مقالات سياسية

هل دور الحاكم حماية اهل بلده من التشرد، أم شكر من يأويهم

عثمان بابكر محجوب

يدأب بعض الحكام على استغلال المناسبات الدينية اغلب الاحيان بنية خبيثة من اجل تضليل الرأي العام وهناك من يصدقهم باعتبارهم من الصالحين . لذلك لا يمكن تفنيد أكاذيبهم دون التطرق الى النصوص الدينية التي مهما بلغت قداستها يعتريها أحيانا بعض الشبهات والشكوك المنطقية وللتعقيب على ما قاله البرهان في رسالة الاضحى لا بد من مقدمة توضيحية رغم انها قد تزعج بعض المؤمنين لكن ليس في اليد حيلة لاننا ننشد الحقيقة ولا غير سواها خصوصا واننا نعيش في حمام دم لا البرهان الغبي يريده ان يتوقف ولا حميدتي الملعون يريد ذلك أيضا.

والى المقدمة:

اعتبر بعض المفكرين ان العبرة من المحاورة بين الله وابليس هواختباره بين الطاعة والكرامة،اذ طلب الله من ابليس السجود لادم، فرفض ابليس الطلب وبرر رفضه بان النار أسمى من الطين وهو من نار وادم من طين اي انه اعتبر الطلب انتقاصا من كرامته لذلك تمرد على طاعة ربه فتمت معاقبته مع اعطاءه بعض الامتيازات كتعويض . اما المغزى من قصة النبي ابراهيم التي طلب فيها الله منه ذبح ابنه هو بمثابة اختبارله بين الطاعة والاخلاق ،اختارالنبي ابراهيم الطاعة وتنكر للاخلاق لانه ابدى استعدادا لذبح ابنه رغم عدم علمه بالكبش البديل كمكافأة على طاعته . وبعد هذه الحادثة اعتاد النبي ابراهيم على اعتبار الاخلاق مسألة ثانوية فترك ابنه في واد قاحل وطلب من الناس ان ترأف به . “رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ” سورة إبراهيم الاية (37).

وفي خطابه الاخير قال البرهان : “التحية والشكر للدول الصديقة والشقيقة التي ساندت وتساند الشعب السوداني لتجاوز هذه المحنة والشكر والتقدير لدول الجوار وهم يسهلون دخول مواطنينا ويستقبلونهم بلا من أو أذى ويقدمون الدعم والعون الإنساني”

والسؤال هل دور الحاكم حماية اهل بلده من التشرد . ام شكر من يأوي اهل بلده بعد ان ساهم هو نفسه في تشريدهم ؟ انها الطاعة طاعة المشروع الاخواني على حساب الاخلاق .وهذا الموقف” البرهاني” ليس غريبا حيث ان جذروه ممتدة الى عمق الوجدان الاسلامي باعتبار الاخلاق شأن ثانوي امام الطاعة ، ولها ما يبررها في القصص الديني بوضوح.

هذا في امر الاخلاق اما في أمر الكرامة فعلى البرهان ان يتذكر انه هو من عين حميدتي نائبا له ورفعه الى رتبة فريق أول علما ان حميدتي هو مجرد بربري انزله البشير على المؤسسة العسكرية بالباراشوت “المظلة ” وهو الذي خاطب قوات الدعم السريع يوما قائلاً: “لا يُنكِر تضحيات الدعم السريع في حماية السودان إلا مكابر” فإذا بالفريق عبدالفتاح البرهان يزايد عليه وخلال فترة رئاسته للمجلس العسكري العسكري ومباشرة بعد فض اعتصام القيادة الدموي اصدر البرهان مرسوما دستوريا يحمل رقم 34 ألغىبموجبه المادة (5) من قانون “الدعم السريع” لعام 2017، وأعفى “الدعم السريع” من الخضوع لقانون القوات المسلحة بجميع فقراته.

وبذلك تخلى طوعا عن صلاحية دمج “الدعم السريع” ضمن القوات المسلحة وكان حميدتي شريكه في الانقلاب على الحكومة المدنية فنسي البرهان ما كان بينه وبين حميدتي من أجل اطاعة أمر الاخوان بالزامه له ان يكون راس الحربة في مشروع العودة الى الحكم وبذلك يكون باع كرامته واختار طاعة الفلول وبذلك يكون ابليس ارفع شأنا منه .

وفي فقرة اخرى من خطابه قال البرهان :”إن حجم المؤامرة يتطلب من الجميع اليقظة والإستعداد للتصدي للمهددات الوجودية لدولتنا ولذلك نطلب من جميع شباب بلادي وكل من يستطيع الدفاع أن لا يتردد أو يتأخر في أن يقوم بهذا الدور الوطني”

انه يدعو بذلك الى حماية الدولة بشكل صريح وليس حماية الوطن لان وطنه هو احياء دولة الفلول ولا يعنيه السودان كوطن . هو يدعو الشباب السوداني الى مفرمة اللحم البشري التي فتحها مع زميله في الاجرام حميدتي . وبكل بساطة فليعلم علي كرتي سيد البرهان ان دور الدولة هو حماية المواطنين وليس دور المواطن حماية الدولة الا في حالة واحدة هي ان تكون الدولة هي الوطن للجميع وليس للاخوان المسلمين وحدهم .

اما عن حرصه على الانتقال الى الحكم المدني فخبرنا ان الديمقراطية التي يصبو اليها هي ديمقراطية بيوت الاشباح ولا يخفى على أحد ان ديمقراطية ال دقلو هي ديمقراطية مجاز درفور بعد تعميمها على جميع انحاء البلاد .

وفي النهاية نقول بانه لو ان البرهان خاطبنا بالجزء الاول من خطابه الذي قال فيه : “الشعب السوداني الكريم: في هذا اليوم المبارك من هذا الشهر المبارك أسأل الله تعالى أن تعود هذه المناسبة على بلادنا العام المقبل وهي موحدة قوية صامدة وعلي شعبنا الصابر وهو ينعم بالأمن والإستقرار.” واكتفى بذلك كنا ظننا ان البرهان ما زال يمتلك بقايا من ضمير ولم تتكلس نهائيا مشاعره الانسانية اما ما فاه به بتوسع يؤكد ان لا خير فيه ولا أمل.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..