خيارات القوى المدنية امام قادة الحرب في السودان

مثلما لم يتفاجأ الشارع السوداني في السابق بإعلان قبول طرفي الصراع في السودان بمقترح الذهاب الى جدة للتفاوض بحثا عن تسوية لوقف اطلاق النار او ربما تأسيس علاقة جديدة بين قائدي الانقلاب العسكري الجنرال عبدالفتاح البرهان والجنرال محمد حمدان دقلو .
والمؤسف المبكي ان حرمة شهر رمضان وبشائر عيد الفطر والأرواح التي أزهقت والنفوس التي روعت والثكالى والارامل واليتامى والمفقودين والمشردين والذين فقدو الامن فرحلوا عن بيوتهم طلبا للأمان داخل البلاد كنازحين او خارج البلاد كلاجئين كل هؤلاء لم يكونوا دافعا ولا سببا لقبول الرجلين بالجلوس للتفاوض وحقن الدماء وانما فقط هي الضغوط الخارجية كلمة السر التي افلحت في جعلهما يتنازلان عن كبريائهما ويتركان جنونهما ويذهبان الى جدة ليس راغبين وانما مذعنين .
وها هو الجيش كعادته في المراوغة يدفع في الاعلام بخبر تعليقه للمشاركة في المفاوضات في جدة وهو اشبه ما يكون بإعلان انسحاب كامل من المفاوضات ثم سرعان ما تراجع عن موقفه عندما اهتزت امامه عصى العقوبات الامريكية دونما استحياء وافاد ان وفده مازالت موجود في جدة .
واذا ما نظرنا لمواقف الطرفين في ما قبل الازمة يتضح جليا السباق المحموم بينهما لتامين تذكرة كرسي الحكم في البلاد ولو على جماجم الموتى واشلاء الضحايا . فبالرغم من عدم وجود أي ازمة سياسية تعيق الانتقال للحكم المدني قام طرفي الازمة بقطع الطريق على حكومة السيد عبدالله حمدوك بانقلاب 25 أكتوبر المقيت وعندما توصلت القوى المدنية الى اتفاق اطاري يضع البلاد في طريق الانتقال السياسي مرة أخرى افتعل البرهان حجة توسيع الاتفاق للتملص منه بينما حاول حميتي ان يلعب بورقة مساندة الحكم المدني ورغبته في جلب الديمقراطية لكسب مساندة القوى السياسية الموقعة على الاتفاق له في معركته المؤجلة مع البرهان.
وكأنما يظن ان ذاكرة الشعب السوداني ذاكرة سمكية قد تنسى تلك الماسي والفظائع التي ظل يقوم بها منذ ان كان تاجرا للابل في دارفور , ومرورا بقيادته لمليشيا الجنجويد وليس انتهاء بمشاركته في جريمة فض الاعتصام التي نعيش ذكراها الرابعة هذه الأيام وأخيرا كونه طرفا في حرب أحرقت الأخضر واليابس في السودان.
والسؤال المهم الذي يطرح على اطراف العملية السياسية في البلاد اليوم والذي أتمنى ان يجدوا في انفسهم الشجاعة والحكمة للإجابة عليه هو . يعلم الجميع ان هذه الحرب سوف تنتهي الحرب عاجلا ام اجلا ولكن هل ستواصل القوى المدنية لعب دور الحمل الوديع في المعادلة السياسية ؟ فلقد ظلت مواقفها خلال الأربع سنوات السابقة متمترسة خلف مبدأ التوافق السياسي بين مكونات الحرية والتغيير في برغماتية اقرب الى خيانة مبادئ الثورة وليتها افلحت في وضع أحلام السودانيين في الطريق الصحيح.
