مقالات سياسية

هل ستنهار الدولة السودانية ؟

الصادق أحمد عبيدة / باريس

كل هذه الأحداث المتسارعة في السودان منذ دخول الألفية الثالثة المتمثلة في حدة الصراعالذي أدى الى إنفصال جنوب السودان من جهة، و بدايات النهب المسلح في دارفور كأحدإفرازات التهميش من جهةٍ أخري، مروراً بتكوين الحركات المسلحة ( حركة تحرير السودانالمسلحة- فصيل عبد الواحد محمد نور، حركة تحرير السودان المسلحة – فصيل مني أركومناوي، حركة العدل والمساواة المسلحة ) ، إضافة إلى حركتي تحرير السودان قطاعالشمال ، في جنوب كردفان والنيل الأزرق- جيش عبد العزيز الحلو، وجيش مالكعقار)..وإذا نظرنا أيضا الى مراحل الصراع بين الشمال والجنوب والحرب التي إمتدت منذالعام 1986 حتى إتفاقية السلام في العام 2005 التي مهدت لإنفصال جنوب السودانفي العام 2011 وقيام دولة جديدة إنبترت بتراً من جسد الوطن..

ثم إذا رجعنا الى نشأة وتطور مليشيا الدعم السريع التي ولدتها سفاحاً الحركة الإسلاميةالحاكمة من صلبِ أبٍ عاقرٍ فأتت بها “نُطْفةً” قوامها مجموعة خارجة على القانون،لتصبح “عَلَقَةً” تحرس الحدود ، ثم صارت “مُضْغَةً” الدعم السريع، وأصبحت لها قوةوجاه..الى أن جعلها نظام عمر البشير “عَظْم” يقف الآن في حلق الوطن..

كل هذه الأحداث وما ترتب عليها من تداعيات تثير في النفس عدة أسئلة تتعلق بفناء أوبقاء الدولة السودانية نفسها.. أهم هذه الأسئلة هو :

هل ستنهار الدولة السودانية كما إنهارت دولٌ أخرى؟

1- يرى إبن خلدون أن الدولة تمر بخمس أطوار هي : طور الظفر ، طور الإنفراد بالمجد،طور الفراغ والدِعة، طور الخنوع والمسالمة، ثم طور الإسراف والتبذير.

ويرى أن هذه الأطوار تقوم على أكتاف ثلاثة أجيال:

الجيل الأول يقوم بالبناء والعناية والتعمير..الجيل الثاني يسير على خطى الجيل الأولمن التقليد وعدم التحييد..

أما الجيل الثالث فهو الجيل الهادم.

هذا الجيل الأخير هو الجيل الذي تسقط في عهده الحضارات وتنهار الدول..وهو جيلالنخبة الحاكمة التي تحرص في سلوكها السياسي والأخلاقي على الطمع والترفوالإسراف.. وهي شريحة من الحكام تسحق كل الفئات لأجل مصالحها الخاصة..وهي فئةٌتسيطر وتتحكم في القوة والجيش لقمع معارضيها وكل من تسوِّل له نفسه بالثورة عليها.

وإذا كان الفساد هو أول أسباب السقوط، فإن الإستبداد والإنفراد بقيادة البلاد هو السببالثاني للسقوط، حيث يبدأ الحاكم المستبد في التخلص من أقربائه المنافسين له في الملك،ثم سرعان ما يتملكه الخوف بعد إنكشاف ظهره، ويفقد الثقة في الذين يحيطون به فيضربمعارضيه ويقتلهم ليبقى وحده على الكرسي.

2- قياساً على ما تقدم، فقد عمل الجيل الأخير في السودان على إكتناز الأموال من ذهبٍوفضة بالمعنى الحرفي، وبنى العمارات، وإحتكر الإمتيازات المادية من مناصب إدارية ووزارية على حساب الفئات الأخرى، وإستحوذ على التسهيلات التجارية والإقتصادية،سيما خلال الفترة التي أعقبت إستخراج وتصدير البترول..وسيطر على كل مراكز القوةفي الدولة، وإخترق الجيش الوطني وهيمن على إرادته وقراراته ومصادر تمويله..بل وكونّجيشا موازيًا من (الجنجويد قطاع الطرق ليحمي به نفسه)، ومع ذلك تآكلت أطراف حكمه،بفضل مقاومة الشعب لقمعه وضربه في كل مناطق الهامش. فقد إرتكب المجازر ضد الشعبفي دارفور، وفي جنوب كردفان، والنيل الأزرق وصولاً الى مذبحة فض الإعتصام أمامالقيادة العامة لقوات الشعب المسلحة في يونيو / حزيران 2019.

