مقالات سياسية

هل من بعد التفكيك اتحاد؟

عثمان بابكر محجوب

خطأ شائع لا يلتفت اليه الكثيرون من الاهل الا وهو توصيفهم لهذه الحرب على انها بين فريقين، بين جنجويد حميدتي من جهة وفلول الحركة الاسلامية من جهة أخرى هذا في احدى القراءات ، وفي قراءة اخرى هي بين الدعم السريع من جهة والجيش من جهة اخرى ، لكن حقائق ما قبل الحرب والوقائع التي نلحظها في زمن الحرب تثبت قطعيا انها ليست حربا بين فريقين ،انما هي حرب ضد فريق واحد هي حرب ضد الشعب السوداني بأسره ، يشترك في تنفيذها فريق متحد هو الثلاثي المأفون: فلول الحركة الاسلامية والجيش والدعم السريع وهذا التعداد لمن يصدق ان هناك فرقا بين الجيش وفلول الجركة الاسلامية او بين الجيش والدعم السريع.

ومن حقائق ما قبل الحرب ان الجيش تربى في كنف حكم التمكين واصبح الذراع اليمنى للحركة الاسلامية التي تعتبر ان كل من يتبعها هو مواطن وغيره اما مرتد او منحرف او خائن وبالتالي فقد هذا الجيش حياديته اتجاه اهل البلاد واصبحت حدود الوطن المولج بالدفاع عنه هي حدودا متحركة لا علاقة لها بالجغرافيا ترسمها الحركة الاسلامية الملعونة وفقا لمصالح حكم التمكين.

واما الدعم السريع فقد تم تأسيسه ايضا من قبل نظام التمكين للعب دور كلب حراسة للبشير وصحبه في حال حدثت صراعات داخل حركة الاخونجية ومشاركة الجيش والاجهزة الامنية في قتل وتشريد ونهب واغتصاب كل من يزعج نظام التمكين في مسيرته البائسة من اهل البلاد .ومع وصول حكم التمكين الى طريق مسدود بعد الانتفاضة الشعبية قررت حركة الاخونجية الالتفاف على ثورة ديسمبر وامتصاص النقمة الشعبية باقصاء البشير عن كرسي الحكم واستبداله باللجنة الامنية ومنح حميدتي شرف خيانة البشير وكانت المكافأة على هذه الخيانة بضمه الى صف الحكام في خلافة البشير .
ونجحت الحركة الاخونجية في تحقيق مبتغاها نتيجة تعطش قوى الهبوط الناعم الى السلطة واستيقاظ شهية الفأر في نفوس قادتها لقضم كعكة النفوذ والثروة على حساب اهل البلاد.

ولم تنطل(ي) هذه الحيلة على شباب الثورة فتابعوا مسيرتهم واتى انقلاب البرهان – حميدتي على الشريك المدني بهدف ارهاب شباب الثورة لكن هذه الخطة فشلت ايضا ولم يبق لهم الا القليل من الوقت لتجرع كأس سم عودة الجيش الى الثكنات وحل الدعم السريع فاشعلوا الحرب من اجل الحفاظ على مكتسباتهم والاستمرار في نهب ثروات البلاد

.وبالتالي كانت الحرب هي الطريق الوحيد وهي في مصلحة حركة فلول الاخوان بشقيها الدعم السريع والجيش لذلك ليس في مصلحة الجيش او الدعم السريع حسمها بل على العكس المصلحة تكمن في استمرارها شرط ضبط ايقاعها لكن هذا الاحتمال بات ضئيلا وتقلص عدد السناريوهات المحتملة الى سيناريو واحد هو سيناريو التفكيك.

اذ بات واضحا ان مختلف اطياف المجتمع السوداني في مختلف الولايات باتوا على قناعة راسخة بان فدرالية الدم والحروب الاهلية وانظمة الحكم الكلامية التي تعاقبت على حكم البلاد لم تعد مجدية حتى ان البعض منهم يتشفى بان مدن العاصمة الثلاث تحولت الى أطراف وهوامش بفعل هذه الحرب والكل يتربص وينتظر انهيار الحكم المركزي بالكامل من اجل اعلان دويلاتهم على انقاضه وهذا ما يفسر سبب انكفاء الحركات المسلحة المنتشرة في طول البلاد وعرضها عن المشاركة في الحرب لان لا مصلحة لها في اعادة الاعتبار الى الحكم المركزي لانها تعتبر انه من الافضل ان تكون الاول في قريتك على ان تكون الاخير في المدينة ومهما جرى من مذابح خلال مسيرة التفتت لن يكون هناك فصل سابع حيث انه بات واضحا ان السودان بالنسبة للدول الاجنبية والعربية هو ثروته وموارده وليس أهله . لقد اوصلنا الاسلام السياسي الى الدرك الاسفل الى قاع لا نهاية له حتى اصبح قول ان الاسلام من اسماء الشيطان قولا مقبولا عند كل من خير تلك الحركات.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..