ان موقف القوى المدنية الذي لا يجب التنازل عنه اليوم يجب ان يكون محاسبة البرهان وحميتي معا على اشعال هذه الحرب اللعينة ويجب ان يكون المطلب الرئيس هو عدم السماح لهما بالتواجد في أي معادلة سياسية لمستقبل هذه البلاد , ذلك لان كلا الرجلين هما بؤرة للعنف المفرط والقتل وعدم المسؤولية والتي يجب ان ينأ عنها منصب الرجل الأول في الدولة.
ان السودانيين الشرفاء في كل مكان يدعون ويعملون اليوم على إيقاف هذه الحرب اللعينة لعلمهم التام ما هو حجم الكارثة التي تجتاح البلاد من موت ودمار ونزوح ولجوء. اما انصار استمرار الحرب فهم بقايا النظام البائد والإسلاميون الذين يصفقون ليل نهار لهذه الحرب محاولين الركوب على موقف الجيش لتامين العودة لمستقبلهم السياسي عندما تضع الحرب اوزارها .
هؤلاء هم الثورة المضادة التي تعمل على إعادة عقارب الساعة للوراء وتحاول ارجاع البلاد الى حكم الحركة الإسلامية فيجب ان نحذرهم.
ان رسالتي لكل انسان سوداني صالح في القرى والمدن والارياف على امتداد هذا الوطن الحبيب وفي خارج السودان في دول المهجر هي .
اخي الكريم اختي الكريمة اخاطب فيكم روح المستقبل الذي نتمناه لنا ولأطفالنا القادمين , ان معركتنا تتضح معالم نصرتها في رفض هذه الحرب وإعلان انحيازنا التام للحكم المدني في مواجهة النظام العسكري الغاشم . ان الانحياز للحكم المدني لا يعني موافقتنا على إخفاقات المرحلة السابقة , نعم هناك أخطاء يجب ان تصحح , نعم هناك عيوب يجب ان تصوب , ولكن ربما نفق جميعا في ان أدوات الإصلاح السياسي اسهل ما تتوفر في النظام المدني الديمقراطي الحر , اما من يتوهم ان يكون ذلك ممكنا في ظل النظام العسكري الذي سيعقب الحرب فهذا من رابع المستحيلات .
اخي/ اختي ان التاريخ يضع بلادنا الحبيبة الان امام مفترق خطير اما ان نستمر في طريق الانتقال السياسي و الإصلاح الاقتصادي او ان ننتكس مرة اخرة الى أحضان النظام الديكتاتوري العسكري . فلنقولها في كل مكان في الأرياف والمدن و مواقع التواصل الاجتماعي .. لا للحرب لا للحرب لا للحرب .
انني اخاطب فيكم العقل وليس العاطفة , لقد شهدت الأيام السابقة التي تلت اشعال العسكر للحرب تصرفات تبرهن العقلية التي يفكر ويقرر وينفذ بها العسكريين مواقفهم .ان القتال داخل الاحياء واقتحام البيوت والاحتماء بالمدنيين واتخاذهم كدروع بشرية وحالات العنف المفرط الذي رافقه اطلاق للرصاص الحي الذي أدى لاستشهاد وجرح الالاف من أبناء شعبنا الصامد . بالإضافة الى الهبة الإعلامية المنظمة من فلول النظام السابق خير دليل على ان النظام الجديد الذي سيخلف هذه الحرب قد حسم موقفه في الارتكاز على منظومة الإنقاذ الوطني المشئومة كحاضنة سياسية للعبور بها الى مرحلة شرعية المنتصر.
اخي / اختي ان رفضكم للحرب مسؤولية تاريخية يجب تحملها من اجل الحرية والسلام والعدالة التي خرجنا وطالبنا بها في ثورة ديسمبر المجيدة . ان رفضكم للحرب وفاء لدماء الشهداء الذين سقطوا في هذه الحرب اللعينة وإعلان للعالم الحر ان هذه الثورة ليس من السهل اجهاضها او كسرها لان عناصر وجودها ما زالت موجودة ولن يستطيع أي فرد اقتلاعها . انها ثورة شعب معلم وملهم . ارتضت السلمية عن قناعة وايمان وستستمر في طريقها مهما حاول المتخاذلين الالتفاف عليها او كسرها.
