
الجمل ما بشوف عوجة رقبته ، مثل هذة الأمثال كثيرة سواء بالعربية الفصيحة أو بلهجاتنا السودانية العامية التي تحدثنا أن الإنسان يظن على الدوام أنه على حق ، وينصب نفسه في الكثير من الأحيان قاضيا يصدر الأحكام على الآخرين ، يوجه الانتقاد ، ويجتهد في تسليط الضوء على العيوب ، وفي ذات الأوان يكون غافلا تماما بقصد أو بدون قصد عن أنه هو شخصيا ، يحمل الكثير من العيوب والنقائص ، وأنه ربما يكون الكثيرون لديهم رأي سلبي عليه ، وأنهم ربما كانوا اكثر لطفا وتفضلا ، لذلك لم يواجههوه بآرائهم هذه ، لأسباب كثيرة بينها أنهم حريصون على علاقتهم به ولا يرودون جرح مشاعره ، أو أنهم لا يعنون كثيرا بالأمر وقد يفضل آخرون النأي بانفسهم عن النقاشات لأنهم لا يحبونها في الأساس خلق الله الملائكة منزهون عن النقائص ، متفرغون لعبادة الله وطاعته وتنفيذ تكاليفه التي يأمرهم بها وخلق الشياطين في أقصى النقيض ، لا يحملون سوى الشر وكان اول شرهم أن أخرج إبليس أبانا آدم من الجنة ، وجاء الإنسان ليحمل في طينته بعض من هذا وبعض من ذاك، يحمل الخير جنبا إلى جنب مع الشر ، والفائز من يتغلب الخير عنده على الشر ، ولكن الوقوع في الخطأ من طبع البشر وكلهم خطاؤون ، وخيرهم التوابون ، ومن أن يحيا حياة متزنة ويحظى بالمحبة من الآخرين ، عليه أن يستوعب جيدا أن هذا ليس بالأمر السهل ، وإرضاء الناس هو رابع المستحيلات ، وقد جبل البشر على الحسد والطمع والميل إلى تذكر النقائص وليس الخير الذي قدمته لهم ، وحتى في نطاق الأسرة وبين الأخوان ، قد تجد من قضى عمره متغربا ليعول إخوته ويتكفل بجميع مستلزماتهم حتى يكملوا تعليمهم ويشقوا طريقهم في الحياة ، وعند إضطراره للعودة قابلوا معروفه بالنكران ، واستثقلوا وجوده معهم بعد أن نضبت موارده وجف معينه الذي طالما سقاهم والنماذج كثيرة لمن زرعوا الخير وحصدوا الشر من أقرب الأقربين،،،
من أراد العيش في سلام ، فعليه ألا ينصب نفسه حاكما وجلادا ، وأن يبدأ بتقويم نقائصه والنأي بنفسه من السلوك غير القويم ، وكثيرا ما قالوا أنه لو سمع أي منا ما يقال عنه وراء ظهره ، ربما قاطع الكثيرين ، لا تحكم على الآخرين من وجهة نظرك الشخصية المستقاة من تجاربك ، فلكل فرد خصوصية الحالة ، التجربة ، الظروف المحيطة بالإضافة إلى تركيبته النفسية والاجتماعية الخاصة ، لا تفسر الأشياء وفقا لأهوائك ، لا تحكم على الناس بدون أن تسمع منهم ، وكن دائما على ثقة أنك لست الأفضل على الإطلاق .