلول ، عاش جنجويد العقول. وبذلك عن مستقبلنا زال الغموض .