ان خياراتنا في مواجهة قائدي الجيش والدعم السريع يجب ان تكون كالاتي .
١/ التصعيد في الشارع السوداني في الولايات والمدن التي ليس فيها مواجهات مسلحة وإبقاء جذوة التظاهرات مستعرة ومستمرة رفضا للحرب من اجل الضغط الداخلي والخارجي على المكون العسكري من الطرفين.
٢/ تكوين حكومة منفى من قبل شخصيات سودانية لها ثقل سياسي و ذات تأثير داخلي ودولي يرأسها الدكتور عبدالله حمدوك شرفيا ويباشر مهامها التنفيذية شخص كفء نائب لرئيس الوزراء يكون مهمتها تمثيل السودان خارجيا ومقاومة هذه الحرب وفضح مؤامرات العسكريين على المستوى الدولي وملاحقتهم في قضايا انتهاكات حقوق الانسان وفي المحاكم الدولية. بالإضافة لكسب الشرعية كممثل وحيد للسودان.
٣/ اعتماد السلمية كخيار مبدئ تتفق عليه كل القوى المعارضة للحرب بالإضافة الى استخدام العصيان المدني والاضراب السياسي كسلاح تصعيدي للضغط على المكون العسكري لإيقاف الحرب .
كلام صحيح ١٠٠٪.
يجب ان تخرج المظاهرات بصورة منتظمة فى كل انحاء السودان رافعة شعار لا للحرب، لا للحكم العسكرى، نعم لتكوين جيش مهنى واحد بعيد عن السياسة و الحياة المدنية. حتى يعرف الطرفان ان الانتصار او الهزيمة لن ترجع اى طرف منهما لحكم السودان.
نعم لابد من تدخل المواطن السوداني في تظاهره سلميه علي ان يجتمع كل المواطنين السودانيين علي يوم واحد يخرجون فيه للتعبير عن رفضهم لهذه الحرب، لان المواطن الان يعاني و بشده من قله السلع الغذائية لان الخرطوم هي من تمد الولايات بهذه السلع الغذائية الاستهلاكية.. الخرطوم هي من توزع رواتب المواطنين في كل ولايات السودان. الخرطوم طبيا هي اول ملجأ ياتي اليه المواطن لطلب العلاج و التطبيب… الخرطوم و الخرطوم.. لابد من الخروج والا لن يكون هنالك مورد للمواطن السوداني ليجد قوت يومه.
المظاهرات في الوقت الحالي غير ممكنه بسبب الانتهاكات التي تصاحب هذه الحرب خاصة من قبل أفراد الدعم السريع وقد تتعرض المظاهرات نفسها لانتهاكات جسيمة.. في تقديري الأمل الوحيد ان تخرج مفاوضات جده بتسوية بين الطرفين قد لا ترضى المدنيين لكنها على الأقل تحقق شعار وقف الحرب مرحليا.
الانتهاكات التي تحدثت عنها حاصله سوا كانت قمنا بالتظاهرات السلمية او لم نقم بها.. لابد من تدخل المواطن السوداني و الا سوف تكبر فجوة المشكلة الحاصلة الان و سوف نكون مثل غيرنا من الدول التي قامت الحرب فيها قبلنا مثل سوريا و اليمن و ليبيا و ها هي الحرب في تدخل في شهرها الثالث لم يتراجع احد منهما عن موقفه.
احسنت في كتابة المقال الذي شرح الحل الامثل للمعضلة السودانية التي نعيشها الان
نعم نحن في معضله كبيره و سوف تذاد سواء اذا لم يتدخل المواطن السوداني لهذه المشكلة للضغط علي الجيش و الدعم السريع . لان من يعاني الان هو فقط المواطن السوداني و لا احد غيره.