ولما كادت القوى الوطنية تؤسس لدولة مدنية يتساوى فيها الناس، وتُرَد فيها المظالم تحتشعار ” حرية، سلام، وعدالة”، صادر الجيل الهادم أحلام الشعب في الحرية وفي السلاموفي العدالة. ودبّر إنقلاباً عسكرياً في 21 أكتوبر 2021، وإستولى بقوة الجيش علىالسلطة المدنية التي فتحت للشعب أبواب العالم ونفاجات الأمل..

ثم جاءت الطامة الكبرى في أبريل 2023 فضرب بعضهم بعضا، وتشرد الشعب وخلتالديار ، وخرِب الزرع، وجف الضرع، وأُنتهِك العرض..وبحسب المفوضية العليا للاجئين فقدبلغ عدد اللاجئين السودانيين الى مصر أكثر من 100 ألف لاجئ منذ إندلاع الحرب فيمنتصف أبريل، والعدد نفسه من اللاجئين وصل الى دولة تشاد، هذا فضلاً عن الملايين منالنازحين داخل الولايات.

3- نماذج تفكك الدول :

إنقسمت الهند في العام 1947 الى دولتين مستقلتين هما الهند وباكستان بعد موجاتعنف أودت بأرواح ما لا يقل عن مليوني شخص، ونزوح عشرة الى 12 مليون من السيخوالهندوس والمسلمين.

كذلك إنهار الإتحاد السوفيتي في العام 1991 ، بعد أن تعطل الإقتصاد وفشلت محاولات الإصلاح وبعد الهزيمة في حرب أفغانستان.

وتفككت جمهورية يوغسلافيا الإتحادية الإشتراكية في التسعينات وتشظت جمهورياتهاالست، وأصبحت دولاً منفصلة. وأندلعت الحروب الأهلية في كل من كرواتيا والبوسنةوكوسوفو وصربيا وأهم محطات هذا الصراع هو مذبحة سيربنتسا التي يذكرها التاريخبأبشع المجازر.

ليس بعيداً في الجغرافيا والتاريخ نموذج سقوط الدولة الصومالية.. حيث تجمعت حركاتالمعارضة المسلحة ضد نظام الرئيس محمد سياد بري، وتمكنت الفصائل العشائرية منالإطاحة بنظامه في 1991 ..وفتح ذلك الباب أمام التنافس بين المجموعات المسلحة من أجلالنفوذ مستقلة الفراغ في السلطة والفوضى التي أعقبت الإنقلاب، وأدي إستمرار القتالوالتناحر بين الفصائل المسلحة الى دخول مراقبين عسكريين من الأمم المتحدة في عام1992، وقوات لحفظ السلام، ونسبة لإنعدام دولة مركزية، أُعلِنت الصومال “دولة فاشلة”. ثم توالى التداعي والسقوط.

4- بناءاً على هذه الآراء النظرية في تطور الدول ومراحل حياتها وإنهيارها، وإسقاطاًعلى ما تقدم من نماذج ، هل يمكننا القول بأن السودان يمشي الآن بخطى ثابتة نحوالإنهيار ، أم أن حالة السودان حالة خاصة تحمل عوامل مقاومة السقوط؟

هل إتسعت الرقعة بين أبناء الوطن شرقاً وغرباً ، شمالًا وجنوباً ، كما إتسعت من قبل بينأبناء الوطن الواحد وأدت الى إنفصال الجنوب ؟ هل وصل السودان الى نقطة اللا عودةمتمثلة في عدم القدرة على تجميع شتات هذا الشعب على قلب رجلٍ واحد وبناء دولةمدنية حديثة تسود فيها قيم الأخوة والعدالة وإحترام الآخر؟

وهل النخبة التي تشغل المشهد الآن تعبر فعلا عن آمال وتطلعات هذا الشعب في قيام دولةجديرة بهذا الإسم ؟

المقال لا يحمل إجابات على هذه الأسئلة ، ولا يدعي إمتلاك الحلول، بل يطرح أسئلة ،ليست جديدة، ولكنها أصبحت ملحة.

