مقالات وآراء

أدب الاختلاف

نهى محمد الأمين أحمد

الإختلاف بين البشر أمر طبيعي، يحدث في كل زمان ومكان، إبتداء من الأسرة، تحدث الاختلافات بين الزوجين، بين الإخوان، الأب والأم مع أبنائهما، نختلف مع الزملاء في الدراسة او في العمل، أيضا مع الأصدقاء والجيران، والاختلاف أمر طبيعي وصحي ومن الظواهر التي تعكس تمييز الله سبحانه وتعالى للبشر بالعقل، فالتفكير في الأشياء ورؤيتها من خلال زاوية معينة هو الذي يقود للاختلاف في وجهات النظر والآراء، وبالتأكيد، رأي كل منا ينبني على أبعاد شخصية في الغالب الأعم، وتؤثر عليه المعارف، التجارب، والخبرة الحياتية التي تتباين بين إنسان وآخر،

وكما اسلفت هذا أمر صحي ومقبول،

وبإمكان الرؤى المختلفة، وعبر النقاش أن تفضي إلى الاتفاق على وجهة نظر تجمع المميزات وتتفادى القصور لكل هذه الآراء وتخرج بمحصلة تكون مفيدة لجميع الأطراف،

لكني، لاحظت أننا كمجتمع سوداني حساسون جدا في هذا الأمر، ودرجة التقبل للاختلاف ضعيفة جدا عند الكثيرين، وهذا الأدب عندنا معاق تماما وهو ببساطة يعني العداء لدى الكثيرين، ففي السياسة على سبيل المثال، والسياسة بالتأكيد من المجالات التي ترتفع فيها احتمالات الاختلاف لدرجة كبيرة، لاحظت أن النقاش العادي بين المختلفين سياسيا ينتهي به الأمر إلى الشخصنة والاستعداء الشخصي، وينصرف المتناقشون في كثير من الأحيان عن الأمر العام موضوع النقاش، ويتحولون إلى المهاترات والمشادات الكلامية، وتبخيس كل منهما للآخر
ويصبح الخلاف شخصيا بين طرفي النقاش وليس خلافا بين وجهات النظر،

وهنا تكمن المشكلة، فحتى في أوساط المتعلمين، المثقفين، والمطلعين على مجريات الأمور في الداخل والخارج، نفتقر تماما لهذا الأدب، والاختلاف عندنا يفضي إلى عداوة، وعندما تنعدم الندية بين الأطراف، بمعنى أن يكون الاختلاف بين رئيس ومرؤوس مثلا، موظف ومديره في العمل، يتحول الأمر إلى مأساة حقيقية، وحرب ضروس الغلبة فيها للأعلى منصبا، حيث يصب جام غضبه وحقده على من سولت له نفسه أن يخالفه الرأي، ويصبح الأمر تصفية حسابات شخصية وانتقام، ويخسر الطرف الاقل منصبا هذه المعركة غير المتكافئة، حيث تستغل ضده السلطة والنفوذ،

ومثل هذه الأحداث بالطبع تولد الجبن، والتخاذل فينأى الآخرون عن التعبير عن آرائهم المخالفة، كيلا تستعمل ضدهم،
وذلك هو السبب الرئيس في ازدياد أعداد (المطبلاتية)، الذين اختاروا أن يسيروا مع القطيع، لا يتعبون أنفسهم بالتفكير أو تكوين رأي، فرأيهم دوما مطابق لرأي من يملك القرار،،

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..