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. ماف دوله زي دي حا تقوم لانه تتطلب التاليف بين القلوب والحاجه دي متطلبه اننا نكون مسلمين حق الاسلام وطالما في ناس بينظروا للجنوبيين عايثي الفساد في الارض كتالي الكتلا السرقو وحرقو وبيكتلو في اخوانهم على اساس انهم اخواننا واننا المفروض نحترمهم فما حا تقوم … تتطلب انه الناس تتوحد تحت رايه واحده تكون رايه صحيحه قويمه صراطها مستقيم لا اختلاف فيها ولا تفرقه وما فيها احزاب كافره ولا فيها متاجره بالدين ولا فيها طغيان واكراه وبغي وتعدي على الحدود والحرمات … ما فيها موالاة كفار وموالاة ظالمين بيسيئو للنبي عليه الصلاة والسلام زي فرنسا ونادي باريس وغيرهم .. الحاجه دي بتتطلب انه كل من الاتي يراجع نفسه :- لجان المقاومه تدخل قضيه الاسلام الصحيح في ندائها بدون الركون للعاطفه الهدامه ٢- الاحزاب الكافره تسكت باقي الاحزاب تحل احزابها وتضع رؤيه موحده مع باقي الشعب ٣ – الكيزان بالذات والحركه الاسلاميه ما يتاجروا بالدين ٤- القوات المسلحه ما تطغى وما تعتدي على الناس ٥- الناس ما تختلف وما تتنازع الامر … ٦-معرفه انه القضيه ليست قضيه وطن بقدر ما هي قضية امه لا تحدها حدود ولا تفصل بينها حكومات اذا قامت امورنا بتمش اذا ما قامت والناس ركزت على الوطن الجغرافي مفرق المسلمين فعلى كل اكون بلغت رسالتي وانا اصلا مرقت من دياري وبلدي وان شاء الله ربنا بيهديني سواء سبيل هو ولي ذلك والقادر عليه والسلام على من اتبع الهدى ..

  2. نقطتين اخيرات ٧- النقطه رقم *٦* بداخلها نفي للعنصريه الكريهه الطالعه من نفوس بعض الناس .. ٨-الاحزاب الدينيه بالذات معنيه في الخطاب ناس سلفي وتكفيري وصوفي وانصار سنه كلكم تبطلوا الكلام البتعملوا فيه شيوخكم قالوا كلام ما كويس عن النبي وزوجاته وفي حاجات كتيره غلط ومنافيه للقران في السنه بتاعتكم ياريت تبطلوها او سلمو على بلدكم مع السلامه

  3. خطاب الكراهية والاقصاء يمارس من كل الأطراف وحتى النخب عشان كده ما ينفع غير الدعاء عليهم اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين وان شاء بعد الحرب من يتبقى منهم يكون مصيره السجن.. ستين سنة من الاستقلال ما قادرين تديروا خلافاتكم لمصلحة الشعب والوطن الله يقطع دابركم ويشتت شملكم ويرينا فيكم عجائب قدرته.

  4. ( حركة تحرير السودانالمسلحة- فصيل عبد الواحد محمد نور، حركة تحرير السودان المسلحة – فصيل مني أركومناوي، حركة العدل والمساواة المسلحة ) ، إضافة إلى حركتي تحرير السودان قطاع الشمال ، في جنوب كردفان والنيل الأزرق- جيش عبد العزيز الحلو، وجيش مالك عقار).
    كل هؤلاء كشفتهم الحرب اغلبهم وقفوا متفرجين في الحرب حتى وهم يرون اخوانهم يقتلوا . طلاب مناصب فقط . الحلو غدار و نهاز فرص لا امان له . مالك عقار ما صدق ركب مكان الجنجويدي . وحايم ببره ودا مبلغ وغاية حلمه.
    إذا كل ما هناك عبارة عن مصالح خاصة حتى الجنجويد ديل شغلهم خاص وقبلي زيهم زي غيرهم .
    الحل في انفصال دارفور هي سبب كل المصائب .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..